|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  27  / 5 / 2015                                 باقر الفضلي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الشرق الأوسط : خطر الإرهاب ووحدة المواجهة..!

باقر الفضلي

الحرب الكونية الإرهابية، التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط، وبالذات منها، الدول العربية؛ مثل سوريا والعراق ولبنان ومصر واليمن، قد أصبحت في مقدمة الأخطار الوجودية التي تواجهها شعوب تلك البلدان؛ ومما يلفت النظر في طبيعة المخاطر التي تواجهها تلك البلدان، أن تلك الحرب تتميز بوحدة قياداتها وتجانس أهدافها، وتحالف من يقف وراءها، وتشابه أساليبها وتكتيكاتها، ووحدة ستراتيجيتها، وتباين قوامها البشري..!؟

إن تلك الحرب، وهي تدخل عامها الخامس في المنطقة، لم تأت من فراغ، أو أنها قد بدأت بالصدفة، أو تقودها جيوش نظامية لدول أخرى حسب؛ إنها حرب أقرب الى حالة الفوضى التدميرية ، التي لا تنظمها قواعد الحرب أو تخضع الى قوانينها، ولا تضبطها قواعد متعارف عليها أو سلوك عسكري معين، ولا تحكمها تقاليد دينية أو عشائرية أو قبلية؛ إنها وبحق، ينطبق عليها الوصف الموسوم ب "الفوضى الخلاقة" Creative Chaos ، الذي أصبح متداولاً كمصطلح في الإعلام، في مطلع عام 2005، [[حين أدلت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة السيدة " كونداليزا رايس " بحديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأميركية , اذاعت حينها وزيرة الخارجية عن نية الولايات المتحدة بنشر الديمقراطية بالعالم العربي والبدأ بتشكيل مايُعرف ب "الشرق الأوسط الجديد " , كل ذلك عبر نشر " الفوضى الخلاقة " في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركية .]](1)

فهذه الحرب تهدف في النهاية الى تشكيل ما يدعى ب " الشرق الأوسط الجديد " ، طبقاً لما إفترضته السيدة كونداليزا رايس، ومن خلفها الأدارة ا|لأمريكية، ومع ذلك؛ فلا يفوت المراقب، المقدمات الأولية لهذا التشكيل، الذي تجسد في مقولة " الربيع العربي" ، والتي بدأت بإحتلال العراق من قبل أمريكا في آذار عام/2003، ولكن ومع مرور الوقت تطورت أساليب تطبيق المشروع الأمريكي المذكور الذي روجت له السيدة كونداليزا رايس، ليتخذ أشكالاً وأساليب أكثر خبثا، إتسمت أخيراً بتشكيل ما يدعى بالتنظيمات الإرهابية، وتحت أسماء مختلفة، والتي يجري تمويلها وإمدادها بكل ما تتطلبه مهماتها لتحقيق تلك الفوضى التدميرية، لوجستياً ومعنوياً وإعلاميا، ناهيك عن أي دعم ضروري لإستمرار ديمومتها في المنطقة، حتى تحقيق الهدف المنشود من المخطط..!!؟؟

المهم في الأمر، واللافت للنظر، إنه ورغم أن تلك الحرب الإرهابية المدمرة، تجري في أكثر من بلد واحد من البلدان العربية وفي وقت واحد، ومن تلك البلدان، من لها حدود مشتركة، مثل سوريا والعراق ولبنان ومصر، إلا أن مقاومتها ومواجهتها لتلك الحرب الإرهابية، كانت في طابعها العام، تمثل مواجهة إنفرادية؛ تفتقر الى خطط مشتركة أو تعاون منسق بين تلك البلدان أثناء المجابهة، وبالتالي فإن كل ما كان يتعلق بالتمدد الذي كانت تحققه تلك التنظيمات الإرهابية، التي تشن هذه الحرب، في أي بلد من هذه البلدان، كان يتحقق نتيجة لإنفرادية تلك المواجهة والمجابهة، كما هو الحال، فيما يتعلق بالتمدد الذي حصل في الموصل والرمادي والحسكه والرقة والقلمون وسيناء، في كل من العراق وسوريا ومصر ولبنان، وليس مستبعداً من الوقوع في سعير نيران هذه الحرب الكارثية، دول مثل فلسطين وتونس وليبيا والجزائر..!؟

إن حرباً بهذه الشدة وبهذه الفوضوية، مدعمة بماكنة كونية إعلامية جبارة، لا يمكن مواجهتها بالجهد الفردي لأي دولة بمفردها، مهما كانت قدراتها وإمكاناتها الذاتيه، فكيف إذا ما تجاوزت مثل تلك الحرب كل حدود المعقول، وتوفرت لها كل أسباب البقاء والديمومة؛ وكيف إذا ما كانت تقف خلفها، دول تتصدر في إمكاناتها العسكرية والمالية والصناعية جميع دول العالم، مثل أمريكا وأحلافها، ناهيك عن قدراتها الجبارة في التطور العلمي والتكنولوجي، وتدفعها مصالحها الإستراتيجية في إعادة تقسيم المنطقة والإستئثار بثرواتها الطبيعية، بل وكيف إذا ما كانت تحيط بالدول المستهدفة، دول تترصد عثراتها وزلاتها، وتشكل حواضن ومصادر تموين ورفد لمقاتلي تلك المنظمات الإرهابية التي تهاجمها...!؟

إن حرباً تلك مقوماتها تستوجب، ليس فقط وحدة الكلمة والتكاتف والتلاحم على الصعيد الوطني حسب، بقدر ماتتطلب تشكيل جبهة متحدة وبواجهة عريضة بين تلك الدول العربية التي تتعرض في الواقع، لكارثة الحرب الكونية المدمرة، مثل العراق وسوريا ومصر ولبنان وغيرها، وذلك من خلال التنسيق المشترك على كافة المستويات المعلوماتية بما فيها الإستخباراتية، والتعاون اللوجستي بمختلف أشكاله، بما يشكل جبهة موحدة متراصة في وجه الإرهاب، ولمجابهة مثل تلك الحرب الكونية المدمرة...!؟

فالحرب الكونية الإرهابية، الدائرة في نطاق الدول العربية المستهدفة، لم تعد تدور من أجل حل نزاعات داخلية أو لحسم خلافات حدودية أو ماشاكل حسب، بقدر ما تستهدف وجود تلك الدول في وحدتها الجغرافية وتماسك نسيجها الإجتماعي، وأصالة تأريخها الثقافي والفولكلوري، وكل ما يمت بصلة الى واقعها الحضاري، فهي حرب كارثية بكل ما تعنيه تلك الكلمات من معنى، أما المستفيد الوحيد من نتائجها، فهو نفسه من خطط لهذه الحرب ومن يواصل إدامتها ليل نهار، ومن يختبيء خلف من يجندهم من أقاصي الأرض وقوداً لإدامتها..!!؟؟

أما ما تسوقه الماكنة الإعلامية المساندة لتلك الحرب، من فضائيات ووكالات أنباء عالمية وصحافة، في محاولة منها لتبرير الحرب الإرهابية التي تتعرض لها تلك البلدان العربية المستهدفة، من إرجاعها لأسباب تلك الحرب الى العوامل والنزاعات الطائفية بين مكونات شعوب تلك البلدان، فهو لا يخرج في حقيقته عن إذكاء مخطط له، لنيران تلك الحرب، وتضليل واسع النطاق للحقيقة، بهدف بث الذعر والفزع في نفوس المواطنين وجرهم الى الإحتراب الداخلي، وصرف أذهانهم عن مصدر الخطر الحقيقي، وزرع بذور الإحباط واليأس في نفوسهم...!!؟ (2)
 

 2015/5/25
 

(1) http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9 
(2) http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/05/25/zakaria-round-table-isis-iraq-syria









 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter