|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  9  / 8 / 2015                                 باقر الفضلي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العراق : وقفة مع الحقيقة
(10)

باقر الفضلي

وهل يكفي الحديث عن العراق ، بما يمكن إختصاره في عدة حلقات، كي يمكنها أن تحيط بكل ما سجلته أحداث إثني عشر عاماً بقضها وقضيضها، ليتسنى للمرء، أن يختزل التأريخ بمجرد كلمات تعجز عن وصف الحقيقة بما هي عليه، أو أن يجد تعليلاً مناسباً لتفسير العديد من تداعيات ما يزيد على عقد من السنين من المساويء الإجتماعية والإقتصادية، أو كل ما يعانيه الشعب العراقي اليوم، من ويلات ومن مصائب ما أنزل الله بها من سلطان...!!؟

قد ينصرف الحديث في هذه الحلقة، الى الخوض في وقائع تطفو على السطح السياسي والإجتماعي هذه الأيام، لتفجر صمتاً طال مداه، وتفضح حقيقة، حاول البعض من قادة السياسة العراقية، التكتم عليها، أو تستروا على حجم تداعياتها السلبية، لدرجة التفتيش عن كل المبررات التي لا تصمد للنقاش، من أجل قبولها من قبل الشعب العراقي، وكأنها قدر لا بد منه، وعلى المرء الإعتراف به، وكأن لا مناص من قبوله في جميع الأحوال...!؟

ولكن يكفي المرء هنا، الإشارة فقط الى أمر واحد، ليضرب به مثلاً عن حجم تلك التداعيات الباهضة الثمن، ليدحض به كل التبريرات والتأويلات المتواصلة لتحريف الحقيقة، وصرف الأنظار عن الأسباب التي تقف وراء كل هذا الدمار الذي لحق العراق، منذ الغزو الأمريكي عام/ 2003 وحتى اليوم..!؟

إن مجرد مثال الكهرباء وحده يمكن أن يكون كافياً، لينطق بلغة الحقيقة، لتصمت بعد ذلك أفواه البعض ممن حاول ولا زال يحاول التبرير، والتغطية طيلة أثني عشر عاماً، ليس على العجز والفشل الحكومي، بقدر ما هو إسهام في تنفيذ مخطط إبقاء العراق، رهين قفص الحاجة والضعف والفاقة، رغم كل كنائز الأرض التي تحت قدميه، فتراه كالبعير الذي يحمل التبر، ويعتاش على العاقول..!!؟؟(*)

فهل إن بلداً مثل أمريكا، وهي التي تتبجح ليل نهار، بأنها في غزوها للعراق، إنما كانت متفضلة على الشعب العراقي، بمنحه فرصة التنعم بالديمقراطية والرفاه والرخاء والحرية، تبدو وهي أكثر من عاجزة عن مساعدة العراق في إعادة شبكة الكهرباء الى ربوعه، بعد أن دمرتها في حربها الغشوم، وبعد أن فتحت لكل الطفيليين والمفسدين من العرااقيين ومن مرتزقة الشركات الإحتكارية، نهب خيرات العراق، وإعادته الى عهود الفقر والفاقة والتخلف لما قبل أكثر من قرن من الزمن، حينما كانت الفوانيس التركية تنير الشوارع العراقية يومذاك، ويعم الفساد البلاد، كآفة تأكل كل ما هب ودب..!؟(**)

كيف لبلد ميزانيته السنوية من إيرادات النفط، ما تتجاوز المائة مليار دولار، يقف عاجزاً أمام أزمة الكهرباء، في الوقت الذي تسنم فيه كرسي وزارتها، وخلال عقد واحد من السنين، أكثر من ثلاثة وزراء، وجميعهم لا يدري، كيف وأين ذهبت تخصيصات وزارته من مليارات الدولارات..!؟

كيف لدولة بنظامها البرلماني، وبرئاساته الثلاث، لا يملك إجابات واضحة، عن مأساة الكهرباء، لتبدوا وكأنها باتت اليوم، تلك القشة التي قصمت ظهر البعير، ولكن البعير، الذي اضجره أكل العاقول، لم ينتظر تلك اللحظة التي تقصم فيه القشة ظهره، إذ هب اليوم منتفضاً، متمرداً على ما هو عليه الحال ، وما آلت اليه أوضاعه من سوء المنال، وما أشار اليه السيد بهاء الأعرجي ومسؤول ملف الطاقة، حول الإهدار الذي شمل هذا الملف، أمر يبرر مثل هذا الإنتفاض؛ فعلى سبيل المثال، جاء في حديثه أمام وسائل الإعلام في 3/8/2015 القول: «[[ لقد أهدرت الحكومة السابقة نحو تريليون دولار، وهي عبارة عن 800 مليار دولار موازنات العراق النفطية منذ عام 2004 وحتى 2014، بالإضافة إلى نحو 200 مليار دولار منح ومساعدات». وتابع «لا توجد حسابات ختامية حتى نعرف كيف أنفقت، ولا يوجد إنجاز على الأرض حتى نتلمس تلك الأموال من خلال مشاريع ومنجزات]]»...!!؟(1)

فها هي التظاهرات الجماهيرية للفقراء والكادحين تجتاح شوارع المدن والقصبات العراقية، غير آبهة إن كانت السلطات الحكومية تدرك أو لا تدرك؛ بأن حرية التظاهر، هي ظاهرة مدنية، ولا ترتبط بموافقة مسبقة أم لا، ولا يهم بعد، إن كانت على الصعيد القانوني، يجيزها الدستور المعمول به أم لا يجيز، فالتظاهر نفسه، ليس فقط مجرد موقف إحتجاجي، ضد ممارسة حكومية غير مقبولة، أو تصرف مرفوض من قبل موظف حكومي، أو نقص أو عجز في خدمة مدنية، بقدر ما هي حق إفتراضي وإن لم يتضمنه الدستور إحياناً، لتعلقه بحريات الناس، ويمكن للمواطن، اللجوء اليه إذا وجد فيه الطريق الوحيد أو الأمثل في التعبير عن مشروعية مطاليبه، وبالتالي، فليس مهماً في النتيجة، إن جرى الإعتراف به كحق مشروع للمواطن عند اللجوء اليه من عدمه، ولكن من خلال التظاهر والإحتجاج، يصبح مثل هذا الحق، واقعاً موضوعياً ليجري تثبيته في نصوص الدستور، إن لم يكن مثبتاً منذ البداية، حيث لا يمكن للمواطن الإنتظار في قفص الفاقة والحاجة والخذلان، حتى يتحقق له مثل ذلك الحق..!

لقد عبرت الجماهير العراقية هذا اليوم، وبشكل واضح لا لبس فيه، ولا يحتاج للتأويل أو التفسير، عن حقها الشرعي في التعبير عن إحتجاجها ورفضها المطلق لطبيعة الظروف التي تعيش في ظلها منذ سنوات، وخاصة ما تعلق منها، بحرمانها من الحاجة الى الكهرباء، وهي تدرك جيداً مقدار الهدر الهائل للأموال المخصصة في الموازنات السنوية لتأمينها، ولكن دون جدوى، ناهيك عن النقص الحاد في الخدمات المدنية، وغيرها من الإحتياجات الإنسانية الأخرى الضرورية..!؟؟ (2)

فحق الشعب مكفول أصلا، من خلال نصوص العقد نفسه، سواء كان مكتوباً أو غير مكتوب، فإن أخفقت السلطة فيما إلتزمت به، أصبح حرياً بالشعب أن يطالبها بمغادرة موقعها، وأن ينتخب من يحل محلها، وهو أمر لا يستدعي الكثير من السلطة نفسها، للتلكؤ في المغادرة، أو التشبث بموقعها؛ وهكذا حضارياً، تبنى العلاقة في الأنظمة الديمقراطية، وبعكسه سيجد الشعب نفسه في أجواء من التفرد بالحكم، أو الحكم الفردي والديكتاتورية..!؟
 

 2015/8/7
 

(*) http://www.alaalem.com/index.php?news=%E1%CC%E4%C9%20%C8% 
(**) http://furatnews.com/furatnews/%D9%A2%D9%A5%D9%A0-%D9%85% 
(1) http://www.iraqicp.com/index.php/sections/news/31476-2015-08-03-10-50-57
(2) http://tareekalshaab.iraqicp.de/images/TariqPDF/2015/8/9.pdf
























 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter