|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء  8 / 10 / 2013                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 حرب المياه القادمة وانتحار شط العرب

عبدالجبار نوري

منذ قدم التاريخ والمياه تعتبرالمحدد الرئيسي في العلاقات الدولية ، واحيانا كثيرة تعتبر حافزا فعالا في اثارة الحروب والاقتتال ، وفي الوقت نفسه هي صانعة السلة الغذائية للكائنات الحية على هذا الكوكب حسب المنطق العلمي لمعادلة البيئة البشرية : الزراعة نفط دائم بينما النفط محكوم بالزوال والنضوب ، وانها اكسير الحياة وسر الوجود على هذا الكوكب الجميل لذا نشأت اقدم وارقى الحضارات في العالم ، مثل حضارة وادي الرافدين في العراق قبل اربعة الاف سنة ق.م - اقدم حضارة - وحضارة وادي النيل قبل 3150 سنة ق.م وحضارة الهند والسند قبل 2900 ق.م على ضفاف نهري الكنج وبراهما بوترا ، والحضارة الصينية قبل 1700 ق.م على ضفاف نهري اليانكستي والاصفر.

اذاً من المؤكد يكمن سر الوجود للكائنات الحية على هذا الكوكب في هذا العنصرالضروري والمطلوب دوما وبشكل ملح ، لذا ان العديد من الحوادث الحدودية المرتبطة بالمياه تحولت الى حروب مفتوحة وان المياه على كوكبنا غير موزعه بشكل منتظم وعادل حينما تتقاسم 23 دولة ثلثى الموارد المائية فيما يتوزع الثلث الباقي بشكل غير متوازن ما تبقى من الدول.

وبصراحة مؤلمة وبمرارة ان الدول المتشاطئه - الدول التي تقع على الانهار وتتقاسم مياهها - لا تعترف ولا تلتزم بالقوانين او الضوابط التي وضعتها المنظمات الدولية وهي غير ملزمة بل هي اخلاقية وانسانية ، بل تنطلق - مع الاسف - من خلال قوة دولتها ، ومن سوء طالع العراق انه متشاطىء مع تركيا وايران وسوريا وخاصة منابع جميع انهار العراق خارج حدوده - عدا نهر العظيم - اي في تلك الدول المذكورة الجارة العربية والمسلمة ، والعراق ضعيف امام هذه الدول وذلك لحروب النظام السابق وانهاك اقتصاده والاحتلال الامريكي الذي حل وفكك جميع مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وافول نجمه السياسي بحكومات المحاصصة الطائفية والاثنية والفوضى السياسية وغياب اهل الخبرة والاختصاص في صناعة القرار السبياسي وفقدان (المشروع الوطني) ، فتركيا وايران وسوريا رفعت سلاح (التعطيش السياسي) ضد العراق واستعمال ورقة منابع دجله والفرات للضغط السياسي على العراق وحصره في زاوية ضيقة لارضاخه للامر الواقع ، والذي زاد الطين بلة على العراق وعقد مشكلته المائية مع هذه الدول هو موقف الكويت العدائي ضد العراق فهى واقفه بالمرصاد لايذاء العراق ، فالكويت اعلنت عبر صحيفة القبس الكويتية : ان الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية سيسهم في دعم تنفيذ مشروع يؤدي لسحب مياه نهر دجله من اقصى الحدود السورية مع تركيا والعراق لمسافات طويله بهدف زيادة الرقعه الزراعية بمحافظة الحسكه شرق سوريا ، مما ادى الى انخفاض نسبة المياه العذبة في وسط وجنوب العراق وزيادة ملوحة شط العرب بزحف مياه الخليج المالحة نحو مدينة البصرة وتهديد مساحات واسعة من بساتين النخيل والحمضيات (ومن المؤكد لم يكن كرم وسخاء الجارة الحاقدة - كرمال عيون الاسد - بل لايذاء العراق فقط) . اما اسرائيل -فهى عدو فلا عتب عليها - ولكنها حليفة لتركيا المسلمة هدفها الحاق الاذى بكل من سوريا والعراق ، انها تروج لشعارها (موارد المياه التركية ملك لتركيا كما ان النفط ملك دول النفط) تهدف اسرائيل من وراء هذا الضغط على العرب والتأييد الكامل لتركيا لتحقيق المشروع الصهيوني الاستراتيجي (ربط مياه دجله والفرات بمياه الجولان المحتل وعلى حساب امن سوريا والعراق.)

ومن خلال هذه المعطيات التاريخية ومواقف دول الجوار في ايذاء العراق واستعمال سلاح التعطيش السياسي الظالم وسياسة لي الاذرع وتهديد الحياة في العراق، واذكر ما بنت هذه الدول من سدود وخزانات وبحيرات - ونحن لسنا بالضد مما تعمله هذه الحكومات لخدمة شعوبها و تأمين مستقبل اجيالها، لان حكومات العراق في العهد الملكي بنت سدود وخزانات ومشاريع اروائية عديده مثل سد دوكان ودربند خان ومشروع الحبانية والهندية وسدة الكوت ، وليسمع العالم بميزانية تقدر باكثر الاحتمالات ب (خمسة ملايين دولار فقط لاغير) في حين ان ميزانية حكومات بعد 2003 تعدت 130 مليار دولار ولمدة عشر سنوات لم تحرك ساكن لانقاذ الشعب من العطش وتأمين بلدنا من حرب المياه القادمة ، سوف نضطر الى مقايضة برميل نفط اسود ببرميل ماء ازرق طبعا في السوق السوداء. (مو بعيده ان تنقلب المعادله قطرة دم مقابل قطرة ماء) اقامت تركيا اكثر من 21 سد على منابع دجلة والفرات وخزانات عملاقة منها سد (اليسو) في 5 اب 2006 والذي خفضت مياه نهر دجله بنسبة 60% حيث ستنخفض نسبة المياه من 20 مليار متر مكعب الى 9 مليار متر مكعب ، وعندما سيحين موعد املاء خزان البحيرة العملاقة سيتضرر ملايين البشر ويلحق الضرر بخمس محافظات و13 قضاء و21 ناحية ، لملاحظة حجم الحقد التاريخي على العراق - اذكر ما تناقلته الدراسات العالمية (اجمالي الموارد المائية المتاحة لتركيا تقدر ب 195 مليار متر مكعب سنويا بينما تحتاج منه الى 16 مليار متر مكعب وبالمستقبل تحتاج الى 20 مليار، وسد (اورفه) الذي يستطيع حبس مياه دجلة والفرات مدة 600 يوم ، وسد (كاب) العملاق الذي يتكون من 13 مشروع للري وتوليد الطاقة الكهرومائيه، ويهدف المشروع الى اقامة 22 سدا على دجله والفرات، وهذه المشاريع التركية ادت الى انخفاض مستوى مياه شط العرب وزيادة الملوحة فيه ، واحتمال حدوث هزات ارضية وانزلاقات طينية بسبب حفر الوديان والبحيرات العملاقة والسدود، ناهيك من تأثيرات صحية - كثرة استعمال الفلاح التركي للمواد الكيمياويه. في الزراعة ، اما دور سوريا (العربية) منذ زمن الاسد الاب فهي تحاول بشتى الطرق غير المشروعة الخبيثة الحاق الضرر بالعراق ، كانت البداية 1968 بناء سد على الفرات الذي سمى بسد الثورة ويخزن .611 مليار متر مكعب من المياه ، واقامت اتفاقية ثنائية مع تركيا عام 1987 لتنظيم الحصص المائية بينهما بتجاوز حصة العراق وموقفه ، ونفذت الحكومة السورية مشروع الحسكة (بمساعدة الدعم المالى الكويتي)، فحارب بشار العراق منذ 2003 باصدقائه القدماء القاعدة بحجة افشال المشروع الامريكي في العراق (اللهم لا شماته - انقلب السحر على الساحر اليوم) ، واكثر المواقف حقدا حين يتعمد - الجانب السوري - اللصوصية بحجز حصة العراق الواردة من تركيا وتدفع مكانها مياه البزل الذي يزيد من ملوحة انهار العراق وتدمير اراضيه الزراعية.

اما دور الجمهورية الاسلامية الايرانية : فهى في نزاع تاريخي مستمر مع العراق على شط العرب منذ زمن الشاه الذي بنى سد على نهر الوند سنة 1960 وقطع مياه النهر - لحقده على ثورة تموز ومفجرها الزعيم عبد الكريم قاسم - ، اما في زمن الحكومة الاسلامية فقد لعبت بورقة المياه بشكل شيطاني ولئيم وبتوقيت انتهازي بامتياز حين حولت جميع الانهار والروافد التى تصب في دجله الى الاراضي الايرانية مثل نهر الوند والكرخة والكارون (وانها حولت 90 نهر ورافد دائمية الى داخل اراضيها ، وفي 11-8-2010 قطعت مجرى نهر( قورتو) عن خانقين مما الحق اضرارا بالغة بالمدينة وبالاراضي الزراعية ومياه الشرب . وزيادة ملوحة شط العرب وزيادة في التنكيل بعد قطع المياه تفتح قنوات البزل على الاراضي العراقية وخصوصا شط العرب (المسكين) الذي كثرت سكاكينه - من تركيا و سوريا و ايران وبعض دول الخليج واسرائيل - حيث اجمعوا وتأمروا على قطع الاعناق والارزاق بقطع مياه انهارهم وارسالهم بدلها مياه البزل المالحة، مما لحقت الكارثة البيئية بشط العرب حيث زيادة نسبة ملوحته وشحة مياهه فهجرته الطيور ونفوق اسماكه وهجرة سكانه وذبول (عثوك البرحي والتبرزل) فتسرب اليأس والاحباط اليه ووضع امامه خيارين اما ان يطلب اللجوء الى المنافي او ينتحر،

فيا سادة ويا كرام اتعلمون ما الذي اختار شطنا العزيز ؟؟؟ (اختار الانتحار) لانه استشارني ما الذى تختار لي ايها المغترب؟؟؟ حينها همست في اذنه : اسمع يا فتى اياك والغربه انها موت في كل يوم


 

السويد
5-10-2013









 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter