|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  23  / 7 / 2015                                د. علي الخالدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

طريق الشعب علمتني دروس الوطنية
والكتابة الصحفية

د. علي الخالدي

تعرفت عليها وأنا طالب في المتوسطة بلباسها السري المكتوب باليد في أواسط الخمسينات ، على ما أتذكر عن طريق زميلي متي عبد الله، وزميل آخر يحضرني إسمه ، كنا نلتقي في حديقة على نهر الديوانية وأتذكر كنا نقراء قصيدة أين حقي لبحر العلوم ، ونحن ندرك أن من يُمسك وبيده القصيدة يسجن ستة أشهر . في رحلتها العلنية اﻷولى سهرت على قراءتها ، وإحتفضت بأعدادها اﻷولى (إذا لم تخني الذاكرة كانت تطيع بورق أسمر).

أصبحت من المدمنين على قراءتها . جذبتني مواضيعها المتماهية مع هموم الشعب ، وبصورة خاصة الفقراء منه . أعتبر نفسي ولا زلت مدين لها ، لكونها لم تلقنني دروس الوطنية ، وخدمة الشعب فحسب بل بطرق كيفية نيل حقوق المواطنة . لقد رافقتني في غربتي أينما حللت ، فقوت أواصر إرتباطي بالوطن في بلدان أجنبية وعربية . كانت ولا زالت بلسم لمآسي بعدي عن الوطن , تروي عطشي بسماع أخباره . وهي كالطائر تحط بين يدي في أي بلد مكثت به لأجل العمل . تصلني بطرق مختلفة منها العلنية ومنها السرية ، ولا أبالغ عند قولي انها أول جريدة عراقية تنطق بإسم الشعب تدخل كوبا في أوائل السبعينات . حيث كان يرسلها الشهيد , الطيب الذكر دكتور صباح الدرة ممثل أتحاد الشبية الديمقراطي العراقي لدى اتحاد الشبيبة الديمقراطي العالمي (وفدي) , حيث ساهمت مع فريق شبابي أممي ، للإطلاع على منجزات الثورة الكوبية في ظل الحصار الامريكي الجائر الذي بوادر التخلص منه قريبة على ما يبدو ، بعد صمود الشعب الكوبي لما يزيد على نصف قرن . وكانت الغلبة له . عند مواصلتي دراسة اﻹختصاص في المجر , كنت أقوم بتوزيعها على العراقيين والعرب ، وأجمع التبرعات لها منهم . .

تعلمت على يديها المراسلة الصحفية فأتذكر نشرت لي ريبورتاج على صفحتها اﻷخيرة عن مهرجان الشبيبة العالمي الذي عقد في صوفيا عام 1968 . لا زلت أتذكر حيثيات هذا الريبورتاج ﻷني كنت أحتفظ بهذا العدد الى أن فقدته مع تراثي العراقي عند خروجي النهائي من ليبيا القذافي . وصلتني الى صنعاء حيث كنا نعمل ، بطريق تدل على حنكة وذكاء موزيعيها من الرفاق , نادرا ما غابت عني طلعتها فقد كانت تصل وبشكل معقول حتى الى ليبيا القذافي صاحب مقولة , من تحزب خان . ومع هذا كان أحد زملائي من الاطباء الليبيين معجب بها لدرجة كان يأخذها مجازفا لبيتهم ليقراءها .

لقد درست منها الفكر الملتزم والثقافة الديمقراطية اللصيقة بقضايا شعبي ووطني , وبها ترسخت وتعمقت محبتي للوطن وتبني قضاياه . أما على الصعيد الصحفي , كانت مدرسة صحفية خَرَجت كوادر التزمت بضمير الشعب ، وهنا لا يفوتني أن أتقدم بشكري الجزيل لكل من علمني طريقة الكتابة الصحفية وتصحيح مقالاتي اﻷملائية والنحوية وإرسالها لي للتعرف على اﻷخطاء التي إرتكبتها , قبل نشرها ظهورها على صفحاتها . والشكر موصول ﻷم نادية التي كانت تبدي رأيها بما أكتبه وتصحح اﻷخطاء النحوبة واﻹملائية ، في بداية تطفلي على الكتابة الصحفية ﻷشغل فراغ وقتي الذي نتج بعد تقاعدي من المستشفى قبل خمس سنوات ، وتقاعدي الكلي عن العمل قبل سنتين .

ما ينشر بها يتماهى مع صميم حاجات الجماهير ،وهي تدعو وتثقف الناس بكيفية إنتزاع حقوقهم من السلطات. وهي الجريدة الوحيدة التي كانت ترفع شعار , الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان العراق . لقد سجلت عبر صفحاتها مآثر شعبنا النضالية و عايشت ظروفه السياسية والمعاشية الصعبة ، ولم تخضع ﻷية إغراءات مادية من أية جهة كانت ، وكان الكثير من الساهرين على إصدارها متطوعين لا يتقاضوا غير الملاحقة وأﻷعتقال ، وفي علنيتها ، تحجب عنها اﻷعلانات ، وتحارب بكل الوسائل ، ولم يستطع قائد الفرقة اﻷولى على ما أتذكر كان يدعى حسين حصونة من وصولها الى عمال وفلاحي مدن وأرياف الفرات اﻷوسط والجنوب .

لقد كانت المعين الذي الاينضب لتعزيز قيم التآخي بين مكونات الشعب العراقي فهي الناطقة بأسمها والمدافعة عن حقوقها كافة . إنها اﻷولى في الصحافة الملتزمة ، منذ صدورها ليومنا هذا وهي تحافظ على الثقة التي منحها إياها الشعب ، فلا غرابة من أن تكون أول جريدة تتلقفها الجماهير ، بعد سقوط الصنم ، وتعود وبشكل علني ، ليستلهم منها محبي الوطن مواصلة الاخلاص والتضحية في سبيله في هذه اﻷوقات العصيبة التي تمر بها البلاد ، بسبب الفساد ، وتغييب الكفاءات نتيجة نهج المحاصصة الطائفية ، وحاليا تتصدر صفحاتها الدعوات لعضد قواتنا اﻷمنية التي تقود معركة التحرير من فلول العصابات اﻹرهابية  .

ستبقى طريق الشعب الغذاء الروحي والفكري التقدمي الملتزم ، الف تحية لمن سهرعلى مواصلة إصدارها ولمن ترك بصماته في سجل تاريخها النضالي من اللذين غيبتهم الحكومات الرجعية والدكتاتورية , والحاضرين منهم في الوطن والمنافي , مع أطيب التحيات والتمنيات الصادقة للعاملات والعاملين فيها بالمزيد من النجاحات في تطويرها لمواصلة طريق خدمة الشعب العراقي في عيد الصحافة العراقية  .

 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter