|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  1  / 4 / 2017                                 بشار قفطان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الليلة عيد .. عل الدنيا سعيد

بشار قفطان
(موقع الناس)

كل عام في الحادي والثلاثين من اذار.. يتوجب الاحتفال في المناسبة، في ليلة الذكرى، لامجال للتأجيل، ِالا لحصول امر طارئ، يحول دون ذلك.

تجرى تلك الاحتفالات حتى في السجون والمعتقلات، أين ما سنحت الفرصة لذلك، اول احتفال في المناسبة أقيم في سجن بعقوبة عام 1954بالذكرى المجيدة وساهم في احيائه السجناء والشعراء بقصائدهم، واناشيدهم الوطنية، وهكذا استمر التقليد السنوي في الاحتفال.

الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في الظروف السلبية له طعمه الخاص, من حيث الاستعدادات، وتهيئة المكان الآمن، والحفاظ على سريته، بعيدا عن متابعة ومراقبة الاجهزة الامنية، والاجهزة الساندة لها، من المخبرين ضعاف النفوس.

في العام 1971 لم تكن الظروف في مدينة الحي سلبية الى درجة ما، ولكنها غير طبيعية، وخصوصا عند قرب ايام المناسبات الوطنية، حيث تنشط المطاردة واعتقال رفاق الحزب ومناصريه المعروفين عند الاجهزة الامنية.

فشلتُ في تهيئة الاحتفال في دارنا، بسبب تعكر مزاج المرحوم الوالد.. ولابد من مكان اخر بديل.. عيادة احد الاطباء الذين اتخذوا العيادة سكنا.. ويشاركه السكن في الدار احد موظفي المستشفى، وهو منتم الى صفوف حزب البعث، ولا أحد يصدق اننا سنحتفل في هذا المكان.

طبيب الاسنان كان ينوي اقامة وليمة عشاء في مناسبة نقل مدير المستشفى الى العاصمة بغداد، وكان قد حدد موعدها يوم 28 اذار من ذلك العام. ومن الصدف ففي مطلع شهر اذار جاء نقلا الى مستشفى القضاء طبيب اذن وانف وحنجرة من رفاقنا، وهو خريج الاتحاد السوفيتي. التقيت بطبيب الاسنان وعرضت عليه فكرة المشاركة بحفلة توديع للطبيب المنقول، وفي نفس الوقت الترحيب بالطبيب الضيف، في آن واحد، ليلة الحادي والثلاثين من الشهر، والمصاريف تكون مشتركة، وبالمناسبة ان طبيب الاسنان يرتبط بعلاقة صداقة مع محافظ واسط انذاك. وكان المحافظ دوما يحضر الى عيادته لغرض معالجة اسنانه. وكان اثناء الحديث يعرض على الطبيب فكرة الانتماء الى حزب البعث، الطبيب يعتذر عن الانتماء باعتباره رجلا غريبا ومستقلا ولا يريد ان يتدخل في السياسة.

عند اقتراب موعد تنفيذ الوليمة والتهيؤ للاحتفال في المكان المقرر، توافدنا على العيادة مساء يوم الثلاثين من اذار 1971، واما الموظف الذي يسكن في العيادة شأنه شأن جهاز حزب البعث، مكلفين بالحراسة ومتابعة نشاط الشيوعيين، وخرج مع مجموعة من اعوان الحزب الحاكم آنذاك.

كانت معنا شمعة الميلاد وراديو مسجل، وبعض اشرطة الكاسيت. ومن الطريف عند اعلان بدء الحفل كانت ام كلثوم تغني (الليلة عيد عالدنية سعيد) تفاعل جميع الحضور معها بشكل عاطفي وغير طبيعي، مما جعل طبيب الاسنان وضيفه يتذكران، اننا نحيي مناسبة تأسيس الحزب الشيوعي العراقي.. وأحد الرفاق الحضور اعلن صراحة اننا نحتفل بالذكرى السابعة والثلاثين لتأسيس الحزب. وبقينا حتى ساعة متاخرة من تلك الليلة، وسط احياء ذكرى المناسبة بالاغاني الوطنية والعاطفية.. منها ارحم دليلي للفنان ياس خضر. وغيرها من قصائد مظفر النواب. عاد الى الدار الموظف الذي يسكن مع الطبيب، وعندما شاهد الشخوص الحاضرة لم يخف عنا مهمته المكلف بها قائلا: منذ الغروب نفتش عنكم وانتم هنا.. ؟ وثق ذلك بكتابة تقرير.. الله يعلم ماذا كتب فيه..

ادى ذلك الى حضور المحافظ الى عيادة الطبيب معاتبا: دعوناك الى الانتماء الى حزب البعث رفضت، وقبلنا.. ولكنك تحيي حفل الشيوعيين في دار اقامتك!

مازال اثنان من الحاضرين على قيد الحياة تمنياتنا لهما بالعمر المديد، هما جبوري شنون (ابو موفق)، ويحيى باقرالحيدري (ابو زكي)

عاشت الذكرى الثالثة والثمانون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter