|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  5  / 7 / 2016                                د. علي الخالدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

وأخيرا اقتنعت الحكومة بزيف أجهزة كشف المتفجرات

د. علي الخالدي
(موقع الناس)

لم يمضي يوم منذ 2004 بدون تفجير يحصد أرواح العشرات من المواطنين . وكان تفجير الكرادة في بغداد قبل يومين أكثرها دمويتا وعنفا ، حيث كانت حصيلته اﻷولية هي إستشهاد 213 قتيل وجرح 200 مواطن .ورغم إرتفاع صوت الجماهير وقواها الوطنية مطالبة ، بضرورة وضع إستراتيجية أمنية قادرة على التصدي للإرهاب ، وإن جهاز كشف المتفجرات ﻻ جدوى منه ، لكن أصواتها تـُسمع باﻷذن اليمنى لتخرج من اليسرى .

إن تفجير الكرادة وحجم ضحاياه البشرية والمادية كان وراء إصدار رئيس الوزراء تعليمات الى اﻷجهزة اﻷمنية من سبع نقاط ، أهمها ، سحب أجهزة كشف المتفجرات من السيطرات . منع إستخدام جهاز الهاتف النقال من قبل اﻷجهزة اﻷمنية عند الحواجز ، و... ، وآخرها مطالبته بتوزيع مسؤولية القواطع اﻷمنية بالتنسيق بين قيادات العمليات ووزارة الداخلية ، وجهاز اﻷمن الوطني والمخابرات ، (كل هذه المؤسسات هي أجهزة بنيت على أساس المحاصصة الطائفية ، غيب منها حاملي الهم العراقي ، وهذا معناه أن نهج المحاصصة لن يتنازل عن مواقع الكتل واﻷحزاب القائمة عليه ، أي تبقى نفس العناصر من ترسم السياسة اﻷمنية ) ويبرر هذا القرار بإعتباره سيجد حالة من التكامل بينها بعيدا عن التنازعات والذي خلال ثلاث عشر عاما لم يُلمس هذا التكامل الذي ذهب ضحيته الآلاف من المواطنين بين قتيل ومعوق ، لكون هذه الكتل كانت مشغولة بكيفية حماية أصحاب شراء أجهزة الكشف عن المتفجرات ، ولم يتم التعامل مع مستورديها بنفس الصيغة التي تعاملت بها بريطانيا مع مسؤول شركة تصديره للعراق ، بواقعية تلامس التدهور وتنامي قوة اﻹرهاب وخاصة العاصمة بالسيارات المفخخة ، التي تعبر السيطرات دون أن نسمع عن كشفه لسيارة مفخخة ، ومع هذا يصر المسؤولون في حكومة المحاصصة على استمرارية إستعماله ، وهم مطنشون عن ذلك .

إن ما يدور في ذهن المواطن أنه كيف تُنفذ تعليمات رئيس الوزراء ، ومن أي طرف والمتحاصيصيون يتنافسون على مواقع القرار ، حيث صرح أحدهم ، في وقت لم تجف به دماء القتلى والجرحى من أنه ﻻمانع من العودة مجددا لرئاسة الحكومة . بينما رؤساء الكتل واﻷحزاب المسؤولة عن حرف العملية السياسية عن سكتها الصحيحة ، يأتي على لسانها ما تستغربه الناس ،من عبارات ﻻ تخرج عن أطار الحرص اللفظي لمصلحة الوطن ، ويدعون الى اﻹنطلاق من مصالح الشعب والوطن كما يقول أحدهم بعيدا عن الحسابات اﻷنانية والمصالح الحزبية الضيقة ، وأن اﻷنا تذوب بالعراق ، ويدعو إلى تشخيص ومحاسبة الفاسدين الذين إستفادو من هذا النهج . والكل منهم يؤكدون على اﻷخذ بنداءات تصدرت مطاليب الجماهير وقواها الوطنية لما يزيد عن 13 عاما دون إستجابة ، حتى أن المتظاهرون بحت أصواتهم ، وجفت اقلام الكتاب من حاملي الهم العراقي ، ناهيك عن مناشدة اﻷحزاب الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي ودعواته المتكررة بالتخلي عن هذا النهج المقيت خشية أن يسبب مخاطر أعمق مما نحن عليها ، حيث جاء في بلاغ اللجنة المركزية في 26/5/2016 والذي ناشد فيه القائمين على العملية السياسية ( أن تدرك اﻷطراف جميعا مخاطر الوضع وإمكانية إنحداره الى ما هو أسوء ، ووجوب تجنيب شعبنا ووطننا الخيارات السيئة والخطرة وما يترتب عليها من العودة الى الوراء ) ، لو أخذ بتلك النداءات لما وصلت البلاد إلى ما عليه الآن من فساد وتخريب وفقر يضعهم أمام مسؤوليتهم عنه منذ تسلمهم السلطة بعد إسقاط الصنم الصفوف اﻷمامية للمسؤولية .

فهم من جير مردودات أسقاط الصنم لمصالحهم الذاتية والحزبية ، حتى أن الديمقراطية السياسية واﻹجتماعية والدستور الذي نص على حمايتهما ، وضعاه على بساط مسارهم اﻷحمر لتدوسها أقدامهم . وإعتبروا المظاهرات السلمية المطالبة باﻹصلاح فقاعات ، وفاتهم إدراك إمكانية تحول الضرب بيد من حديد الذي خول به رئيس الوزراء العبادي من يده ليد الجماهير ، بجهاديتهم الهادفة ﻹنقاذ الشعب والوطن من نهج المحاصصة المقيت ، والسير بالوطن نحو بناء الدولة المدنية التي هي فحسب من يشيع الديمقراطية و العدالة اﻹجتماعية . وأن تكون مجزرة الكرادة هي آخر أحزان الشعب العراقي .

المجد لشهداء مجزرة الكرادة والصبر والسلوان لذوي الضحايا وهم يهتفون للعراق


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter