|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  23  / 8 / 2018                                 د. باسم سيفي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ألا تستحون؟! نفس الطاس ونفس الحمام!

د. باسم سيفي *
(موقع الناس)

الفشل الذي مني به العراق جراء اهمال وفساد الطبقة السياسية الحاكمة وطبقة النخبة خلال الخمسة عشر عام الماضية سبب بطالة كبيرة وسوء معيشة لدى شريحة واسعة من المحرومين وفقر الخدمات الحكومية رغم الاستثمارات الكبيرة، وايضا سبب المحسوبية وتفشي الفساد رغم انشاء مؤسسات لمحاربته. التحسن العام في معيشة معظم الناس نتيجة لزيادة التعيينات والرواتب لاكثر من 5 ملايين مواطن لا يبرر ما رافقه من زيادة فاحشة بالتفاوت بالدخل بين الذين عندهم وبين الذين ليس عندهم، خاصة وان حاجة المواطنين نسبية وسد الجوع لا يكفي فحتى الفقير يحتاج الى الكهرباء والامان والتلفون ومستوى معقول من السكن وخدمات الصحة والتعليم. ان تصل فروقات الدخل بين شريحة من سياسيي وموظفي الدولة وبين المحرومين الى مائة ضعف وان يقبع ثلث العراقيين في خانة الفقر والتهميش جريمة لا يمكن قبولها وستفرز حتما انفجارا يأكل الاخضر واليابس اذا لم يتم علاجها وبسرعة، خاصة وهناك نصف مليون عامل يدخل سوق العمل العراقي سنويا وهؤلاء يحتاجون الى عمل ودخل وليس وعود بالعمل والمستقبل الزاهر.

وجوه معروفة احتلت المسرح العراقي مدعية تمثيل مكوناته والعمل على تحقيق حقوق وسعادة المكون ولكنهم بمعظمهم مثلوا مصالحهم ومصالح الحبربرش الذين حولهم فما ان فازوا بالمقعد النيابي حتى اشتغلوا بزيادة رواتبهم وامتيازاتهم بهدوء عجيب وسرعة صاروخية لا تسبقها اي من القوانين النافعة للبلد، وما ان استوزر وزير حتى جاء بجماعته في الحزب والعائلة. هذه القيادة اتخذت من المحاصصة الطائفية اسلوبا متميزا في ديمقراطيات العالم لقيادة العراق فكان ما كان من ازمة بعد ازمة واهدار الموارد ومن انتشار الفساد في مفاصل الدولة العراقية بتركيبها الافقي والعمودي. في السنوات الثلاثة الماضية انتصر العراق وبشكل راقي على ثلاثة ازمات هي الداعشية والمالية وانتخابات الاستقلال الكردية، وهذا حشد روح الشعب العراقي في تحد النخبة الفاسدة والسيئة الادارة والمطالبة بالاصلاح الجذري وترك المحاصصة الطائفية. المرجعية الدينية ايدت ولا زالت تؤيد الشعب في تحركه فما كان على السياسيين الا الهرولة لاعلان التبرئ من المحاصصة والعمل على محاربة الفساد وسوء الادارة.

والان، اواخر آب 2018، وبعد جر وعر لثلاثة اشهر بسبب ابداعات في التزوير من قبل قوى سياسية ادمنت الفساد صادقت المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات وتحولت المباحثات بين الكتل السياسية لتشكيل الكتلة الاكبر الى ساحة للمحاصصة والابتزازات. اي عاد طاس المحاصصة وحكم اغوات الحمام بسياسة الهيمنة وحك ظهري واحك ظهرك بصورة عجيبة سببها الوطنية الزائدة لدى سائرون والفتح فكلاهما اصبح يقبل بالتحالف الكردي والسني ولكنه يرفض التحالف الشيعي. ألا تستحون من قلة الحكمة هذه التي تعود بنا الى نقطة الصفر في المحاصصة والابتزاز فيعود ابطال المنصات ودواعش السياسة وابطال استفتاء استقلال الكرد الى واجهة المسرح ويفرضون شروطهم ومطالبهم لبقاء امتيازاتهم غير الشرعية دستوريا.

لا أظنكم من محبي امريكا وسياساتها وتصدقون ادعاءاتها بالحياد، ولكنكم تفعلون ماتريده فأي فرحة ستكون لديهم، ولدى المتآمرين على العراق، ان اصبح احدكم بالحكم والاخر بالمعارضة يتربص به لافشاله وحتى لا سمح الله بقوة السلاح وتحدي الدولة ومؤسساتها. ألا تستحون من ان تصبح السفارة الامريكية والسفارة الايرانية ورش عمل لتحديد الوزارة العراقية القادمة. اصحوا بالله عليكم! اصحوا بحق المرجعية عليكم! اصحوا بحق الشعب العراقي عليكم! اصحوا بحق شهدائكم عليكم!

ما العمل؟
لا ارى حلا لهذه المعظلة سوى صحوت كتلة سائرون وكتلة الفتح والعودة الى تحالفهم وتعاونهم لتشكيل الكتلة الاكبر خاصة وانهم اكبر كتلتين في مجلس النواب من ناحية العدة والعدد ولهم الكثير من النواب الجدد النجباء الاوفياء لشعبهم وشهدائهم وكلاهما يدعي الالتزام بتعاليم مرجعية السيستاني الرشيدة التي قالت بوضوح ان تخفضوا رواتبكم وامتيازاتكم وان تفكروا بخدمة الشعب العراقي وتطلعاته لحياة كريمة. لذا اقترح عليكم ما يلي:

اولا، اعلانكم التحالف والتعاون في مجلس النواب في اختيار ومساندة حكومة وطنية مهنية ومتمكنة ولا تخضع لاملاءات الاحزاب والكتل وعدم ترشيح رئيس وزراء منكم بل ترشحون عدد منهم من خارج كتليتيكما وتتركون الاختيار لمجلس النواب.

ثانيا، ترشيح عدد من الاخوة السنة لرئاسة مجلس النواب وثلاثة من كل من الاخوة الشيعة والكرد ليكونوا نواب للرئيس ويترك امر اختيار احدهم للمناصب الثلاثة لمجلس النواب. على ان يكون المرشحين من الوطنيين المتمكنين ونظيفي اليد الذين لم يساهموا في محاولات تفكيك الدولة الاتحادية العراقية.

ثالثا، يقوم مجلس النواب وباقتراح من كتلة سائرون وكتلة فتح بوضع البرنامج الحكومي التي ستتقيد به السلطة التنفيذية القادمة والمكونة من مجلس الوزراء ومجلس الرئاسة. ونظرا لان حالة عدم الرضى لدى المواطنين عن العملية السياسية والساسة بشكل عام تحتاج الى اعادة ثقة محكمة وواضحة ويجب ان تواجه باجراءات جيدة وحاسمة تشير الى جدية قادتنا من السياسيين الذين عليهم ان يعترفوا بتقصيرهم تجاه الشعب العراقي. اعتقد بان البرنامج الحكومي يفترض ان يشمل:

1. تخفيض رواتب وامتيازات طبقة النخبة وبالاخص ما يحصل عليه اعضاء مجلس النواب من رواتب ومخصصات وامتيازات.
2. تشريع قانون لضريبة دخل تصاعدية تسترجع بعض ما تم ويتم سرقته بشكل شرعي وغير شرعي وان تجلب هذه الضريبة خلال سنوات 10% من ميزانية الدولة.
3. تخصيص راتب قدره 200 الف دينار بالشهر لكل العاملين في القطاع الخاص وتشجيع العاطلين عن العمل للدخول في القطاع الخاص.
4. تخصيص 10% من ميزانية الدولة السنوية لدعم كل من القطاع الزراعي والقطاع الصناعي ليحقق كل منهم نمو سنوي لا يقل 10% يمتص البطالة ويحسن مستوى المعيشة والدخل الوطني ومع اعتماد اقل على النفط.
5. ضبط وزيادة موارد الدولة في الرسوم والجباية لخدماتها المتنوعة من كهرباء وماء وصحة وايجار وغيرها على ان تصل الى 10% من ميزانية الدولة خلال عمر الحكومة القادمة.
6. ضبط المراكز الحدودية وجعلها تحت اوامر الدولة المركزية وزيادة وضبط الاستيراد والرسوم الكمركية ورفع يد السلطات المحلية من التدخل في شؤون المراكز الحدودية والجباية فيها. رسوم الاستيراد يفترص ان تزيد عن 10% من قيمة الاستيراد الكلي.
7. محاربة الفساد المالي والاداري ودعم ومحاسبة الاجهزة المختصة بتقليل الفساد في كافة منظومات الدولة الافقية والعمودية من المركز وحتى احتكاك المواطنين بمؤسسات الدولة في الاقضية والنواحي.
8. الدستور العراقي هو اساس التشريعات والاجراءات والاتفاقات الداخلية والخارجية والمحكمة الاتحادية العليا هي الحكم الفاصل عند الاختلاف في التأويل والتي يجب ان تحترم ويلتزم بقراراتها.
9. انشاء علاقات متوازنة مع دول الجوار والقوى العالمية دون هيمنة أي دولة او قوى عالمية على القرار العراقي، وهو الامر الذي اصبح ممكنا مع تصاعد القوة العراقية.
10. اعتماد مبدأ توزيع الموارد والصلاحيات بين الهيكل الاداري للدولة العراقية، بين المركز والمحافظات والاقضية والنواحي، لتحقيق عدالة وكفاءة في تقديم كثير من الخدمات للمواطنين.

رابعا، ترشيح ثلاثة رؤساء للدولة من الاخوة الكرد وترك الامر لمجلس النواب لاختيار احدهم وكذلك ترشيح ثلاثة اسماء من الاخوة الشيعة لرئاسة الوزارة وترك الامر لمجلس النواب لاختيار احدهم ممن هم اهل لها في تنفيذ البرنامج الحكومي. ويجب ان تسري شروط مرشحي رئاسة البرلمان على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

خامسا، يكلف رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء بتشكيل وزارته ضمن المدة القانونية من وزراء وطنيون اكفاء ونزيهين قادرين على تنفيذ البرنامج الحكومي كل في اختصاصه. امر الموافقة عليهم بعد الاستجواب يترك لمجلس النواب وحسب الاجراءات الدستورية.

 

* معد ومحرر مجلة قضايا ستراتيجية
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter