|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  24 / 11 / 2009                                 ضياء كريم                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من المستفيد من التخلف ؟

ضياء كريم
(موقع الناس)

البلدان المتحضره لا تعرف فقط عدد البشر المتواجدين على اراضيها بل يتعدى ذلك الى ان لديهم احصاءات دقيقه عن عدد وانواع الشجر , اما عدد الحيوانات من القطط و الكلاب و الخدمات التي تتوفر لهم فشأنهم لا يختلف في حسابات الدوله اي الحكومه عن ما يخطط له للبشر , من مراكز رعايه صحيه و خدميه وتربويه و ترفيهيه .

بعد اكثر من ست سنوات من ازالة ذلك الهم الكبير الذي كان جاثماً على صدور العراقيين وتحريرهم من اعتى دكتاتور عرفه التاريخ , حيث هذا الحدث كان يفترض ان يكون حافزاً مهماً لكل العراقيين بالتوجه نحو البناء واللحاق بمسيرة العالم المتحضر الذي كان العراق يعد من اكثر الدول في العالم تخلفا , واذا به وبعد ست سنوات لا زال العراق ليس له مكان في كل الاحصائيات المتعلقه بالتقدم والتطور بالعالم وانما يحتل اماكن متقدمه بالاحصائيات المتعلقه بالتخلف و الفساد بكل اشكاله .

هل يعقل والعالم اليوم يحتوي على كل هذه العلوم و التكنلوجيا والاجهزه المتطوره والاقمار الصناعيه و العراق عاجز عن معرفة العدد الدقيق للبشر على ارضه ! بالتاكيد لا يعقل , اذاً هناك من يستفيد من عدم الاعلان عن عدد الارامل والعوانس والايتام و عدد اولاد المزابل و سكان مدن الصفيح , وعدد المهجرين قسرا في زمن الفاشيه المقبوره وكذلك زمن الطائفيه المقيته الان , بالاضافه الى فضيحة ارتفاع نسبة الاميه بين الشباب خاصة , وليس بالغريب قد يكون يستفاد كذلك من عدم الاعلان عن عدد الكلاب السائبه في المدن والتي اصبحت ظاهره قد تكون اقرب للخيال باعداد هذه الكلاب والتي يقدرها البعض اكثر من كل اعداد كلاب العالم .

خلال الست سنوات من عمر العراق الجديد ذهب الشعب الى صناديق الاقتراع مرتين وانتخب البرلمان و من ثم الحكومه , الحكومه الاولى تشكلت بعد اشهر عديده من نهاية الانتخابات حيث عد وفرز الاصوات في العراق لازال عملية بدائيه والنتائج تعلن بعد عدة اشهر وبعدها اشهر اخرى للاتفاق على رئيس الحكومه ومن ثم الوزراء وهذا اخذ الوقت الباقي من فترة بقاء الحكومه وحل موعد الانتخابات الثاني , وبهذا الحكومه (المنتخبه) لم تستطع بالتاكيد حتى التفكير بعملية الاحصاء السكاني . كل الذي تمكنوا من انجازه في هذه الفتره هو مضاعفة ارصدتهم عشرات المرات في بنوك الخارج و الداخل . ثم بدأت الانتخابات الثانيه وكذلك العد وفرز الاصوات كان بالطرق البدائيه والا لماذا التاخير عدة اشهر للنتائج , وبعده رئيس الحكومه الخاسر رفض الكرسي ان يترك مؤخرته لذلك استوجب تدخل خبراء من الامم المتحده في كيفية عزل الكرسي اللاصق ,(خبراء الامم المتحده دائما يتدخلون لفك كل المعضلات بالتوافق) ومن ثم استوجب الحال حدود سنه اخرى لاختيار اعضاء الحكومه الجديده والذين بعضهم عزلوا من مناصبهم بسبب الانحرافات منها سرقات و منها مشاركتهم باعمال ارهابيه ضد المواطنيين !
اما السنه الاخيره من عمر الحكومه الثانيه فكانت تدور في دوامة التحضير للانتخابات القادمه و المشاركه بالتحالفات الجديده والتي من الممكن ان تمكنهم من الحصول على غالبية الكراسي والتي هي من نوع اللاصق .

النظام السابق ولمدة عقود من الزمن تعمد على نشر الجهل والتخلف من خلال منع كل وسائل الاتصال الحديثه لعموم الشعب وذلك لانه (النظام) كان على يقين من عدم بقائه واستمرار تسلطه في حالة ان الشعب يكون على اطلاع بكل ما يجري من تقدم في العالم خاصة في ما يخص حقوق الانسان والتداول السلمي للسلطه وحق الانسان في ابداء رأيه في ظل الانظمه الديمقراطيه . وفي العقد الاخير من عمر النظام السابق وبالاضافه الى تعمده في ما ذكر سابقا استخدم وسيلة اخرى كرست وضاعفت نسبة التخلف وذلك من خلال تبنيه ما سمي بالحمله الايمانيه , والتي جعلت الطبقات الفقيره و الوسطى وهم غالبية عموم الشعب يتعاملون بالغيبيات في كل امورهم الحياتيه لذلك انتشرت و بكثافه في العراق ظاهرة السحره والمشعوذين , بالاضافه الى التعمد بالترويج للمخدرات وما كان لها من تاثير سلبي على عقلية ومستوى تفكير الشاب العراقي .
مثل هذا الوضع وبالاضافه الى الفقر استغلته التيارات الدينيه التي تشكلت في الغالب بعد سقوط النظام السابق , حيث اصبحت هذه الشريحه هي القاعده الجماهيريه الرئيسيه لمثل هذه التشكيلات وكانت اعدادها (الجماهير) لها التأثير المباشر بفوز القوائم الدينيه بغالبية الكراسي اللاصقه في البرلمان ومن ثم الحكومه , ومن هنا يكون النظام السابق قد قدم خدمه لا تعوض لحكام اليوم وهذا قد يعطي مبرر لرجوع الكثير من اعوان النظام السابق وتسلمهم مناصب مهمه بالدوله حاليا و ذلك للاستفاده من خبراتهم بكيفية تكريس الجهل وزيادة نسبة الاميه وجعل مهنة المشعوذ افضل من مهنة استاذ الجامعه (وهذا هو لوحده مخدر) يضاف الى الانتشار السريع لانواع مختلفه من المخدرات و خاصة في المدارس الثانويه و الجامعات العراقيه .

اذا استمر الوضع على هذا الحال من المؤكد المستقبل يشير الى كارثه انسانيه ستسود العراق , ولكن لا يمكن في زمن الانفتاح والتقدم العلمي و التكنلوجي وثورة المعلومات ان تقبل البشريه بالتخلف , وهذا ما لا تعيه السلطات المتخلفه بل ليس بامكانهم كما في السابق الوقوف ضد هذه الثوره ومنع وصولها الى جميع البشر , وهناك من يعمل وبكل جد للوقوف ضد هذه التيارات المتخلفه وجعلهم في اماكنهم التي تليق بهم اجلا ام عاجلا .



2009-11-24


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter