|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  24 / 2 / 2010                                 ضياء كريم                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شُتُر مُرغ ... وكسب الأصوات

ضياء كريم
(موقع الناس)

النعامه من الحيوانات الغريبه بعض الشيئ , خاصةً من ناحية الحجم إذا صنفت من الطيور, ويُقال إن في زمن ما إستخدمها البعض ايضا لحمل بعض الحاجيات , ومن هنا جاءت تسميتها في اللغه الفارسيه (شُتُر مُرغ) أي بمعنى بعير طائر او بعير دجاجه اذا ترجمت حرفيا للعربيه , لذلك هناك في التراث الفارسي يصفون كل من يُطلب منه القيام بأكثر من وظيفه غير متشابهه لخدمة سيده بل متناقضه الواحده عن الاخرى , يصفونه (شُتُر مُرغ) .

حيث يُقال إن يوماً ما طلب السيد من النعامه التي يملكها أن تبيض , اعترضت النعامه و احتجت كونها (شُتُر) اي بعير , و في مناسبه اخرى طُلب منها حمل بعض الحاجيات لسيدها , امتنعت لكونها (مُرغ) اي دجاجه .
اتمنى على الساده الكرام وطالبي السياده في العراق والمتسابقين على كراسي الحكم والقرار أن لا يصنفون الانسان المطلوب صوته الانتخابي اليوم و الذي تم إسقاط الجنسيه عنه بالوصف المذكور اعلاه .

في هذه الايام وبعد إنطلاق الحمله الانتخابيه تجد هُناك سباق ليس له مثيل في تاريخ الانتخابات العراقيه لممثلي القوائم المتنافسه في الخارج لعقد الندوات و اللقاءات المكثفه مع الجاليه العراقيه المتواجده في كل بقاع الآرض (هذا بفضل سياسة الحكومات المتعاقبه على العراق عبر العقود الأربعه الماضيه ).
مثل هكذا نشاطات لها ما يبررها , حيث التنافس من أجل الحصول على اكبر عدد من الآصوات من الناخبين المتواجدين في بلدان المهجر , ولكن البعض منهم يستخدم أساليب عجيبه ومثيره للاستغراب , منها صرف الاموال بشكل غير معقول , واخرين ممارسات لا تخلو في بعض الاحيان من الجهل وقد تصل الى الشعوذه .

الغريب بالامر جميع هؤلاء يعلم إن الغالبيه العظمى من العراقيين الناخبين قد اُسقطت الجنسيه العراقيه عنهم وبموجب قرار جمهوري من قبل اللانظام السابق , وهؤلاء في الغالب قد حصلوا على مستمسكات تُثبت إنتمائهم لبلدان المهجر المتواجدين فيها منذُ عقود حيث انهم اليوم مواطنون من الدرجه الاولى في هذه البلدان ولهم حق الانتخاب فيها لا بل حتى حق الترشيح , وهذا ما لم يحصلوا عليه (اي الترشيح ) في بلدهم الام .

انا شخصيا واحد من مئات الآلاف من الذين تم إسقاط الجنسيه عنهم , واحمل جواز سفر يُثبت باني مواطن سويدي ومتولد في بغداد , يحق لي وحسب قانون الانتخابات العراقي أن ادلي بصوتي , لوجود كلمة بغداد في الوثيقه غير العراقيه (هنا انا عراقي اصيل وصوتي مهم !) وحينها سأفتخر بغمس اصبعي في الحبر البنفسجي , وقبل أن يجف هذا الحبر و اذهب لكي ابحث عن بطاقة سفر الى بغداد يشترط أن احصل على تأشيرة الدخول للعراق (الفيزا) لكوني غير عراقي ! (شُتُر مُرغ )!!!

بعض هذه القوائم المتنافسه يحاولون الحصول على الآصوات بكل الوسائل المتاحه والمُكلفه بشكل كبير , حيث النقل بين بلد مثل فنلنده والنرويج الى السويد وكذلك بين المدن السويديه البعيده و قضاء ليله واحده في فندق فاخر داخل الدول الاسكندنافيه يُكلف الشخص الواحد ما لا يقل عن الف دولار , فكم هو المبلغ اذا كان هذا الشخص مع جميع افراد العائله و لعدة ايام ؟ هذا ما تفعله احدى القوائم المتنافسه على كرسي السلطه ! ورئيسها هو من كان شريك بالأمس القريب مع الذي أسقط الجنسيه عن غالبية هؤلاء , (شُتُر مُرغ ) .
هل الكرسي هذا يستحق كل هذه المبالغ غير المعروفة مصادرها ؟ وهل الناخب العراقي يمكن أن يبيع صوته بهذه المغريات لتاجر و الذي بالتأكيد قد حسبها سلفا كم سوف يجني حين يجلس على أحد هذه الكراسي ؟

الجاليه العراقيه في الدول الأسكندنافيه تكاد تكون هي الأولى من ناحية العدد نسبة بالجاليات الاخرى من دول العالم , والكُرد الفيليه يشكلون العدد الأكبر بين العراقيين في هذه الدول والذين هم أول من أُسقطت الجنسيه العراقيه عنهم علما هم ومنذ ألاف السنيين سكنوا وسط و جنوب شرق العراق .
قانون الانتخابات العراقي تضمن إعطاء مقاعد سميت (بالكوتا ) للأقليات المتواجده و الأصيله بالعراق كالكلدواشور والصابئه والايزيديه .

الفيلييون لهم خاصيه لا تتواجد عند باقي الشرائح العراقيه الاخرى , وهي الانتماء القومي ككرد والطائفي كشيعه , وهذه الخاصيه يستغلها جميع السياسيين العراقيين و بدون إستثناء في احاديثهم مع هذه الشريحه لكسب تعاطفهم , وخاصة عندما يكون الحديث حول المظلوميه والحقوق . فكيف لا يكون الفيلي محل أنظار القوائم الأنتخابيه المتنافسه المذهبيه و القوميه ؟ الاولى يدعونهم الى التصويت لكي يكونوا من الفائزين يوم القيامه حيث يحلٌون ضيوفا على أهل البيت . أما القائمه الأخرى فيُطالبونهم باعطاء صوتهم الى أبناء جلدتهم حيث الدماء واحده .

الفيلييون طالبوا البرلمان العراقي خلال ايام تشريع قانون الأنتخابات بالموافقه على إعطائهم مقاعد وعلى طريقة نظام (الكوتا) اسوةٌ ببقية الاقليات , ولكن الغريب ان احزاب القوميه الواحده ارادوها اي ( الكوتا ) تُؤخذ من مناطق الوسط والجنوب , أما احزاب المذهب الواحد أرادوها من مقاعد مناطق كردستان كونهم كرد , (شُتُر مُرغ) !!!



24-2-2010

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter