|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد  5  / 7 / 2015                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من أرشيف البيت الهاشمي
منهجية "الأمام الحسن" السلميّة

عبدالجبار نوري

يذكرني هذا اليوم 15 من شهر رمضان بطفولتنا البريئة حاملين الفوانيس و الشموع ونتراكض ونتدافع بشغف ومحبة في أحدى أزقة بغداد الحبيبة ، ونهزج بهذه الكلمات بدون أن نعي معناها { ماجينا --- يا ماجينا --- } وعندما تقدمَ بنا العمر سلمنا راية هذا الفولوكلور التراثي إلى الجيل اللاحق في محلتنا ، وعندها دفعني الفضول أن أسأل صديق والدي الشيخ عبد الرزاق الواعظ – فأجابني { أبني ، لولا ولادتك يا حسن ما جينا } .

هو الحسن أبن علي أبن أبي طالب الهاشمي القرشي ، 15 رمضان / 3 هجريه---- 4 آذار 625 م من أقواله :

** مكارم الأخلاق عشر/ صدق اللسان ، صدق البأس ، أعطاء السائل ، حسن الخلق ، بر الوالدين ، صلة الرحم ، الترحم على الجار ، معرفة الحق للصاحب ، قرى الضيف ، وعلى رأسهن الحياء .

** هلاك المرءفي ثلاث : الكِبر ، الحرص ، الحسد / فالكبر هلاك الدين وبه لُعِن أبليس ، والحرص عدو النفس ! أخرج آدم من الجنة ، والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل .

ترك البيت الهاشمي بصماتهُ في السفر العظيم لتراث الأمة ، في ثقافة الأدب والشعر والنثروفن الخطابة في السهل الممتنع ودقة المنهجية العلمية ، والفروسية ، ومكارم الأخلاق في الوعظ والأرشاد، والكرم والجود بالنفس لتحقيق الوحدة المجتمعية .

واليوم نحن أمام أحد أعمدة البيت الهاشمي وأقماره " الحسن أبن علي" طودٌ شامخٌ ، وقورٌ صبورٌ، سيّدٌ ، كريمٌ ، ورحيمٌ ، وحليمٌ ، ومتواضعٌ ، ومن ألقابهِ المجتبى ، الزكي ، كريم أهل البيت ، ريحانة رسول الله ، كيف لا وقد نَهَلَ من المدرسة النبوية لسبع سنوات ، ومن المدرسة العلوية ثلاثين سنة لذا أصبح حضورهُ بارزاً ومميّزاً في شخصيةٍ محوريةٍ أسمهُ الأمام " الحسن أبن علي" نجددُ ذكرى ولادته الميمونة والمباركة في 15 من شهر رمضان 3 هجريه – المصادف 4 آذار 625م ، وأستشهد الغائب الحاضرفي 7 صفر 50 للهجرة ، بالسّمْ على يد زوجتهِ جعده بنت الأشعث الكندي بأمرٍ من معاوية – خصمهُ ومنافسهُ ومغتصب حقهُ افي الخلافة – (
مروج الذهب /ج2 ص36) .

الصلح أو التنازل
الأسباب : يصحُ هنا أنْ نقول لكل حادثٍ حديث ، والحديث فيه طويل وخاضع للصح والخطأ ، الأفضل أنْ نلقي الضوء من الكاشف التأريخي حول هذهِ النقلة النوعية والمفصلية في حياة الأمة ، وثُمّ نترك للقاريء المثقف أنْ يقييّم مبادرة الأمام السلمية ، أو الصلحية : الأحداث تتسارع حول الأمام

1- قلة عدد أشياعه ، عدم أيمانهم بمبدأ " الأمامة " وأزدواجيتهم في الولاء ، وميلهم لحب الدنيا ، وولائهم لسلطة الأقوى وطمعهم في أغراءات معاوية المالية وتوزيع المناصب وموائدهِ الدسمة (
كتاب الحسن أبن علي- عبد القادر أحمد اليوسف ص 60 ).

2- كان عند الحسن أهم قضية – بعد أستشهاد أبيه – هي مواصلة القتال ضد معاويه ، فأنشأ جيشاً بقيادة أبن عمهِ " عبيد الله أبن العباس " ولكن معاويه أرشاه فأنقلب على الحسن ،

3- تعرَّض إلى ثلاثة محاولات أغتيال : الأولى/ رماهُ أحدهم بسهم عندما كان يصلي وجاءت بذراعهِ ، الثانية / ضربة خنجر أثناء الصلاة ، الثالثة / وهي الأخطر طعنة رمح في فخذهِ في طريقهِ إلى المدائن . (
كتاب التوحيد/ لأبن خزيمه ، الطبري – الجزء الرابع)

4- معاناة الحسن
* حزنهِ على فراق جدهِ ، وأبيه ، * شهد الهجوم على دار أمهِ فاطمه ، وما حصل عليها من أعتداء ، وهتك حرمة دارها ،
* وشهد ما تعرّض لهُ أبوه "علي" من الظلم والجفاء وغصب خلافتهِ ، والتعرض لشخصهِ على المنابر، وقنوت الصلاة ،
* شهد طعنة أبيه بالسيف أمام عينيه في المسجد وأستشهادهِ ، * قتل معاويه أصحاب أبيه واحدا تلو الآخر.(
الكامل في التأريخ- لأبن الأثير).

5- ثُمّ أنّ معاويه أكتسب الشرعية على أدارة بلاد الشام عندما عيّنهُ الخليفة الراشدي الثالث والياً عليها ، وأستقل بها عند خلافة علي ، وهذا مما ساعده على تكوين جيش أموي شامي موالي لهُ بالأغراء والقوّة ، والمعروف عن معاويه أنهُ من دهاة العرب وأحاط نفسهُ برجالٍ مثلهِ "كعمر أبن العاص" الذي يلقب بثعلب العرب الماكر، وكما يقول المثل ( شبيه الشيء منجذبٌ أليهِ ) ، كما أنّ معاوية أستعمل سياسة الشدة حيث صفى جميع أصحاب علي وخصومهِ من مؤيدي الحسن ، بأستعمال ( السُمْ ) حين وصفهُ المؤرخون بأنّ لهُ { جيشٌ من السُمْ } .

الخلاصة// أختار الحسن الصلح بدل الحرب لتحقيق هدف الأصلاح في الأمّة ِ، وفضحَ نوايا عدوهِ الدنيوية ، وطلب الهدنة من معاويه " لحقن دماء المسلمين وقطع دابر الفتنة ، والقضاء على التفرقة " (
مروج الذهب /ج2 ص36،ومقاتل الطالبيين) ، ثُمّ أنّ قول جده الرسول فيهِ لا يفارق ذهنهُ عندما قال : {أنّ هذا أبني سيّدْ وسيصلح الله بهِ بين فئتين عظيمتين من المسلمين} رواهُ البخاري ، وختم قراره السياسي بهذهِ العبارة المؤثرة التي تدل على حكمة وعقلانية وحنكة هذا القمر الهاشمي {فوالله لأنْ أسالمهُ وأنا عزيز، خيرٌ منْ أنْ يقتلني وأنا أسيرهُ أو يمُنّ عليّ فتكون " سُبَةً " على بني هاشم إلى آخر الدهر}، وقد ترك الدنيا الفانية رغبة في الآخرة الباقية ، في حقن دماء الأمة ، وأجماع الكلمة على أميرٍ واحد (البخاري) – وسلامٌ عليك يوم ولدت ويوم تبعثُ حيا ----- والسلام عليك يا قمر بني هاشم -


السويد
3- تموز - 2015
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter