|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  30  / 7 / 2015                                 داود أمين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


بمناسبة الذكرى الثمانين لصدور الصحافة الشيوعية في العراق
 

إعلام قواطع الأنصار خلال فترة الكفاح المسلح

داود أمين

توزعت الحركة الأنصارية للحزب الشيوعي العراقي على عدة قواطع وحسب المحافظات الكردستانية، فمحافظتي دهوك ونينوى كانت تسمى ب(قاطع بهدينان) وأربيل وأقضيتها ونواحيها لها قاطع مستقل هو (قاطع أربيل) ومحافظات السليمانية وكركوك وديالى في قاطع واحد يسمى (قاطع السليمانية)، كما كان هناك قاطع شبه مستقل يجمع المكتب السياسي وقيادة الحزب، والإعلام المركزي، والمكتب العسكري المركزي (معم) وقد أطلق عليه نهاية عام 1985 (فوج المؤتمر الوطني الرابع)، وكان لكل من هذه القواطع الأنصارية إعلامه الخاص، وسأحاول الإشارة لجوانب من النشاطات الإعلامية لكل قاطع .

قاطع بهدينان : تميز قاطع بهدينان الذي يضم محافظتي دهوك ونينوى، بكثرة وتركز الأنصار العرب والكلدان والآشوريين فيه، مع نسبة قليلة من الأكراد خصوصاً من أبناء مدينتي العمادية وبامرني، وربما يعود سبب ذلك لأن مقر قيادة هذا القاطع، هو الأقرب للحدود السورية والتركية، حيث كان هذا القاطع أول من يستقبل الأنصار الملتحقين من الخارج، ومعظمهم من العرب، ويوزعهم على قاطعي السليمانية وأربيل والمقرات القيادية الأخرى كالمكتب العسكري والإعلام المركزي، وكذلك لوجود مدينة القوش ضمن هذا القاطع، وهي المدينة المعروفة بميلها للحزب الشيوعي، ولأنها مدينة القائدين الأنصاريين الرفيقين (توما توماس) مسؤول قاطع بهدينان، و(سليمان إسطيفان) مسؤول المكتب العسكري المركزي للحزب، وقد تأسست أول قاعدة في بهدينان في ( كلي كوماته ) في تشرين الأول عام 1979، وبدأت مجاميع الأنصار تصل القاعدة تباعاً، وبين هؤلاء الكثير من الفنانين والأدباء، الذين وجدوا أنفسهم في بيئة جديدة ، حيث الحياة البدائية والطقس القاسي، وقد فكر عدد من هؤلاء الأنصار لتوثيق وتثبيت نتاجاتهم الأدبية والفنية في منشور متواضع، وهكذا ولدت (النصير الثقافي) في دفتر مدرسي، وصدر منها خمسة أعداد قبل أن تصدر صحيفة (النصير) كصحيفة مركزية للقاطع، ويتشكل مكتب إعلام للقاطع، يكون تحرير وإصدار صحيفة (النصير) أبرز مهامه، بالإضافة لإعداد نشرة إخبارية يومية، تقرأ لجميع انصار المقر كل صباح، والإشراف على تنظيم وإعارة كتب المكتبة، وتحرير وإصدار البلاغات العسكرية لعمليات أنصار القاطع، وتقديم المحاضرات الصحفية والثقافية، والمشاركة في تغطية المعارك الأنصارية، وعمليات السلطة ضد القرى الكردية، حيث كان بعض أعضاء مكتب إعلام القاطع يزورون ويصورون القرى المحروقة ويقابلون جماهيرها وينقلون معاناتهم إلى صحيفة النصير، وقد ساعد مكتب إعلام القاطع الحركة الديمقراطية الآشورية بإصدار العدد الأول من صحيفتهم (بهرا) النور باللغتين العربية والآشورية، كما قامت سرايا القاطع بتكوين مكاتبها الإعلامية وإصدار مجلاتها الدفترية الخاصة والتي إحتوت على مئات المواد الأدبية والفنية، بالإضافة لقيام هذه المكاتب الإعلامية بتقديم مختلف المحاضرات الثقافية والسياسية والصحية والفكرية لأنصارها ، وتنظيم الحفلات وتقديم المسرحيات في الهواء الطلق ، وقد طوّر الشهيد (أبو علي النجار) وسيلة إعلامية جديدة وهامة، عندما لجأ إلى بوسترات الرش صغيرة الحجم ، وبألوان مختلفة وشعارات منوعة ، وكانت تترك في ساحة العمليات العسكرية، وعلى طرق ربايا الجيش، وتوزع على المواطنين لإيصالها للمدن، كما شكل الفوج الأول التابع للقاطع مكتباً للإعلام خاص بالفوج، وقام بالعديد من الفعاليات الثقافية والإعلامية كتنظيم المهرجانات والحفلات وعرض المسرحيات وإقامة المعارض التشكيلية ومعارض الكاركتير ومعارض الصور الفوتغرافية، بمناسبات حزبية ووطنية، وكان يحضر هذه المهرجانات ويساهم فيها المئات من مواطني القرى الكردية والأنصار، كما أصدر إعلام الفوج ديواناً شعرياً للشاعر كامل الركابي، ومجموعة قصصية للكاتب يوسف أبو الفوز، وفي أحد المناسبات بادر إعلام الفوج لإطلاق إذاعة محلية يصل مداها للقرى المحيطة بمقر الفوج في مراني، وبُث من خلالها أخبار الفوج ومقابلات مع الأنصار وأغاني ثورية.

قاطع أربيل : تشكل لهذا القاطع مكتب إعلام في وقت متأخر نسبياً، والسبب يعود لإنشغال أنصار وبيشمركة هذا القاطع بالعمل العسكري بشكل رئيسي، ولتغير مواقع مقراتهم بإستمرار، بسبب الظروف الأمنية والعسكرية الصعبة، ولإعتقادهم أن الإعلام المركزي للحزب ووجود الإذاعة المركزية يفيان بالغرض الإعلامي، ولكن كل ذلك لم يمنع أنصار مقر القاطع من التفكير بإصدار نشرة جدارية ضمت مختلف الموضوعات السياسية والثقافية، وكان لوجود عدد من الأنصار الفنانين أثر في تحقيق فكرة إصدار مجلة دفترية سميت (الخطوة) هنكاو، وقد لعب النصير الفنان (مؤيد) الدور الرئيسي في كتابة وإخراج هذه المجلة، فقد كان هذا النصير خطاطاً ورساماً ورسام كاركتير، وبخط يده الجميل صدر من هذه المجلة أربعة أعداد، وكل عدد بثلاث نسخ، ترسل واحدة منها للإعلام المركزي وترسل الثانية لمفارز القاطع المقاتلة، وتبقى الثالثة يتداولها أنصار وبيشمركة المقر، وكانت هذه المجلة باللغتين العربية والكردية وبعشرين صفحة وغلاف سميك، تزينها مختلف الرسوم والتخطيطات التي أبدع النصير مؤيد برسمها، وقد إستقبلها الأنصار بفرح كبير وكتبوا لها خواطرهم وأشعارهم وقصصهم وموضوعاتهم المختلفة، كما بادر رسام فطري آخر هو النصير (شورش) لرسم صور الشهداء، وتم إرسال صوره للإعلام المركزي لتعود وهي مطبوعة بآلاف النسخ، حيث توزع على السرايا المقاتلة، التي تقوم بتوزيعها على المدن والقرى التي عاش فيها الشهداء أو إستشهدوا فيها، وقد أحدثت هذه الصور أثراً بالغاً في نفوس عوائل الشهداء وأقربائهم ومعارفهم ، ولدى الجماهير عموماً. بعدها تم تشكيل مكتب إعلام للقاطع وكان من مهامه النزول مع السرايا المقاتلة وكتابة قصص العمليات العسكرية وريبورتاجات عنها، وكذلك التعاون مع الإعلاميين القادمين من مكتب الإعلام المركزي، خصوصاً الوحدة السينمائية التي كانت تُعد فلماً عن حياة الأنصار وفعالياتهم ونشاطهم، كما نظم هذا المكتب الكثير من الفعاليات الجماهيرية، خصوصاً في منطقة كافيا، بمناسبات حزبية ووطنية، حيث كانت المعارض التشكيلية وصور الشهداء والمسرحيات والأغاني الثورية والرقصات والدبكات، التي كان يشارك فيها مئات من أبناء المنطقة بالإضافة للأنصار .

قاطع السليمانية : وهو أول القواطع التي تجمع فيها الأنصار، حيث كان مقراً لبدايات الحركة الأنصارية، ولذلك فإن إعلامه كان إعلام الحزب بكامله ففي هذا القاطع صدرت صحيفة (نهج الأنصار)، وبثت الإذاعة المركزية أول برامجها، وتم تنظيم نشرات الأخبار اليومية، ولكن مع الإنتقالات التي حدثت لإعلام الحزب المركزي وتخصص كل قاطع بعمله العسكري والإعلامي نشط القاطع في إصدار نشرات جدارية، ومن بينها نشرة ساخرة عنوانها (دراما) وكذلك تم تكوين فرقة مسرحية قدمت العديد من الأعمال المسرحية للأنصار، كما نظم مكتب الإعلام العديد من المحاضرات السياسية والثقافية (وقد قررنا إصدار جريدة كي تكون لسان حال القاطع وكان أن اصدرنا (ئالاي بيشمركة) والتي كنا نطبع منها (800) نسخة باللغة الكردية و(400) نسخة أخرى باللغة العربية، وكانت الجريدة ترسل إلى منظمتي السليمانية وكركوك، وإلى تنظيم حزبي آخر في بغداد كان مرتبطاً بي، وأصدرنا كذلك كراساً بعنوان (كارواني شهيدان - أي قافلة الشهداء) إضافة إلى إصدار بوستر جماعي ل(120) شهيداً للحزب، على قطعة كبيرة من القماش، إلى جانب إصدارنا العشرات من البوسترات السياسية وصور شهداءنا، وقام إعلام القاطع بدور متميز في إحياء الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب من خلال جملة من النشاطات والفعاليات المتنوعة) (1) .



(1) أحمد باني خيلاني/ مذكراتي/ ص 409 - بغداد. دار الرواد المزدهرة. 2009 .


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter