|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 7/2/ 2013                                 عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

نصف قرن على انقلاب 8 شباط 1963

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.com

تمر علينا هذه الايام الذكرى الخمسون للأنقلاب الدموي الفاشي في (8 شباط 63) وفي ايام الذكريات التي تمر على شعوب العالم تستذكر منجزاتها وانتصاراتها وما تحقق من خير وعزة وسؤدد لها اما نحن العراقيين فأن قدرنا هو استذكار الانتكاسات والانقلابات والهزائم بحق هذا الشعب الابي الذي لم ولن يركع لطاغية مهما جاء به من ثوب او لون ، فالطغيان والديكتاتورية واحدة وان غيرت ملامحها القذرة وتلونها كالحرباء لتحقيق اغراضها وعمالتها للأجانب . في يوم الجمعة 8 شباط والذي صادف الرابع عشر من رمضان الكريم قاد نفر من العسكريين الضالين وحثالات من الشقاوات وشذاذ الافاق هجمة بربرية للقضاء على مكتسبات ومنجزات ثورة 14تموز 1958 وبغفلة من الزمن سرق هؤلاء وقضوا على ما حققته ثورة 14تموز من منجزات للشعب العراقي ..

فتصدى ابناء الشعب في بغداد والكاظمية وشارع الكفاح وعگد الاكراد وفي البصرة والنجف والموصل واماكن اخرى لهذا الانقلاب الدموي لكن للأسف لم تكن موازين القوى لصالح الشعب , حيث درسها الباحثون في التاريخ بكتاباتهم عن هذا الانقلاب الدموي الفاشي في الوقت الذي تحدى ابناء الشعب العراقي بصدور عارية الا من الايمان بعداله قضيتهم فكان ما كان حيث قتل الكثير من قادة الثورة واستشهد خيرة قادة الحزب الشيوعي في معتقلات الحرس القومي وقصر النهاية منهم الشهيد سلام عادل سكرتير الحزب الشيوعي العراقي والشهداء محمد حسين ابو العيس وحسن عوينه وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي وعبد الجبار وهبي (ابو سعيد) والمئات من الشهداء ان لم نقل الالاف ..

اما من ابتلعتهم المواقف والسجون ومقرات الحرس القومي فقد وصلت اعدادهم الى عشرات الالاف حيث الممارسة اللاأنسانية للمجرمين واقزام الحرس القومي ضد خيرة ابناء شعبنا من مؤيدي ثورة 14تموز واعضاء وجماهير الحزب الشيوعي العراقي ,,

وفي هذه المناسبة نشير الى مبادرة وزارة السياحة والاثار بشخص وزيرها الدكتور لواء سميسم حيث بادر الى زيارة قضاء السلمان في شهر كانون الثاني 2013 واتخذ قراراً يقضي بتحويل سجن نقرة السلمان الى متحف يوثق جرائم البعث المجرم بحق خيرة من ابناء الشعب العراقي وهذا المتحف يقتضي مشاركة مفاصل متعددة لأنجاحه وان يكون اهلاً لأستقبال الضيوف كأن تساهم محافظة المثنى وابناء قضاء السلمان الذين كانوا احياء في تلك الفترة الزمنية والاكثر اهمية من ذلك الاتصال بالسجناء الذين ظلوا احياء للآن لأخذ افاداتهم وذكرياتهم الاليمة عن هذا السجن وذلك لتوثيق اسماء السجناء الذين عاشوا بين جدران هذا السجن سنوات عجاف وذلك للأطلاع على تضحيات سجناء نقرة السلمان من اجل خير الشعب العراقي ..

وبهذه المناسبة لا بد ان نقف على مصير هؤلاء السجناء في نقرة السلمان وما تحقق لهم من تقييم لقاء تضحياتهم حيث لاحظنا ان قانون السجناء السياسيين ادار ظهره لهم ولم يقيّم هذه النخبة الشريفه والمناضلة من ابناء الشعب العراقي لكن مؤسسة السجناء صحت بعد حين لتضيف الى (قانون رقم 4 لسنة 2006م) فقرة تشمل السجناء من ضحايا ردة شباط 63 وقد مرت اكثر من سبع سنين على القانون وتعديلاته التي لم تطبق فصار يتجول في مسيرة مكوكية بين اللجنة القانونية في مؤسسة السجناء السياسيين ومجلس الوزراء الموقر ومجلس شورى الدولة ولجنة الشهداء والسجناء السياسيين في البرلمان حيث لحد الان لم يرسي هذا التعديل على بر الامان وان جاء التعديل متأخراً فكم يستغرق من وقت لتوثيق هؤلاء السجناء ومن ضحايا شباط 63 فعلمها عند الله والراسخون في القوانين بعد ان حققوا ما يحلو لهم من مكتسبات اما الاخرين من ضحايا شباط فظلوا منسيين تتقاذفهم الامواج ولا يوجد ربان لهذه السفينة يقودها الى سلوك الطريق الصحيح لتحقيق حقوق هؤلاء السجناء ..

وبما اني من سجناء وضحايا ردة 8 شباط 1963 فقد اطلعت على مبادرة وزارة السياحة والاثار وقد بادرت بأرسال رساله الى السيد حاكم الشمري المسؤول الاعلامي في الوزارة مبدياً كامل استعدادي ليرى هذا المشروع (المتحف) النور وأول هذه الملاحظات ان المكان الذي زاره وفد الوزارة برئاسة الوزير لواء سميسم هو قلعة البادية الجنوبية لحراسة الحدود التي اتخذت ابان الحرب العراقية الايرانية معتقلاً وسجناً للمناضلين من ابناء الشعب اما الموقع الحقيقي لسجن نقرة السلمان فهي قلعه سجن نقرة السلمان (ابو حنيج) التي بناها كلوب باشا في عام 1928 والحقت بعدها بفترة زمنية بقاعات عشر لتصبح سجناً كبيراً يبعد بحوالي ثلاثة كيلو مترات عن مديرية البادية الجنوبية التي اصبحت بديلاً عن السجن القديم الذي تعرض الى الهدم والسلب والسرقة وحسب علمي انه لم يبقى منه الا الاطلال ، فأقترح اعادة بناءه في مكانه الحقيقي من حيث هندسة البناء ليكن شاهداً على جرائم الطغاة وبما اني قضيت حوالي خمس سنوات في سجن نقرة السلمان من عام 1963-1968 فقد تكدست لديّ الكثير من المعلومات والحقائق العيانية لهذا السجن المظلم مما حدا بي لكتابة مذكرات عن سجن نقرة السلمان تحت عنوان (سجن نقرة السلمان قيود تحطمت) وهو معد الان للطبع بعد ان أبدت مؤسسة السجناء السياسيين نيتها بتحمل تكاليف طبعه وهو ما زال في اروقة المؤسسة منذ اكثر من ستة اشهر اتمنى ان يرى النور بأسرع وقت وقد تضمن الكتاب اسماء الوجبات الاولى من السجناء السياسيين الذين اودعوا بسجن نقرة السلمان بقدر معلوماتي ومعرفتي اتمنى ان تطول القائمة ليستذكر من عاش في تلك الفترات ليكن توثيق الاسماء دقيق وعلمي . ومن هذه الوجبات كانت اولى وجبات السجناء السياسيين قد دخلت السجن في عام 1942 التي تكونت من مجموعه خيرة من ابناء الشعب العراقي وبعض شيوخ العشائر من الوطنيين امثال السيد علوان الياسري , الشيخ عجة الدلي , الشيخ فتيخان ابو ريشة , الشيخ صكبان العبادي , الشيخ سوادي الحسون , خليل كنة , فائق السامرائي , العقيد سعيد يحيى , اكرم احمد الربيعي , شناوة كرد , وآخرين لا تحضرني اسمائهم وقد اطلق سراحهم من سجن نقرة السلمان بعد ان قضوا فيه سنة واحدة .

وفي عام 1949 استقبل السجن اول مجموعه من السجناء الشيوعيين وكان عددهم حوالي 200 سجين جاءوا نقلاً من سجن الكوت وسجن بعقوبة وسجن بغداد وكان من ضمنهم : زكي خيري , عزيز الحاج , نافع يونس , عزيز محمد (السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي) فيما بعد , اراخاجادور , جمال الحيدري , حسين الرضي (سلام عادل) السكرتير الاسبق للحزب الشيوعي العراقي , رجب عبد الكريم , عبد السلام الناصري , جاسم حمودي , كامل قزانجي , عبد الحسين جواد الغالب ,حميد حمدي , محمد حسين ابو العيس , احمد غفور , عمر علي الشيخ , عزيز عبد الهادي , عبد الوهاب الرحبي , حميد عثمان , كاظم فرهود , شهاب التميمي (نقيب الصحفيين الاسبق) , وكذلك عدداً من ابناء الطائفة اليهودية الذين كانوا اعضاء في الحزب الشيوعي العراقي بينهم ابراهيم ناجي شميل , يعقوب اسحاق , ابراهيم شاؤول , يعقوب منشي , حسقيل قوجمان , وكان المسؤول الحزبي لتنظيم السجناء المحامي سالم عبيد النعمان ومعه لجنة التنظيم مشكلة من : محمد حسين ابو العيس , علي شكر , يوسف زلخا , رشيد عارف , وكان الاخير ممثل السجناء السياسيين العام امام ادارة السجن وكان مدير السجن في تلك الفترة المجرم عبد الجبار ايوب الذي قضت عليه محكمة الشعب بعد ثورة 14تموز بالاعدام شنقاً حتى الموت..

ودخلت السجن مجاميع كثيرة من السجناء الشيوعيين والوطنيين لغاية ثورة 14تموز وبعد الثورة دخله السجناء الذين هم جزء من مجموعة كبيرة كالشهيد حمزة سلمان والشهيد مهدي حميد .. ولكن بعد انقلاب 8 شباط الدموي استوعب السجن عشرات الالاف من السجناء المدنيين والعسكريين واحتفظ بقائمة تشمل المئات من السجناء الشيوعيين وقد شرحت في كتابي (سجن نقرة السلمان قيود تحطمت للسنوات 1963/1968م) معاناة واضطهاد السجناء الذين تحدوا الانقلاب الفاشي الدموي ..

ختاماً اقترح على وزارة السياحة والاثار بناء المتحف في المكان الحقيقي لموقع سجن نقرة السلمان وانا على استعداد للتعاون مع الوزارة لكي يرى هذا المتحف النور بأقرب وقت ..

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter