| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

الجمعة 25/1/ 2008



وطن اكثر حرية وشعب اكثر سعادة
(3)

باسل اودو

أمام تلك الأوضاع ، هل كان بأمكان المعارضة العراقية أن تزيح النظام الفاشي ؟
ان أحد أسباب فشل القوى الديمقراطية والليبرالية والعلمانية في بلداننا ، هو اصرارها ، كالقوى الدينية ، على قناعات فكرية وشعارات وتجارب غير واقعية وغير ملائمة للواقع الموضوعي سواء الدولي او المحلي .
ترفع شعارات اسقاط الحكم من دون وجود آليات للأسقاط أو امتلاكها للقوة اللازمة المناسبة لذلك ، مما دفع الكثير من مناضليها الى الأحباط واليأس بل وتطرّف بعضهم حد المعاداة السياسية والفكرية .
لا اؤيد طبعا هذه الصيغة في التعامل مع القوى التي تنتمي اليها تلك المجموعات او أولئك الأشخاص ، بل كان عليها التصدّي وبشجاعة لكل الأخطاء ، ومهما كانت النتائج ، وكما تصدّى لها آخرون وبجرأة غير اعتيادية ، وأقول غير اعتيادية ، لأن ذلك التصدّي وحتى مجرد التفكير به كان من المحرمات وحتى الجرائم . اقول ان اسلوب المعاداة او الأنسحابات زاد في ضعف تلك القوى ناهيك عن آخرين استمروا ولكن غير مندفعين بالمستوى المطلوب .
فكيف كان بأمكان المعارضة اسقاط مثل ذلك النظام وهي لا تمتلك حتى جماهير شعبية على الأرض ، ودليل ذلك ، هو لمن أعطيت الأصوات في الأنتخابات الأخيرة ؟ بغض النظر عن ما تخللها من خروقات واعتداءات . اذن كانت المعارضة أمام واقع معقد متشابك وكان عليها بالتالي ايجاد البدائل الأكثر ملاءمة لأسقاط النظام .
حسنا سقط النظام ، وبدأت (حرب) المصطلحات الواصفة لمسّقطيه ، تحرير ، احتلال ، ومن الجميع .
ان تثبيت صيغة الأحتلال لم تكتشفها وتفرضها القوى السياسية ، لكي تبني عليها سياسات تحرير ، بل أن أمريكا نفسها هي التي استصدرت قرارا دوليا بمنحها صفة الأحتلال ، وذلك لكي يأخذ سلوكها وعملها وضعا قانونيا . كما أن انهاء صفة الأحتلال لم يكن بفضل الضغط السياسي أو الشعبي أو المقاوماتي ، بل كان مرتبطا بالرغبة الأمريكية في انهائه للتحول الى صيغة جديدة في التعامل مع الواقع العراقي .
وهكذا في الأمور الأخرى ، حل الجيش ، الأجهزة الأمنية ، الأنتخابات ، الدستور ، لم تكن بفعل ارادة عراقية ، بل كانت بفعل ارادة امريكية .
ولكن ماذا فعلنا ، ولقد تهيأت بعد تسليم السلطة للعراقيين ، فرصة نادرة للأتفاق على بناء البلد ، فما الذي حصل ؟

- الأنتخابات يجب أن تُجرى (بضم التاء) لأن المرجعية شدّدت على ضرورة اجرائها .هكذا اذن .
وبدأت الأستعدادات السريعة جدا ، من قبل قوى الأسلام السياسي لأجرائها ، وبدأت الأصطفافات الأسرع ، لأن كل المعطيات على الأرض والظروف مناسبة لفوزها .
- كتابة الدستور ، وبعجلة طبعا ، والذي لا يزال لحد الآن موضع خلاف قوي بين أطراف العملية السياسية ولا تزال البعض من مواده تساهم في اذكاء العنف والتعصب القومي والطائفي ، ولا يزال البعض من أطراف العملية السياسية مصرّين على عدم حل الغموض والعموميات في بعض بنوده أو اضافة أو حذف بنود أخرى ، بانتظار انبعاث حمورابي لكي يحّل هذا الموضوع .
انظروا هذا دستورنا الدائم ، والذي حلمنا لعقود أن يكون لدينا دستور دائم ، وناضل نفس واضعيه من أجل ذلك ، انه بين أيدينا ، وتجارب اربعة سنوات ونيف ، ولا زال الأصرار على الأستمرار في الصراع والعنف وسيلة للمساومة على محتوياته .
هكذا يُستقوى لأننا الأضعف في الأتفاق الأفضل ، والأقوى في اثارة الفتن والمشاكل والتناحرات ، سواء كنا في السلطة أم قبلها . وحتى يثبت العكس فلكل حادث حديث .
- تقديم مصطلحات كبيرة لشعبنا ، لم يتعود على سماعها ، وقد قدمت دفعة واحدة وبدون التهيئة الأعلامية التثقيفية الواعية السلسة بمضامين تلك المصطلحات وأيجابياتها وعصريتها ، ولا تزال تقدم بنفس الأسلوب ، بل أصبح البعض من أطراف العملية السياسية يتاجر بها ويساوم ويهدد ويثقف قواعده بها من وجهة النظر الطائفية . الفدرالية هذا النظام السياسي الأجتماعي المتطور ، اصبح في ذهنية وفكر مجتمعنا ، اما مرادفا لتقسيم الوطن عند البعض ، أو نظاما لحفظ حقوق طائفة معينة وازدهارها اقتصاديا .
- وعود متكررة وكثيرة ، واصرار على نقل صورة غير واقعية من قبل ادارة الحكم ودوائره حول الأوضاع وفي كل المجالات ، ولكن لا جديد ، بل العكس وضع لا يبشر بانفراج قريب بل يوحي بتأزم اكبر ، والأحداث والتطورات التي شاهدناها قبل سنين والتي شاهدناها قبل أيام بمناسبة ذكرى عاشوراء ، تثبت بأن القادم من الأيام يحمل لنا اوضاع اكثر تأزما ودموية .
هكذا واقع مأساوي مرعب ، يتطلب من كل القوى والشخصيات الديمقراطية والعلمانية والليبرالية استغلاله أحسن استغلال وبسرعة في توجيه مجتمعنا نحو التفريق بين الأنحيازات والأيمانات والقناعات الدينية والطائفية وبين الوطنية والتقدم الأقتصادي والأجتماعي .
هذا يستوجب وضع برنامج أو برامج قريبة من ذهن وتفكير اغلبية ابناء مجتمعنا ، لا القريبة من ذهنية وأفكار النخب المثقفة ، أن تعرف وترسم طريقة تحركها وسط الجماهير ، وهي ترى أمامها اعداءها على الأرض متربصين لأفكار الخير ولدعاة المحبة والتآخي ، وأن نحافظ على أرواحهم قدر الأمكان أثناء نشاطهم المحفوف بالمخاطر . وعدم السكوت والمجاملة تجاه كل من يحاول أن يقمع اصوات لها الحق كله في توضيح وطرح أفكارها وحلولها . حتى لو أدّى ذلك الى تقديم الشكاوي لدى المنظمات الأنسانية العالمية والقيام بحملات دعم ، للضغط على الحكومة لكي تتخذ الأجراءات الرادعة بحق كل المجرمين ومن اية جهة كانوا .
 

¤ الجزء الثاني

¤ الجزء الأول


 

Counters