|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس  19  / 11 / 2015                                عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

قراءات

جرائم الحرس القومي
اول ميليشيا بعثية في العراق
(2-2)

عرض :عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.co.uk

تطرقنا في القسم الأول استعراض مقدمة أطروحة الماجستير للباحث فائز الخفاجي حيث استعرض فيها من المصادر والكتب والمقابلات التي اجراها للعديد من السياسيين سواء المحسوبين على حكم شباط الدموي 1963 او مذكرات والكتب العديدة للشيوعيين الذين استعرضوا تلك الحقبة السوداء من تاريخ العراق حيث التسلط والعسف بوجه كل تقدمي شريف معادي للبعث ولحرسه القومي العفن ونواصل في هذه الحلقة اصل ظهور الهيكل التنظيمي للحرس القومي ونركز بشكل خاص على الفصل الرابع وهو دور الحرس القومي في تصفية الحركة الشيوعية في العراق.

منذ شهر شباط عام 1959 ومحاولة اغتيال عبد الكريم قاسم حيث ارسل حزب البعث مجموعة من عصاباته من مساء السابع من تشرين الأول الى شارع الرشيد في بغداد حيث فشلت عملية الاغتيال بعد إصابة عبد الكريم قاسم بالجراح كانت هذه العملية نقطة البداية لحزب البعث لتشكيل مجاميع شبه عسكرية سميت لجان الإنذار بأشراف أبو طالب الهاشمي ونجاد الصافي وصباح المدني حيث تم تعبئة لجان الإنذار لغرض التدريب العسكري في بغداد والبصرة والناصرية والعمارة والموصل.

وقد ضمت لجان الإنذار عناصر منبوذة من المجتمع من الشقاوات وشذاذ الافاق وبعض المجرمين من صفوف حزب البعث بحيث تكون قوة ساندة ومساعدة للجيش من اجل الإطاحة بالنظام الجمهوري وفي نهاية كانون الثاني عام 1963 أي قبل انقلاب شباط بعشرة أيام أطلق على هذه اللجان بتسمية الحرس القومي فضمت في صفوفها العديد من قيادات وكوادر حزب البعث الذي يجيدون حمل السلاح وعند انقلاب 8 شباط 1963 صدر البيان رقم (3) الخاص بتشكيل الحرس القومي وتم افتتاح مقرات للحرس القومي في عموم العراق واصبح عدده يضاهي عدد افراد القوات المسلحة .

وبهذا شارك الحرس القومي في التخطيط لانقلاب شباط 1963 واوكلت العديد من المهام لأعضاء الحرس القومي حيث زود بالأسلحة الرشاشة نوع بور سعيد المصرية منها للسيطرة على الشوارع الرئيسية وعلى الفروع المؤدية اليها لتؤمن حركة القوات المسلحة واوكلت للحرس القومي مهمة نصب الكمائن لموكب عبد الكريم قاسم في الساعات الأولى للانقلاب وان ساعة الصفر للتنفيذ هي اغتيال جلال الاوقاتي قائد القوة الجوية وكذلك كلفت مجموعة أخرى باغتيال عبد الكريم الجدة آمر الانضباط العسكري وكذلك عناصر آخرى من الحرس القومي مهمتها عدم السماح بالعسكريين الموالين لعبد الكريم قاسم للالتحاق بوحداتهم العسكرية وكذلك بمحاولة قتل فاضل عباس المهداوي ووصفي طاهر وطه الشيخ احمد والضابط الشيوعي سعيد مطر وماجد محمد امين وكان للحرس القومي اهداف عديدة منها احتلال مرسلات إذاعة أبو غريب والسيطرة على مبنى التلفزيون في الصالحية والاستيلاء على مخازن السلاح والوصول الى وزارة الدفاع واعتقال الضباط الشيوعيين المؤيدين لعبد الكريم قاسم.

اما عبد السلام عارف فتمكن عضو قيادة بغداد للبعث عدنان القصاب من جلبه من داره في الاعظمية الى دار الإذاعة والتلفزيون لتعيينه رئيس للجمهورية وتم اعدام عبد الكريم قاسم مع عدد الضباط في يوم 9شباط 1963

ويستنتج من ذلك ان الحرس القومي هو اول قوة شبه عسكرية تسهم مع الجيش في الإطاحة من خارج المؤسسة العسكرية بالنظام الجمهوري لعبد الكريم قاسم في يوم (8شباط 1963) خرجت جماهير الحزب الشيوعي بتظاهرات حاشدة امام وزارة الدفاع تندد بالانقلاب استجابة لنداء أصدره الحزب الشيوعي بان مقاومة الانقلاب هي الحل الوحيد قامت مجموعة من الشيوعيين بمحاولة احتلال مقر إذاعة بغداد لكن كتيبة الدبابات الرابعة اطلقت عليهم الرصاص أوقعت بينهم خسائر بالأرواح ونظم الحزب الشيوعي مركزين لمقاومة الانقلاب الأول في عكد الاكراد قاده الشهيد محمد صالح العبلي وحسين الوردي ولطيف الحاج وفتاح حمدون ومحيي خضر وإبراهيم الحريري اما المركز الثاني فكان في الكاظمية فتمكنت العناصر الشيوعية من الهجوم على افراد الحرس القومي بعد سيطرة الشيوعيين على مركز شرطة الكاظمية والاستيلاء على الأسلحة الموجودة فيه ومن خلال هذا التصدي للانقلاب صدر البيان رقم (13) السيئ الصيت حيث يدعو بأبادة كل من يتصدى للقوات المسلحة والشرطة والحرس القومي فقام الحرس القومي بإبادة ومطاردة الشيوعيين وقتلهم بشكل جماعي وعشوائي في أي مكان من العراق بعد ان زودت فلول الحرس القومي بأسماء وعناوين الشيوعيين فقاموا بمداهمة الاحياء والشوارع والبيوت للبحث عن الشيوعيين وانصارهم وتم اعدام بعضهم في الشوارع رمياً بالرصاص وعلى ضوء ذلك صرح المقبور ميشيل عفلق ان الأحزاب الشيوعية ستمنع وتقمع بأقصى ما يكون من الشدة في كل بلد يصل فيه حزب البعث الى الحكم جاء هذا في تصريح له الى صحيفة اللوموند الفرنسية وتم اعتقال اكثر من 120 الف شيوعي خلال حكم البعث وبذلك كان البيان رقم (13) احد محطات الرعب التي لا تمحى ولا تنسى نتائجه من ذاكرة الشيوعيين العراقيين على مر الأجيال فكان ضربة موجعة للحزب الشيوعي العراقي أدت الى عرقلة نشاط الحزب الشيوعي.

ويتطرق الباحث الى المحاولات لاعتقال الشهيد سلام عادل من خلال خيانة بعض الكوادر واهتزاز رجولتها امام جبروت البعث حيث تم مداهمة 33 دار حزبية في بغداد فاعتقلت اغلب قيادات الحزب وارسلت الى قصر النهاية فخاطب سلام عادل جميع القيادة المعتقلة معه بقوله ...(الان بدأت ساعة التجربة) وتشير المعتقلة الشيوعية زكية شاكر انها شاهدت سلام عادل وقد شوه جسده من التعذيب ولم يعد من السهل التعرف عليه فقد فقئت عيناه وكانت الدماء تنزف منها ومن اذنيه ويتدلى اللحم من يديه المقطوعتين ورش الملح والفلفل فوق جسده المدمى لزيادة الامه واشرف على تعذيبه بشكل وحشي محسن الشيخ راضي ويذكر صباح المدني ان الطبيب تحسين معلة اعلمهم ان سلام عادل فارق الحياة واعلن عن استشهاده يوم 7 آذار 1963 مع الشهيدين محمد حسين أبو العيس وحسن عوينة وكذلك استشهد عبد الرحيم شريف واطلق الرصاص على الشهيد جورج تلو ورفض الحرس القومي تسليم جثثهم الى ذويهم ووصف صلابتهم امام التعذيب عبارة عن اسطورة

وفي الصفحة (202) يذكر الباحث فايز الخفاجي ان القيادة الشيوعية للمنطقة الجنوبية تم اعتقالها يوم 19 آذار 1963 من قبل الحرس القومي وكان على رأس المعتقلين صالح مهدي دكلة فتعرض للتعذيب واطلق عليه الرصاص اثناء التعذيب ولكنه نجا بأعجوبة ونقل فيما بعد الى بغداد للتعذيب حيث تم تعليقه بحبل يتدلى من سقف الغرفة وسرعان ما فقد الوعي ولكنه استطاع فيما بعد ان يهرب من المعتقل يوم 10 حزيران 1963 وتم اعتقال مسؤول اللجنة المحلية في البصرة جاسم المطير وقام الحرس القومي بتعذيبه واشرف على تعذيبه الحرس القومي احمد العزاوي وصباح المدني وأصيب بعدة جروح في جسمه وطالبه فتحي حسين آمر الحرس القومي في المنطقة الجنوبية بأن يعترف على جميع الخلايا الشيوعية في البصرة فقام جاسم المطير بالاعتراف وإعطاء المعلومات السرية عن الحزب الشيوعي في البصرة بحسب ما أورده الباحث كذلك اعترف عضو المحلية في البصرة عبد الحسين شهباز واخته ماجدة شهباز واثناء مداهمة احد المقرات الشيوعية في العمارة قتل الحرس القومي مسؤول العمارة الشهيد الشيوعي عباس نعمة الحداد اما القيادة في منطقة الفرات الأوسط فقد نجت من الاعتقال بعد ما داهم الحرس القومي في النجف الدار التي يسكنها الراحل زكي خيري ولم يتم العثور عليه حيث ذهب الى ارياف الفرات الأوسط بساعات قليلة قبل المداهمة.

وفي نيسان 1963 اعتقل الحرس القومي في الموصل الشهيد طالب عبد الجبار مسؤول المحلية واستمر تعذيبه لمدة 17 يوم وهو صامد بوجوه الطغاة قائلاً لهم ( لن تتمكنوا من الحصول على اعتراف مني جربوا المستحيل واقضوا على الحزب الشيوعي ثم عودوا واعيدوا علي هذا السؤال) فتم تصفيته بالتعذيب.

اما جمال الحيدري ومحمد صالح العبلي وعبد الجبار وهبي (أبو سعيد) فقام الحرس القومي بتعذيبهم تعذيباً شديداً لحين استشهادهم اواسط تموز 1963 ويتضح مما تقدم ان الحرس القومي تسبب بضرر كبير للحزب الشيوعي العراقي من خلال الضربات المتلاحقة التي نتجت عن العنف الذي تسبب به الحرس القومي لمعظم الوجود الشيوعي في العراق.

واكد الباحث فايز الخفاجي ان سبب اعتقال غالبية الشيوعيين في البصرة بسبب انهيار القيادي الشيوعي تحت التعذيب جاسم محمد المطير في شهر نيسان 1963 ويستنتج مما تقدم ان الحرس القومي استطاع تدمير اغلب القواعد الجماهيرية والتنظيمية للحزب الشيوعي العراقي.



جرائم الحرس القومي - اول ميليشيا بعثية في العراق (1-2)



 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter