|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  8  / 5 / 2017                                 بشار قفطان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ذكريات
ليالي رمضانية في قصر النهاية

بشار محمد جواد قفطان
(موقع الناس)

ترددت كثيرا في الكتابة عن هذه الواقعة والتي هي ليست من قصص الخيال ، وما زال بعض شخوصها على قيد الحياة .. واتمنى العمر المديد لمن ساهم في ايذائنا ، لغرض تانيب الضمير، اذا كان عندهم ذرة من ذلك الضمير.. لقد مضى عليها ما يقارب الخمسة واربعون عاما ..
هي من القصص المثيرة التي بقيت محفوظة بين اخاديد الذاكرة من زمن النظام الدكتاتوري البغيض وحتى يومنا هذا..
تكتمنا في الحديث عنها منذ وقوعها وحتى سقوط النظام الجائر ...
ولكن كان يجري الحديث عنها بهمس مع بعض الاصدقاء الذين نطمئن لهم ويصرون على سماعها .
في عام 1971 وفي شهر تشرين الاول من ذلك العام وتحديدا يوم الثاني والعشرين منه ، ولا زلت اتذكر اليوم من ايام الاسبوع وهو السبت ، واتذكر انه شهر رمضان ولكني لااتذكر تاريخ اليوم من شهر رمضان .

عصر ذلك اليوم حضر الى دارنا ضابط الامن الموجود في القضاء في تلك الفترة وكان شديد العداء للشيوعيين واصدقائهم او بكلمة ادق لكل من يعتقد انه ضد البعث ونظامه ، وكان يعاونه مفوض امن بنفس الدرجة من العداء . كنت في قيلولة , والوالدة رحمها الله استفسرت عن طارق الباب ، عرفها بهويته انه ضابط الامن .. في هذه اللحظة اجابته الوالدة عدم وجودي في البيت .. عاد من حيث جاء .. حضرت الوالدة غرفة منامي وهي تلطم وتولول استيقظت مرعوبا لحالها ... قالت : وهي تجهش بالبكاء ضابط الامن يريدك ،
اجبتها وعلام البكاء ..؟ ساذهب لهم .! وفي هذا الوقت حضر الوالد رحمه الله الى البيت مصفر الوجه مرتبك قائلا : مفوض الامن جاءني طالبا احضارك .. قلت له انا جاهز بعد ارتداء ملابسي ، للذهاب الى دائرة الامن في القضاء .. وتناولت مصرفي وذهبت الى دائرة الامن برجلي ..

عند دخولي غرفة الضابط وجدته جالسا في مكتبه ، وشاهدت الزميلان ابراهيم مفتاح وشقيقه محمد علي مفتاح الصندوكَ وهما شقيقا الشهيد حسين مفتاح .. بادرني الضابط بالسؤال قبل ان ياذن لي بالجلوس ...اين كنت ..؟ قلت له : كنت نائم في البيت . قال لي : حاولتَ الهروب وفشلت ، لان والدتك انكرت وجودك ..!! قلت له : والدتي لاتعلم اني نائم ، المهم انا الان امامك .. اخذ يتحدث بلهجة التهديد والوعيد وعدم امكانية افلاتنا من الملاحقة والعقاب .. لم ادخل معه في اي نقاش .. بعد ذلك سال عن المواطن جبار الرفاعي الموظف الذي كان يعمل في زراعة الحي . قلت له حاليا موظف في زراعة الشحيمية .. قال : بالامس الجمعة صادفته في المدينة .، سكتً عن اجابته , استدرك قائلا : ماكو شي وانما السيد مدير الامن في الكوت طلبكم تلفونيا ..بالمناسبة توجد لضابط الامن علاقة مع ابرهيم مفتاح ..

في البداية هيأ لنا سيارة الشوفرليت البيكب .بعدها استدرك وطلب من مفوض الامن ايصالنا بسيارة الفولكس واكَنَ الخاصة به ، الى مديرية امن الكوت .. ولابد من الاشارة كان الزميل ابراهيم مفتاح صائم ذلك اليوم من شهر رمضان .
وصلنا مديرية الامن واثناء صعودنا الدرج المؤدي الى المديرية حيث كان مقرها في بناية المحافظة ، استغربنا من مصادفة عساف مفتاح شقيق ابراهيم ومحمد علي .. قلت له عد من حيث اتيت ، وهذه مفاتيح العيادة الطبية التي كنت اعمل فيها ، لانها بقيت في جيب السترة التي ارتديها ... عاد عساف من حيث اتى وادخلنا في غرفة صغيرة كان في داخلها احد المخبرين السريين حسب اعتقادي .. وجد للتعرف علينا لانه اخذ يوجه لنا اسئلة غريبة ,
( بيش يطلبوكم جايبيكم .. ذولة ظلام مجرمين ..) لم يجد منا اذنا صاغية او الدخول معه في اي حديث .. وايضا شاهدنا اثناء صعودنا الدرج المرحوم عيسى نص الدنيا مكتوف اليدين والرجلين ومرمي تحت الدرج ..
ننتظر اذان المغرب ونحن في انتظار عودة مدير الامن الى الدائرة للبت في امرنا حسب ما صار يصلنا من بعض افراد الامن .

بحدود الساعة السابعة مساء حضر مدير الامن الى مكتبه ، جاءنا احد عرفاء الامن ابلغنا قائلا : ( شغلتكم مليوصة .. الان المديرية بصدد توجيه كتاب ارسالكم اللى مديرية الامن العامة في بغداد ) بعد دقائق قليلة استدعانا مدير الامن الى غرفته .. سال ابراهيم مفتاح عن اسمه ووظيفته .. اجابه على اسئلته وكذلك الاخ محمد علي .. بعدها جاء دوري عن اسمي ومدة خدمتي الوظيفية .. ايضا اجبته على اسئلته ، بعدها سالنا عن الشخص الرابع قلنا له : موظف في زراعة الشحيمية ، وطلب اضافة اسمه في كتاب الارسال ، وطلب من موظف الاتصالات استقدامه من الشحيمية الى مركز شرطة العزيزية ، ثم استدرك قائلا سنرسلكم الى بغداد وسترون .. واجبته ان التعذيب سواء في الكوت او بغداد بنفس الوسائل وسنتحمله .. لا ادري كيف خرج هذا الجواب من فمي ولم اعاقب عليه ، اخرجونا من غرفته الى ساحة المحافظة وجيء بسيارة شوفرليت مع ملازم كان مدني واثنان من افراد الحماية واراد ان يضع الجامعة ( الكلـﺑﭴة ) بايدينا .. وعند صعودنا السيارة سحب الجامعات من ايدينا .. ابراهيم لم يتناول اي شيء لغرض الافطار .. ونحن لن نعرف سببا لما يجري بنا ولكني اعرف من خلال متابعتي لجريدة الحزب السرية والبيانات التي يصدرها الحزب عن الملاحقات لرفاقه وانصاره وتصفية البعض في مسلخ قصر النهاية .. والمطالبات باطلاق سراحهم او الاعلان عن مصيرهم ..

وصلنا مركز شرطة العزيزية وترجل الضابط المكلف بايصالنا للاستفسار عن موظف الشحيمية وتلك الاستراحة كانت فرصة للحصول على وجبة افطار لزميلنا الصائم أبراهيم مفتاح .

جبار رفاعي لم يرسل بعد الى العزيزية .. حيث جرى ابراق برقية لاسلكية فورية لغرض ايصاله الى مقربة من جسر الزبيدية .. ورجعنا لاستلامه .. انا والعياذ بالله منها ، قصير القامة ونحيف البنية وكنت ارتدي قاط وعند وصول جبار رفاعي مع افراد الشرطة المكلفين بحمايته كان معه مسدس شخصي وعندما علم افراد الشرطة انه مطلوب للامن سحبوا منه المسدس وعندما طالبهم بوصل استلام رفضوا ولكنه اصر على وصل الاستلام وحصل عليه . الغريب جبار رفاعي جاء بالدشداشة ومن دون سترة وحذاء .. أنبناه على ذلك .. وطمانته عند وصولنا الى بغداد اعطيه سترتي .. ومن الطريف انه اطول مني وبدين البنية
اكتب ذلك بكل دقة وتفاصيل ، نرتدي الملابس الصيفية صرنا نرتجف من البرد الذي عانيناه اثناء السفر وسرعة السيارة المكشوفة ، بالرغم من مساعدة افراد الحماية باحدى بطانياتهم والتي ليس لها اي تاثير من وقايتنا من البرد ..
وصلنا بغداد مديرية الامن العامة التي مقرها في شارع النضال بحدود الساعة العاشرة ، أعطيت سترتي الى جبار وبقيت بالقميص والبنطال ، ادخلنا الى غرفة الخفر في الامن العامة ، جلس الملازم المأمور بنا بين اثنان من الخفر، واعطاهم كتاب الارسال ونحن وقوف على الجدار القريب من الباب ، وهم ينظرون الينا بحقد وانتقام . واحيانا يتجاذبون الحديث مع الضابط الذي اوصلنا ، بعد حوالي الربع ساعة قال لهم الضابط اعطوني وصل استلام بالاربعة ( ويقصد نحن اربعة ) اجابه احد الخافرين قائلا : ( اتوكل استلمنا اربعة جثث ) .. وبقينا وقوفا ونحن نعاني من متاعب السفر وخصوصا البرد الذي تعرضنا له .. بعدها حضر الى الغرفة رجل بدين ابيض الشعر كبير الراس استدعانا الى الساحة ووقفنا قرب سيارة اشبه بسيارات نقل الحلويات .. سالنا : انتم شنو ..؟ قيادة لجنة .؟ قلت له شنو قيادة شنو لجنة ؟

اجابني قائلا: ( لعد عليمن جايبيكم على ... خواتكم) هذا اول الغيث .. ركبنا السيارة وانطلقت بنا ولا ندري الى اين المسير ولكن حدسي كان يؤكد نحن الى قصر النهاية .. وفعلا وصلنا الى منطقة كثرت فيها العوارض ، والمرور عبرها بكلمة ( سر الليل ) دخلنا الى حيث مسلخ الوطنين، استلمنا في تلك الساحة اربعة او خمسة من الافراد وبقينا وقوفا ، وكانت الاسئلة تتوالى علينا .. من منكم عباس محي ؟.. لانعرفه ، من منكم كسب ناجي الاسدي الى حزب البعث .؟ لانعرف ، من منكم ينتمي الى حزب البعث ؟ لا يوجد ..

بعدها ادخلنا الى بهو القصر والى غرفة صغيرة فيها نصف طقم قنفات .. دخل علينا احد الافراد وسالني ( ليش جايبيكم ) قلت له والله ما اعرف من البيت الى هنا ، صفعني على وجهي حسبت شررا تطاير من عيني اليسرى .. واجلسني في مكاني . ومن الطريف ان جبار رفاعي عرفه وسلم عليه ,, لكنه اجابه بصفعة على وجهه وهو يقول من اين تعرفني انت مشتبه .. وهكذا ساد الصمت المطبق في الغرفة .

بعدها استدعي ابراهيم مفتاح وفوجيء بسؤال انه يعمل لصالح القيادة المركزية وعلى صلة مع ناجي الاسدي الذي يعمل كخط مائل في حزب البعث ويزوده بمعلومات عن حزب البعث ، فوقع مغميا عليه .. لانه كان صائم وفوجيء بهذا السؤال , و من اعترف عليه يقف امامه ويؤكد ذلك ، وبعدها استدعي شقيقه محمد علي اصيب بصدمة وذهول عندما شاهد شقيقه ملقيا على الارض ، تصوره فارق الحياة , وكان ايضا نفس السؤال مع جبار رفاعي وقد اضيف له تهمة محاولة اغتيال مدير الامن ضياء العلكَاوي ، وكانت تهمتنا التعاون مع ناجي الاسدي الذي كان بدرجة نصير متقدم في حزب البعث ، وهو من اهالي وسكنة سوق الشيوخ مدينة الناصرية ، وجاء نقلا الى مدينة الحي بوظيفة كاتب في محكمة بداءة الحي ، ونسبتْ اليه تهمة التعاون مع القيادة المركزية والكفاح المسلح . ويرتبط بعلاقة صداقة مع الموظف الصحي عدنان موحان اثناء فترة عمله الوظيفي في سوق الشيوخ ، وعدنان هو من مواليد وسكنة مدينة الحي وليس له اي انتماء سياسي .. وبسبب علاقة الصداقة تم توقيفه وبتاثير ناجي على عدنان اتفقا ان تكون افادتهما موحدة ازاء من يكون اتهامهم .. فنسبت الى جبار رفاعي محاولة اغتيال مدير الامن في الكوت كما ذكرت ، اثناء تلبية دعوة وليمة عشاء عند ناجي الاسدي .. وكذلك تصفية بعض رموز حزب البعث في المدينة ، هكذا جرى التحقيق مع جبار رفاعي .. وبعد ذلك جرى استدعائي امام الهيئة التحقيقية التي كانت برئاسة مدير الامن العام ناظم كَزار ، وبحضور علي رضا باوة عرفت ذلك فيما بعد .

اثناء التحقيق كان يقف خلفي جلاد مربوع القامة ،اطول مني ويأمرني ، ان انظر الى رئيس الهيئة التحقيقية وكان يوجه لي ضربات متتالية على الرقبة ، كان يطلق عليها ( القيسية ) وعندما اقع على الارض انهض بسرعة خشية تلقي رفسة على اجزاء اخرى من جسمي واستمر الحال معي باكثر من اثني عشر ضربة . اصبحت الدماء تسيل من وجهي وركبتي وهذه الضربات نتيجة ما يدلي به كل من ناجي وعدنان من معلومات والاسئلة عن علاقتي مع قاسم غنتاب وابراهيم عريبي واسود عباس وهي علاقة معرفة لاغير باعتبارهم من معلمي المدينة .. ثم سألني نفس السؤال الذي واجهني به مدير امن الكوت مدة خدمتي وعنواني الوظيفي .. وبعدها جمعونا الاربعة في البهو ووجوهنا نحو الحائط وتكثر فيه المسامير البارزة الرؤوس ، ويصفعنا كل من مر من حولنا او يسألنا عن اسمائنا . وفي ظل هذه الحالة نسمع صراخ الموقوفين اوالذين يجرى التحقيق معهم الذي يصاحبه التعذيب .وبين فترة واخرى ندخل غرفة الهيئة التحقيقية نحن الاربعة ويضاف لنا ناجي وعدنان واحيان عدنان ونحن الاربعة .. وكانت تضاف اسماء اخرى لم تكن موجودة معنا .. امثال المرحوم ابراهيم عريبي وقاسم غنتاب واسود عباس .. والتهمة ان ابراهيم عريبي اخرمسؤول لنا , استلمنا من ابراهيم مفتاح في الحزب الشيوعي ، وحقيقة الامر لاصحة لهذه المعلومة جملة وتفصيلا ، لانه في تلك الفترة لم تكن اي صلة للزميل ابرهيم مفتاح مع الحزب .

في احد ليالي الاستجواب للتحقيق وقف خلفي ذلك الجلاد المخمور ومسكني من كتفي يحاول كسر ظهري لاكني اجبته بقسوة عندما قال للهيئة مستهزءا بي ( جبت الكم اليوم واحد يسوة ) فكان جوابي له لماذا ( تستهزيء بي .. ماذا رأيتني عضلاتي المفتولة او طولي الفارع )

ادخلونا نحن الاربعة في ساعة متاخرة من الليل الى قاعة كبيرة مفروشة بالكاربد ، جعلنا احد قطع الكاربد على شكل وسادة ، واخرى كغطاء ونحن انهكنا التعب واخذت اشعر بالام في المفاصل وجبهة الراس والوجه وكنت مصاب ببعض الجروح السحجية .. استيقظنا صباح احد الايام ووجدنا اثنان من المعتقلين معنا وبعد الحديث معهم تعرفنا عليهم انهم سوريي الجنسية واذا ماخانتني الذاكرة من القامشلي .. دخلا الاراضي العراقية سرا من جهة زاخو ، وعند توجههم الى شقلاوة اصيب احدهم بالتهاب الزائدة الدودية واجريت له عملية جراحية في مستشفى شقلاوة .. واثناء ذلك تم القاء القبض عليهم بتهمة التجسس لصالح النظام السوري .. هذا ما حدثانا به . في صباح احد الايام كان موزع الارزاق على المعتقلين اسمه مخلص كان على علاقة في وقت سابق مع الزميل محمد علي وعرفنا عليه وهو من القوميين العرب .. وطلبنا منه توفير السكائر .. وهو طمأننا واذكر قال لنا في القاعة القريبة يوجد احد قادة الفرق العسكرية غاب اسمه عن الذاكرة ، وكنا نسمع نداءات في معظم ساعات النهار وبأرقام .. عرفنا هذه النداءات بالارقام موجهة للمعتقلين في الزنازين لغرض السماح لهم بالخروج الى المغاسل والحمامات لقضاء حاجاتهم .. في احد الايام استيقظنا ولم نجد احد المعتفلين السوريين ، سالنا صاحبه عنه ، قال في ساعة متاخرة من الليل اخذوه من القاعة ..

وفي احد الايام بعدالغروب دخل علينا احد الجلادين وطلب منا ارتداء الملابس والركض خلفه وبالسرعة .. نفذنا الامر واستقر بنا في بهو القصر وامرنا ان تكون وجوهنا نحو الحائط ، واستمتعنا بما حصل لنا كما في الايام السابقة ، ولكن في هذه الليلة امتازت ان عددا من المعتقلين كان يتواجدون في البهو ..

استدعينا الاربعة وبحضور ناجي الاسدي وكان مصرا على ما تحدث به في الايام الماضية.. وكذلك عدنان .. مرة يجمعوننا نحن الاربعة وننفي التهمة عنا ، بقينا على هذا الحال فترة ليست قصيرة في تلك الليلة ، وهنا لابد من وصف الحالة التي كان يمر بها ناجي الاسدي ، انه اسمر البشرة وتحول لونه الى الاصفر هناك نزف واضح من الانف ويرتدي قاط جوزي وهو قصيرالقامة مربوعها ، وكان حافي القدمين يتحرك بشكل غير طبيعي ، من خلال نظراته يبدو انه تعرض الى ابشع انواع التعذيب ، وكان عدنان لايستطيع المشي نتيجة ما تعرض له من التعذيب الوحشي .. وبالنسبة لنا يدخلونا غرفة التحقيق ونفس الاسئلة ، ويخرجونا الى بهو القصر وجوهنا على الحائط ونتلقى الصفعات .

استدعينا الاربعة الى غرفة التحقيق واضيف لنا عدنان وناجي وبقي ناجي مصرا على اقواله باننا على صلة معه في توصيل المعلومات الى الكفاح المسلح والقيادة المركزية .اخرج ناجي من غرفة التحقيق وبقي عدنان ، سأله رئيس الهيئة قائلا : ابني عدنان هذه الاقوال التي ادليت بها لها صحة .. او نتيجة تعذيب تعرضت له .. او ضغوط من احد .؟ هنا قال عدنان جميع ما قلته لاصحة له ولكن ناجي اخبرني عند وجودنا في موقف امن الكوت لاتختلف معي في الافادة .. ولتكون موحدة .. وان ابو حرب سيتفهم ذلك ( ابو حرب ) يقصد ناظم كَزار ..

بعدها ارسلنا الاربعة مع مجموعة من المعتقلين حوالي الخمسة والعشرين الى غرفة مستطيلة وفيها ثلاثة كراسى حديدية ذات مساند وفوق كل كرسي دوش ماء ، ووجدنا داخل تلك الغرفة المواطن السوري موثق اليدين والرجلين في الة تعذيب معلفة في سقف الغرفة . وجيء بـ ناجي الاسدي واجلس على الكرسي الذي على جهة اليمين , هنا صاح احد الوقوف الذين ازدحمت بهم باب الغرفة قائلا : اين وضعته ..؟ هنا صاح ناجي : ابو حرب دقيقة واحدة من فضلك ..تمت تلبية طلبه ووضع فمه في اذن ابو حرب .. بعد ذلك اعيد الى الغرفة واجلسوه على الكرسي الوسط ، وربطت يداه على مساند الكرسي وغطيّ وجهه بكيس ،

دخل علينا احد الجلادين و بيده غدارة ، تصورتها وسيلة لارهابنا ، لانها تشبه لعب الاطفال .. ورماه بصلية من الرصاص .. بعدها دخل اخر وبيده مسدس قائلا : اين رميته .. واطلق عليه ثلاث رصاصات واحدة في جبهته واخرى في فمه والثالثة في صدره .. وساد الصمت المطبق في الغرفة ولا نشم فيها الا ريحة البارود ، والدماء تسيل من الضحية ، والاخر مربوط باداة التعذيب الموجودة وسط الغرفة ونحن قطعنا الانفاس .. ماذا يجري هل نحن في حلم ام يقظة .. او نشاهد فلما من افلام الرعب .. هكذا طويت صفحة حياة انسان لانعرف جريمته , كانت ليلة لم نصدق نجاتنا من هذه التهمة الباطلة بكل تفاصيلها .. صلتي مع ناجي هو احد موظفي المحكمة في الحي ويسكن دار قريبة منا استاجرها في محلتنا .. واما العلاقة مع الزميل عدنان موحان هو زميل مهنة موظف صحي في طبابة الصحة الريفية .واما محمد علي هو زميل الدراسة الابتدائية والمتوسطة .. واما شقيقه ابراهيم يكبرنا في السن وهو معلم .. واما جبار رفاعي موظف من اهالي الرفاعي سكن مدينة الحي وتزوج فيها وعمل موظف في زراعة الحي ونقل في عام 1971 الى الشحيمية ..


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter