|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  12  / 7 / 2015                                 باقر الفضلي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سوريا: في المواجهة..!

باقر الفضلي

كل الدلائل لا زالت تشير الى أن ما تتعرض له دولة سورية، ومنذ أكثر من أربع سنوات، لا يخرج عن إطار العدوان الغاشم، بكل صوره الغاشمة والبربرية الإرهابية، التي لاتميز بين المستهدفين من ضحاياه، ولا يحكمها عرف أو قانون، ولا حتى عقيدة دينية أو شريعة إنسانية..!؟

فهي لوحدها في مواجهة حرب كونية، يشارك فيها الغريب والقريب، وينكل بأبنائها دون وازع من ضمير، ولا يسعى لنصرتها، والذود عن حياضها، حتى أولئك الذين مدت اليهم يدها في نصرة ومعونة إقتضتها حاجة الدفاع عن الأوطان ، أمام معتد غاشم، وعدو ظالم، فهي اليوم، يتم الإنفراد بها وكأنها كبش الفداء، والجميع من أعدائها، يترقب ذلك اليوم الذي تسقط فيه التفاحة من شجرتها، ليقتسموها..!!؟

ولعل الأغرب في كل ذلك، أن دولة بحجم أمريكا، العضو الدائم في مجلس الأمن، ومن الدول الخمس العظمى المسؤولة، عن حفظ الأمن والسلام في العالم، تجدها وهي في موقف متأرجح بين محاربة الإرهاب، من ناحية، وإستخدامه وظيفياً، بما يخدم مصالحها في المكان والزمان المناسبين من ناحية آخرى، في وقت تدعي فيه وعلى لسان رئيسها السيد أوباما، بأنها لا تملك ستراتيجية خاصة ضد الإرهاب، حين قال:" "ليست لدينا استراتيجية حتى الان" لمحاربة مقاتلي الدولة الاسلامية في سوريا بعد ان ذبحوا صحفيا أمريكيا أمام الكاميرا..!؟(1)

فالحالة في سوريا، وحدها كافية لأن ترسم لوحة متكاملة عن سيناريو التغيير المقرر في المنطقة، بدءً من التحرك الذي إتخذ طابعاً أشبه بالتحركات الثورية، وتحت تسمية ما يُـدعى ب " الربيع العربي"، الى شيوع حالة الحرب الكونية المنفذة من قبل الجماعات المسلحة من مختلف الأجناس والألوان، وإشاعة الإرهاب بترويع المواطنين وإحتلال المدن والقرى، وأعمال التخريب، والتدفق الأجنبي الإرهابي عبر الحدود الدولية..!؟؟

فسوريا دولة وشعباً تعيش اليوم ومنذ أربعة سنوات ونيف، أزمة إنسانية كارثية على كافة المستويات، وما تعترف به الأمم المتحدة، من هول حجم تلك الأزمة الإنسانية الكارثية، يلقي بضلاله أيضاً، على حقيقة ما تعانيه شعوب المنطقة عموماً من تداعيات ذلك الربيع المسخ..!

ولقد جاءت الأرقام التي توردها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تقريرها في التاسع من شهر تموز/2015 عن أزمة اللاجئين السوريين، وعلى حد " وصف انطونيو غوتيريس رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أزمة اللاجئين السوريين بأنها "أسوأ أزمة إنسانية شهدها جيلنا". لتعكس حقيقة الأمر، بما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تأريخية قلما تعرض لها من قبل، في ظل مؤسساته الدولية وفي مقدمتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، ناهيك عن إنحسار دور الجامعة العربية، وإختبائها في الظل، وهي ترقب بأم عينها مصير أجيال كاملة من أبناء الشعب السوري، وهم يواجهون منفردين، ثقل الكارثة، بمعزل عن تدخل المجتمع الدولي، في ظرف تسهم فيه دول تتحمل مسؤوليتها الأممية، في حفظ الأمن والسلم الدوليين، في تعميق الأزمة السورية، على الضد من أهداف ميثاق الأمم المتحدة ، والقانون الدولي لحقوق الأنسان..!؟(2)

هذا في وقت تحاول فيه دول أخرى من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، من بذل المزيد من الجهد في سبيل ترجيح الحل السلمي للأزمة السورية، وذلك بالتعويل على تنشيط طريق المفاوظات بين أطراف النزاع وتجنيب الشعب السوري مغبة تداعيات العدوان المسلط عليه، في ظل التهاون المتواصل للمجتمع الدولي..!؟(3)

فالى أي مدى يمكن أن تستمر فيه مثل تلك الحرب الكونية، في صورتها الإرهابية ضد شعوب المنطقة، وبلدانها الآمنة، كي تتحقق مصالح من يديرها ويمولها، وينتهك كل القوانين والشرائع الدولية، ولا يقيم وزناً لسيادة الدول وحرية شعوبها، في وقت يعلن فيه، رفضه لديمومتها، ولكنه ما إنفك، يعمل على دعمها، وإستمراريتها، وتسهيل تمويلها بكل ما متاح له من قدرات وإمكانات لوجستية..!؟

أن صراع المصالح في المنطقة بات أكثر وضوحاً مما كان عليه في السابق، ومن هنا يمكن القول بأن ما تتعرض له دولة وشعب سوريا، يجسد بهذا القدر أو ذاك، حقيقة وجوهر ذلك الصراع، ويعبر نسبياً عن طبيعة التوازن الدولي في المنطقة، كما جرى بيانه فيما تقدم؛ كما وليس غريباً الإستدلال على ذلك، من المواقف المتناقضة والإزدواجية، لبعض دول الجوار أمثال تركيا والسعودية وقطر، من طبيعة النشاط الإرهابي في كل من سوريا ومصر والعراق وتونس والجزائر، ناهيك عما يجري الآن في جمهورية اليمن العربية، من كارثة إنسانية، وأمام أنظار الأمم المتحدة ووجود ممثلها، تحت شعار عاصفة الحزم ، لما يدعى بالتحالف العربي بقيادة السعودية..!؟
 

 2015/7/11
 

(1) http://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN0OO2CH20150608?sp=true
(2) http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/07/150709_un_syrian_refugees_increased
(3) http://ar.rt.com/gw10
















 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter