|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 17/5/ 2011                                 عبدالقادر العيداني                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

أنصفوا سجن نقرة السلمان.. ورجاله البواسل

عبد القادر احمد العيداني
alidanykhader@yahoo.com

تناولت العديد من وسائل الإعلام المرئية والمقروءة منذ سقوط الطاغية وما زالت (سجن نقرة السلمان ) كفضائيات العراقية والعراق الحر وأخيرا فضائية الحرية والمستقبل الحر في فترة بثها التجريبي وكذلك مجلة بغداد ومطبوعات عديدة أخرى منها جريدة الصباح والمدى سجن نقرة السلمان مشكورة على ذلك ..

ان وسائل الإعلام هذه لم تصب كبد الحقيقة في هذا الموضوع الشائك وذلك بسبب قلة المصادر والعزوف عن اللقاء بالمناضلين الذين عاشوا غياهب سجن نقرة السلمان  .

ان اول المظالم التي وقعت على سجناء نقرة السلمان وضحايا الانقلاب الفاشي في الثامن من شباط 1963 وفي كل معتقلات وسجون العراق هو ان مؤسسة السجناء السياسيين لم تعترف بهم كونهم سجناء رأي ومعتقد سياسي قاوموا حزب البعث وحرسه المسمى بالقومي بكل بسالة وبطولة نادرة دفعوا جرائها حياتهم وزهرة شبابهم ثمنا من اجل انعتاق الشعب العراقي وتحقيق أهدافه من اجل وطن حر وشعب سعيد.

ان مؤسسة السجناء السياسيين لم تروّج او توثق لأي سجين عاش تلك الفترة الدموية السوداء في سجون البعث بحجة ان للمؤسسة مبرراتها وهي عدم شمول السجناء في تلك الفترة الزمنية بقانون (رقم 4 لسنة 2006) حيث جاء هذا القانون وكأنه مفصل ليشمل فصيل واحد من الأحزاب العراقية وذلك بتحديده الفترة الزمنية من عام 1968لغاية 9/4/2003) كأنما لم يكن هناك سجناء سياسيين في العراق قبل عام 1968 غير عارفين إن الوجه الكالح الثاني لحزب البعث هو وجهه الأول عام 1963 وينطبق على هذا القانون المثل المعروف (ان كنت تدري فتلك مصيبة..وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم ).

وبالرغم من كثرة الشكاوي الى رئاسة مجلس الوزراء الموقر ودوائر الدولة الأخرى لم تحرك ساكنا بتعديله فبادرت اللجنة القانونية في مؤسسة السجناء الى رفع مشروع تعديل الى رئاسة الوزراء ومن ثم الى اللجنة القانونية في مجلس النواب السابق لغرض شمول السجناء السياسيين قبل عام 1968 بالقانون (رقم 4 لسنة 2006)وتم قراءته قراءة اولى لغرض التعديل في ذلك البرلمان ومازلنا بانتظار قراءته الثانية في هذا البرلمان لغرض مناقشته والتصويت عليه ومن ثم أقراره فكم يتطلب الوقت لانجازه... حيث أصبح أكثر سجناء العهود السابقة في ذمة الخلود ومن تبقى فهو على مشارف السبعين او الثمانين من العمر واغلبهم أصيبوا بأمراض الشيخوخة من ضغط الدم ومرض السكري والعمى والشلل ...الخ

يسألوننا أولادنا وأحفادنا لماذا سجنتم ..؟ فيكون جوابنا اننا كنا سجناء شيوعيين بواسل فيردون علينا من غير المعقول ان تكونوا سجناء سياسيين ولا يشملكم قانون المؤسسة فنشرح لهم حيثيات الأمور والظلم الذي وقع علينا فيكونوا في اغلب الأوقات غير مقتنعين بإجاباتنا ..

نعود الى الجانب الثاني في موضوعنا هذا حيث إن هناك تعتيم إعلامي ظالم على سجن نقرة السلمان فاستعاضوا بديلا عنه مديرية شرطة البادية الجنوبية على أنها سجن نقرة السلمان وهذا أمر غير حقيقي ولا يمت للحقيقة بصلة لا من قريب ولا من بعيد بسبب تهديم مباني سجن نقرة السلمان استعاض الحكام بمقر مديرية شرطة البادية سجناً فاستقبلت الكثير من المناضلين الأكراد والكرد الفيلية وعوائلهم والعديد من العراقيين خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية فصورت الفضائيات عن علم أو بدون علم مديرية شرطة البادية الجنوبية على أنها سجن نقرة السلمان وهذا خطأ فادح يغرز خنجرا في قلوبنا نحن الذين عشنا أيام سجن نقرة السلمان أبان ستينيات القرن الماضي .

ومن الأخطاء الفادحة الأخرى بحق سجن نقرة السلمان علمت أن مخرجا سودانياً اعد واخرج فلما عن سجن نقرة السلمان في الشقيقة سوريا وبعد متابعتي لهذا الفلم من خلال بعض الأصدقاء الذين شاهدوا الفلم في سوريا علمت أن الفلم مستل من رواية القلعة الخامسة للقاص العراقي فاضل العزاوي الذي تدور حوادث روايته في سجن بغداد المركزي الذي كان يقع في باب المعظم وليس في سجن نقرة السلمان مما أعطى بطلاناً وأموراً غير حقيقية لفشل هذا المشروع بالرغم من انجازه .

قام مؤخرا المؤلف حامد المالكي بإعداد وتأليف مسلسل في ثلاثين حلقة يعرض خلال شهر رمضان القادم عن سجن نقرة السلمان أيضا وإخراج الفنان هاشم ابو عراق أتمنى للكادر العامل في هذا المسلسل أن لا يقع في نفس الخطأ وقد علمت من خلال الصحافة ان المسلسل صور في الموقف العام والسراي في بغداد وربما في شمال العراق وفي بعض الأحايين في صحراء السماوة أتمنى ان لا تكون أحداث المسلسل بعيدة عن أجواء سجن نقرة السلمان علما أني اتصلت بالسيد حامد المالكي عارضا عليهم خدماتي لإنجاح المسلسل وبإمكان الاتصال بالسجناء السياسيين الذين عاشوا سنوات القهر في سجن نقرة السلمان الا انه للأسف لم يكلف نفسه بالاتصال لغرض إعطاءه المعلومات عن سجن نقرة السلمان الذي عشت بين جدرانه خمس سنوات عجاف سرقت مني زهرة شبابي ومستقبلي بالرغم أني غير نادم عليها بل هي مثار فخر واعتزاز لي ولرفاقي الذين كانوا معي في هذا السجن الرهيب.

نعود مرة أخرى الى الموضوع الذي نحن بصدد إيضاحه إلى وسائل الأعلام الفضائية والمطبوعة بأن الذي يعرض ألان في الفضائيات ليس سجن نقرة السلمان الذي كنا سجناءه . أني اعتبر هذا الخلط في المكان يعود الى سبب قلة المعلومات وعدم اتصال الفضائيات بأهالي نقرة السلمان من كبار العمر حيث يعرفون الحقيقة متمنياً تلافيه في المستقبل من اجل إيضاح الحقيقة التي كنت في كبدها من خلال شروعي في تأليف كتاب تحت عنوان (من أعماق السجون..سجن نقرة السلمان قيود تحطمت) هو ألان في مراحله الأخيرة من حيث التصميم والإخراج الطباعي . أن هذا الكتاب سيكشف الكثير من المعلومات عن سجن نقرة السلمان وسيحتوي ويحتضن سجن نقرة السلمان الحقيقي وليس ما يعرض في وسائل الإعلام حالياً..

سجن نقرة السلمان قلعة كلوب باشا

كان سجن نقرة السلمان في فترة ستينيات القرن الماضي الذي يقع في قضاء السلمان ويرتبط بطريق بري واحد وغير مبلط (ترابي) مع قضاء السماوة بحوالي (140/150كم) باتجاه الحدود السعودية أن الداخل الى قضاء السلمان يتفاجأ بمنحدر ارضي شديد يلاحظ من خلاله مديرية شرطة البادية الجنوبية وهي قلعة كبيرة دائرية الشكل وكذلك سجن نقرة السلمان القديم (قلعة گلوب باشا) الذي يتكون من قلعتين كبيرتين شمالية وجنوبية التي بناها القائد البريطاني (ابو حنيچ) كلوب باشا عام 1927 لغرض السيطرة على الحدود العراقية لمنع التهريب بين العراق والسعودية وكذلك لصد الهجمات الوهابية على العتبات المقدسة في النجف وكربلاء بالإضافة الى السجن الجديد الذي تم إنشاءه عام 1956 من قبل حلف بغداد (السنتو) لمحاربة القوى الوطنية وهذا السجن مرتبط بالقلعة القديمة من خلال بوابة تربط بينهما بالإضافة منشآت القرية الأخرى من مركز شرطة ومستوصف ومدرسة ...الخ وبعض البيوت المتناثرة لسكان القرية وحرس السجن.


سجن نقرة السلمان الردهات الحديثة

وللمزيد من المعلومات ان سجن نقرة السلمان استقبل أول الوجبات من السجناء السياسيين عام 1942 ضمت شريحة من أبناء الشعب العراقي وشيوخ عشائر أمثال علوان الياسري والشيخ عجه الدلي والشيخ فتيخان ابو ريشة والشيخ صكبان العبادي والشيخ سوادي الحسون وخليل كنه وفائق السامرائي والعقيد سعيد يحيى وآخرون أطلق سراحهم بعد ان قضوا سنة واحدة في غياهب وزنزانات سجن نقرة السلمان .

وفي عام 1949استقبل سجن نقرة السلمان في قلاعه القديمة أول وجبة من السجناء الشيوعيين وكان عددهم حوالي 200 سجين من ضمنهم زكي خيري - عزيز الحاج - نافع يونس - عزيز محمد - ارا خاجادور - جمال الحيدري -حسين الرضي (سلام عادل) - رجب عبد الكريم - سلام الناصري - جاسم حمودي - كامل قزانجي - عبد الحسين جواد الغالب - حميد حمدي - محمد حسين ابو العيس - احمد غفور - عمرعلي الشيخ - عزيز عبد الهادي - عبد الوهاب الرحبي - حميد عثمان - كاظم فرهود - شهاب التميمي - وكذلك عددا من اليهود بينهم ابراهيم ناجي شميل -يعقوب اسحق - إبراهيم شاؤول - يعقوب منشي - حسقيل قوجمان.

كان المسؤول الحزبي لتنظيم السجناء في تلك الفترة سالم عبيد النعمان ومعه لجنة التنظيم المشكلة من محمد حسين ابو العيس وعلي شكر ويوسف زلخا ورشيد عارف وكان مدير السجن في تلك الفترة المجرم عبد الجبار وهبي الذي قضت محكمة الشعب بعد 14تموز 58 بأعدامه بسبب الجرائم التي ارتكبها بحق السجناء .


كاتب السطور في سجن نقرة السلمان عام 1963

قد يطول الحديث عن سجن نقرة السلمان راجيا من القراء الأعزاء الاطلاع عليه من خلال كتابنا الذي سيصدر قريبا تحت عنوان (من اعماق السجون... سجن نقرة السلمان قيود تحطمت).

ختاما نتمنى من الفضائيات ووسائل الأعلام الأخرى توخي الدقة في تاريخ السجون والرجوع الى المصادر والمواضيع والكتب التي تناولت تلك الفترة من بينها كتاب (نقرة السلمان) للكاتب والسجين السياسي جاسم المطير وذلك اعتزازا بهذه الفصيلة من الشيوعيين الذين كتبوا تاريخ السجون وقضوا زهرة شبابهم في زنازين الطغاة وخاصة مما يخص نقرة السلمان لأن هذه الإحداث والوقائع دخلت في ذمة تاريخ العراق السياسي ...
 



 



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter