|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  5  / 1 / 2018                                 د. باسم سيفي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

السفلة والفاشلون يعملون على تأجيل الانتخابات وعدم اقرار الميزانية

د. باسم سيفي
(موقع الناس)

لقد تأملنا خيرا بأن انتخابات مجالس المحافظات ستندمج مع الانتخابات التشريعية القادمة في 12 ايار 2018 حسب قرار مجلس الوزراء الذي يفترض ان يدعم بقرار من مجلس النواب ولكن الاخير ورئيسه يماطلون في ذلك. تجربة السنوات القليلة الماضية افرزت معلومات مهمة عن مواقف وتوجهات ساسة العراق في المواقع والمناطق المختلفة سيكون لها دور مهم في اختيار افضل لممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب، الذي هو اهم مؤسسة عراقية مسؤولة عن انشاء المؤسسات الجيدة التي بامكانها ان تنهض العراق وتضعه على جادة التنمية والعدالة والامان. دحر داعش الهمجي في منطقة بعد منطقة صاحبه بروز قادة ميدانيين مخلصين لقضية شعبهم في هذه المناطق ويتحدون القادة الذين لم يثبتوا القدرة والرغبة في الوقوف بجانب اهلهم بل البعض منهم استغل الظروف لمزيد من الثراء والسرقة او حتى دعم داعش. لذا فان الامل بتحسين نوعية وعمل مجلس النواب في الدورة القادمة كبير جدا، خاصة وان معدن معظم النواب ظهر للعلن من خلال التعامل مع الازمات التي مر بها العراق حديثا وهي الازمة الداعشية، والازمة المالية، وازمة استفتاء استقلال الكرد.

لذا ارى بأن اختيار الشعب العراقي لممثليه في الانتخابات التشريعية القادمة وغير المؤجلة سيحقق قفزة في نوعية وأمانة وحرص النواب في المجلس القادم، والتوجه هو ان يكون في اختيار نواب مِن مَن هم اهل لها في القدرة والنزاهة وخدمة المواطن العراقي في حاضره ومستقبله بغض النظر عن انتمائه المكوناتي والمناطقي والفكري. هذا الامر يرعب الدوائر الخارجية التي ما انفكت عن العمل لافشال التجربة الديمقراطية العراقية منذ سقوط الدكتاتورية وبنفس الوقت يقلق النواب الفاشلين والفاسدين في عدم اعادة انتخابهم وخروج النعمة من بين ايديهم. ليس من الصعب لمن يقرأ ما بين الحروف ويتتبع الدعم المالي واللوجستي العابر للحدود ان يرى تعاون المجموعتين لتأجيل الانتخابات واحداث بلبلة دستورية يفقد فيها الناخب ثقته بالعملية الديمقراطية السلمية في تغيير السلطة ويضعنا في طريق مجهول.

سياسيي المصلحة الخاصة الذين يحاولون خلق امر واقع يعرقل اجراء الانتخابات يعملون ضمن ستراتيجية متفق عليها ضمنيا او رسميا وهي عدم الاعلان بشكل صريح معارضة اقامة الانتخابات في موعدها بل جعلها مشروطة بعوامل لا يمكن تصفيرها مثل سحب السلاح والمظاهر العسكرية من المدن او عودة النازحين الى مناطقهم او اعادة مكاسب الكرد غير الشرعية وبنفس الوقت العمل على دفع الامور نحو عدم الاستقرار مثل تأخير الموافقة على الميزانية العامة او المصادقة على موعد الانتخابات او عرقلة تشريع قوانين وقرارات ضرورية لتنفيذ انتخابات ناجحة وفي موعدها او وضع الصعوبات امام مفوضية الانتخابات في اعداد اجراءاتها الفنية والتقنية والعملية بما يتناسب مع الحلقات الزمنية الضرورية للانتخابات. ففي تأخير او عرقلة اقرار الميزانية العامة نرى من الكرد من يضع شرط اعادة الـ 17% كحصة شرعية للاقليم الكردي وليس النسبة السكانية ومن السنة من يضع شرط تخصيص مبالغ كبيرة لاعمار المناطق السنية ومن الشيعة من يشترط دفع دولارات نفطية للمحافظات المنتجة للنفط. من المؤسف ان نرى بأن الدولة واعلامها ومؤسسات البحوث فيها لا تفضح هذه السلوكيات والدوافع التي تقف خلفها بشكل كاف.

السفلة والفاشلون موجودون في كل المكونات العراقية وتأثيرهم الاكبر يأتي ممن ينتمي للمكون الشيعي رغم ان تركيزهم الاكبر موجود في المكون السني والكردي حيث كثرة السياسيين الذين لم تعد لديهم قاعدة شعبية يمكن ان تبقيهم في مراكزهم وبالتالي مستميتين ولكن بهدوء على تأجيل الانتخابات واحداث فوضى على امل فرج ما يبقيهم في مراكزهم ليستمروا في النهب والفساد ودعم التدهور في السياسة والاقتصاد. لا اظن بأني ابالغ لو قلت بأن اكثر من نصف نواب السنة وثلث نواب الشيعة سيستبدلون في الانتخابات القادمة بمن اثبت جدارته وامانته ميدانيا. السفلة والفاشلون في المكون الشيعي اصبحوا يشكلون بيضة الميزان التي تعمل وفي الوقت المناسب لدعم الاجراءات والالاعيب التي توضع لتأجيل الانتخابات. فعدم حضور جلسة لمجلس النواب لاعاقة قرار، او وضع شروط تعجيزية للموافقة على الميزانية، او المناكفة ضد قانون او قرار، او فبركة اتهامات باطلة، او تسويف اجراءات محاربة الفساد، او عدم محاسبة مقاطعي جلسات مجلس النواب، لا يمكن عزلها عن مؤامرات تأجيل الانتخابات.

اهم الحجج التي تطرح من اجل تأجيل الانتخابات هي وجود كثرة من النازحين والمظاهر المسلحة التي تمنع من اقامة انتخابات جيدة وشفافة، وكلاهما حجج واهية قريبة من قميص عثمان. فأكثر من نصف النازحين عادوا الى مناطقهم ولازال هناك اربعة شهور من الزمن يمكن خلالها من اعادة معظم النازحين المتبقين الى مناطقهم، ثم ما العيب في وضع مراكز انتخابية في مخيمات او معسكرات النازحين. وفي الحجة الثانية، ويقصد بها على الغالب الحشد الشعبي ويطلق عليه مليشيات مدعومة من ايران، نرى وبوضوح النغمة المشتركة مع السعودية وامريكا والغرب. كبغدادي او كظماوي لم ارى في بلدتي مسلحين من الحشد الشعبي يجوبون المدينة ويفرضون الرأي او الاتاوة او يتدخلون بواجب القانون. ثم ان معظم افراد الحشد الشعبي الوطني هم من ابناء المناطق التي حررت من داعش ومن غير الانصاف طرح سحب السلاح من الحشد وليس من العشائر ايضا، وكلا الامرين مستحيلان في المدى القصير، خاصة مع استمرار وجود الدواعش والخلايا الارهابية السرية.

على السياسين النجباء تأكيد ضرورة الالتزام بالدستور واجراء الانتخابات في موعدها والضغط على مفوضية الانتخابات لاكمال اجراءاتها التقنية والتنظيمية والفنية والعملية لنجاح الانتخابات وفي موعدها، وان لا يقفوا متفرجين لما يجري من دسائس لتأجيل الانتخابات وادخال العراق في نفق مجهول لا يلتزم بالدستور ويسمحوا بتطور الاحداث لصالح تأجيل الانتخابات، وأن يعملوا بجدية على تاكيد انجازها في الوقت الذي حدده مجلس الوزراء من خلال المعالجة الحاسمة والفورية لكل الالغام التي يضعها السفلة والفاشلون لتنفجر في الوقت المناسب وتفرض تأجيل الانتخابات ومنها: مماطلة مجلس النواب العراقي في المصادقة على موعد الانتخابات، عرقلة تخصيص الاموال اللازمة لعمل مفوضية الانتخابات، عدم حسم آخر موعد لتشكيل التحالفات الذي يجب ان لا يتجاوز منتصف او 12 كانون الثاني، عدم اصدار التشريعات والقرارات التي تحتاجها مفوضية الانتخابات لانجاز الانتخابات في موعدها، عرقلة اقرار الميزانية العامة لاشاعة عدم الاسقرار. على النجباء ايضا عمل المستحيل لايقاف مهزلة ووساخة انسحاب النواب من الجلسات لمنع اكتمال النصاب في الحضور.

الازمة الداعشية في احتلال 4 محافظات عراقية والازمة المالية بسبب انخفاض اسعار النفط واللتان حدثتا عام 2014 هزتا المجتمع العراقي وطبقة النخبة الحاكمة وافرزت تغيرات ايجابية يمكن ان تؤدي الى بناء مؤسسات جيدة تنهض العراق وتضعه على جادة التنمية والبناء، ولكن ذلك يحتاج الى ماكنة جيدة متمثلة بمجلس نواب تسوده القدرة والنزاهة ويخضع لاصلاحات جذرية وهو ما على الشعب العراقي تحقيقه في الانتخابات التشريعية القادمة. ازمة الاستفتاء الكردي حول الاستقلال عام 2017 عرت طبقة النخبة الحاكمة في كردستان العراق واوضحت فشلها وسوء ادارتها وهي الان (الازمة)، وبعون السياسة الحكيمة للدولة الاتحادية التي تصر على تطبيق الدستور العراقي في الخلافات بين الدولة الاتحادية واقليم كردستان ومنها الغاء المكاسب والامتيازات التي حصل عليها الاقليم رغم عدم دستوريتها، في تفاعل متصاعد يفرز بين الفاسد والنظيف وبين الفاشل والمتمكن وبين الانتهازي والامين يُمكن الشعب الكردي من اختيار قادة حريصين على مصلحة الكرد من خلال الحرص على مصلحة العراق بكل مكوناته وليس على حساب مكونات العراق الاخرى. هذه الفرصة يجب ان لا تفوت من خلال محاولات اعادة بناء البيت الكردي للاستمرار في ابتزاز الدولة الاتحادية وابقاء مكاسب الكرد غير الشرعية، والذي سيكون لصالح بقاء الفاسدين والفاشلين في كردستان.
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter