|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  24  / 4 / 2023                                 عبدالمطلب عبدالواحد                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الى الفقيدة فكتوريا جاكوب ، مناضلة وانسانة (*)

عبدالمطلب عبدالواحد
basri11@hotmail.com 
(موقع الناس)

سلاماً لك وانت تودعين الحياة، خفيفة كنسمة هواء، بيضاء القلب، كجناح غيمة صيف ترفرف في اطراف السماء. سلاماً لك، لسيرتك الزاخرة بالبذل وبسماحة العطاء.

سلاماً لشخصك المتسامي على الذات، سلاماً لك امرأة عراقية باسلة، اقتحمت ميدان الحياة منذ ربيع شبابها بدون وجل، وخاضت تجربتها بوعي مبكرٍ مستمدٍ من فضاءات العائلة، والقرابات الاسرية الواسعة، وسط المناخ الاجتماعي والسياسي لتلك المرحلة الزمنية من عمر الدولة العراقية ومخاضات مأسستها، وتجليات التمدن المتصاعد في مدينة بغداد والمدن العراقية الاخرى، تلك المدن التي الفتها وترعرت فيها، ونهلت من ثراء ثقافتها الشعبية وتقاليدها الاجتماعية، وظلت ابنة وفية للاحياء العمالية والمناطق الشعبية التي تربت فيها واحبتها، مثلما احبت وطنها بكل عمق.

يقول احد الكتاب: "ان علامة الانسان الناضج، انه يود ان يعيش بتواضع من اجل قضية ما"، وهنا، اشير الى ان الفقيدة وبنات وابناء جيلها من الرواد الاوائل، واللاحقون، قد قدموا مستويات عالية من التواضع والنضج والادراك والوعي المتقدم والتضحية اللامحدودة من اجل غد افضل وحياة كريمة تليق بالانسان العراقي على امتداد خارطة الوطن، و تلك بالضبط كانت ومازالت هي القضية.

لقد افرزت حركة الاجتماع والسياسة في العراق نماذج بشرية مترعة بالمعرفة، قوية الشكيمة، بضمنها شخصيات نسوية مفعمة بالانسانية والرقة والجمال وحب الحياة، من مختلف الشرائح الاجتماعية، ولكنها في اضطراب العواصف تعملقت كشجر سامق لم ينحن، وقاومت كدروع صخرية راسخة، شاخصة، يتبدد عليها تلاطم الامواج. وهنا اتساءل: السنَ قد اقتربن بحق من ان يكن نمطاً من ابطال الاساطير ؟؟؟.

لقد كانت الفقيدة فكتوريا في حياتها اليومية امرأة مسالمة، وانسانة شعبية في منتهى العفوية والبساطة، غير انها حملت في اعماقها روحاً وثابة وعزيمة لا تلين في تحدي المعضلات الصعبة، وكان لديها مبادرات وامكانيات متميزة في التحشيد الجماهيري للتظاهرات والاعتصامات وخصوصاً في فترة الحكم الملكي.... وهي عندما يجّد الجد تنقلب الى لبوة شرسة للدفاع عن عرينها. هاجسها اولاً واخيراً الوطن والحزب والناس.

مجداً لك وانت ممسكة براية الحزب حتى تمكنت الامراض المزمنة من استيطان جسدك الناحل... ارقدي بسلام فالراية مرفوعة ستظل.


 

(*) ألقيت في مراسيم تشييع الفقيدة يوم 19 / 4 / 2023 في كوبنهاكن

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter