|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  11 / 11 / 2020                                د. علي الخالدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لا تبتروا أطراف الحراك الشعبي

د. علي الخالدي *
(موقع الناس)

توالت على من يتظاهر سلميا ممن يريد وطن، فنزل ليأخذ حقه. الكثير من المنغصات والعواقب، أثبتت الوقائع الملموسة، أن وراءها مسؤولي القائمين على مواقع القرار. نفذها من يحسبوا على المحافظة على سلامة المنتفظين.(حسب الدستور التظاهر مكفول !!) بالإضافة لتذاكي تصريحات رموز الحكومة أمام عوائل الشهداء الذين قام بزيارتهم، ليزرع الأمل في نفوسهم وببعض الكثرين من نشطاء الإنتفاضة. بأن دماء شهداءهم لن تذهب سدى، وإن المغيبين سيُكشف عن من غيبهم قريبا، لمعرفته بأماكن تواجد البعض منهم، مؤكدأً على ملاحقتهم، ومن أن القانون سيُطبق بحقهم. تلك التصريحات لم ثُشم منها رائحة تهديد ولا كانت توحي بأن هناك أهداف جانبية، تتضمن طمر دماء أكثر من 700 شهيد و250 الف معاق، ولم تمس مطالب المنتفضين، والاستعدادات لتوفير مستلزمات الإنتخابات المبكرة لتكون حرة ونزيه. مما أشاع في نفوس الكثير من الناس الإطمأنان بصحة مسار الحكومة نحو تحقيق ما يُطالب به المنتفضون .

إلا أنه بعد أنتهاء الأستذكار بذكرى إندلاع الإنتفاضة فوجيء المنتفضون والجماهير الشعبية بالبلدورزات ورجال الجيش تكتسح ساحات التظاهر وتزيل الخيام في بادرة أدعى القائمون على هذه العملية، إنها تجري بالتوافق مع المنتفضين، بينما ظهر لاحقا أن بعض الناشطين والذين لم يشخصوا، حيث جرت مساومتهم، رهن تعينهم في دوائر الدولة، حتى يكونوا مروجين لخوض البعض من رموز الدولة الإنتخابات المبكرة، كما جاء ذلك في تصريح لأحد قيادي كتلة النصر. مما سيجعل التنافس غير عادل ونزيه.

كل ذلك لم يمنع مواصلة المنتفضين، تظاهرهم السلمي بتصميم أعلى، معتبرين ان الأقوال التي تقول بها بعض المسؤولين، ماهي إلا ذر الرماد في العيون. خلفها وقف من ينوي مواصلة النهج السياسي التحاصصي أولا، وخمد الحقيقة وعدم الوفاء بالتعهدات ثانيا، كما تشير الشواهد في الساحة السياسية العراقية، حيث ليومنا هذا لم تجري أية خطوة نحو تحقيق أهداف الإنتفاضة، وأنه لن يكون هناك خطوات جدية للتغيير والإصلاح، فلا زال الفسادون يٌمارسوا النهب المؤدلج وشرعنة اللصوصية، بشكل غير منظور في البلاد، ولن تطالهم يد العدالة، مما زاد من معانات الطبقة الفقيرة من الشعب في معيشتها اليومية، ودفع المنتفضون، أن يؤكدوا على صرامة مواصلة إلإحتجاجات، وأضعين أمامهم حكمة تداولتها أطراف الحركة الوطنية العراقية منذ بدأء حراكها المطلبي (أثبتت الوقائع صحتها)، بان من يقتل مطالب بوطن حر لا يؤمن على شيء.

ومع الإعتراف بتحمل المنتفظين مسؤولية عدم التعامل مع المنغصات والمواقف الماسوية بجدية وبمنتهى الحرص والمسؤولية. تأكد ذلك، من إتخاذهم جدية التعامل مع من يريد تفويت الفرص لتأجيج الإحتقان والنعرات المختلفة. علاوة على رص صفوفهم تحت قيادة توجه حراكهم، وإتخاذ موقف حازم تجاه محاولات بتر أطراف الحراك الشعبي، الذي يستمد قوته من الإمكانيات الشحيحة التي توفرها الجماهير الشعبية على مختلف المستويات، وخصوصا المادية واللوجستىية. مستفدين من تجربة شعبنا من أن أي حراك جماهيري لا بد ان تكون له قيادة مسؤولة تنهض بتوجيهه.

إن المطالبين بوطن وبحقوقهم الوطنية، وبالإيفاء بالتعهدات التي قطعها رموز السلطة للجماهير الشعبية التي عشعش الجوع في صفوفها وإزدادت فقرا وبؤسا، لا يمكن أن تعالجه الورقة البيضاء التي اهملت التطرق إلى البنية التحتية، حيث ستؤدي بوضوح إلى الفرز الطبقي والإجتماعي وتزيد الهوة بين الأغنياء والفقراء، بشكل سيدمر حقوقهم الإنسانية،

فالمطالبة والتأكيد على ردم مسببات الفقر ، مرهون بالقضاء على الفساد المالي والإداري ، والذي أعتبره القائمون على مواقع القرار تعالي على سلطتهم وتهديد لكراسيهم وتفريق شمل شللهم التي وقفت وراء دوافع تجويع شعبنا. فهذه الآفة التي إبتدأها الحكم الصدامي تواصلت بشكل أعمق في فترة حكم الأحزاب الإسلامية المتحاصصة قوميا وسياسيا، والتي أذلت شعبنا الذي لم يطالب بأكثر من وطن يسوده الأمن الإنساني والفكري والإقتصادي. إن المطالبين بوطن ليدعواالقائمين على مواقع القرار،لإستيقاظ من صوامعهم، لكسب صداقة ورضى الجماهير الشعبية، ومصادقتها بإحترام أنسانيتها ومشاركتها آمالها وطموحاتها
 

* طبيب متقاعد

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter