|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس  29  / 5 / 2014                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الأنتخابات الهندية - للأطلاع على تجربتها الديمقراطية

عبدالجبار نوري

تجري اليوم ألأنتخابات ألتشريعية في ألهند في ظل حكم ديمقراطي عريق طبقاً للدستور الذي تمّ تطبيقهُ بداية سنة 1950: أنّ ألهند جمهورية ديمقراطية علمانية ذات سيادة ، نظامها ألسياسي جمهوري ذو طابع أتحادي ، يتشكل من غرفتين تشريعيتين ، لها نظام وُضِعَ على شاكلة ألنظام ألبرلماني ألبريطاني (ويستمنستر) ونظام الحكم في ألهند ذو ثلاث هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية ، فلأنتخابات تستمرخمسة أسابيع ، وتتمْ على خمس مراحل ، بدأت في يوم 16 نيسان ألحالي وأستمرت ألى يوم ألخميس من مايس الجاري 15-5-2014 ، وأغلقت ألصناديق بأحكام ، وتشرف عليها (لجنة ألأنتخابات ألهندية) ألتي تمّ تأسيسها طبقاً للدستور وهي لجنة مستقلة تماماً يوكل لها مهمة ألأشراف على ألأنتخابات وتحديثها بأستمرار ، وهي متاحة للجميع ، وتعمل على جعل ألمرشحين في أقراص مضغوطة CD  ، يمكن لأي مواطن ألحصول على نسخة منها ، وتتم عملية ألتصويت في 828804 مركز أقتراع منتشرة على مستوى ألبلاد من جبال ألهملايا حتى ألأقليم ألمداري ألأستوائي ، تستخدم فيها ماكنات ألأقتراع ألآليّة بما يضمن عدم حدوث أي تلاعب في ألأقتراع حيث لايتمكن ألشخص من ألتصويت أكثر من مرّه ، أو في مناطق مختلفة ، بألأضافة ألى سهولة نقل هذهِ ألماكنات ألى ألمناطق ألبعيدة ألتي يصعب ألوصول أليها أو ألتي يصعب على سكانها ألأنتقال ألى مراكز ألأقتراع للأدلاء بأصواتهم ، ويبلغ عدد الماكنات ألمقرر أستخدامها  37 -1مليون ماكنه ، كما قامت (لجنة ألأنتخابات ألهندية) بأصدار بطاقات أنتخابية مزودة بصورة للناخب لغرض ألتحقق من شخصيتهِ ، ومن ألمؤكد أنّ ألتجربة الديمقراطية في ألهند هي التي هيأتها للأنطلاق ألأقتصادي والعلمي وترسيخ مكانتها ألسياسيّة في ألعالم ، وشارك في ألأنتخابات ألهندية ألأخيرة أكثر من(500) مليون ناخب ، وبلغت نسبة ألمشاركة في ألأنتخابات أكثر من 66 % حطمت رقماً قياسياً في ألمشاركة ، بمشاركة قدرها(551 )مليون ناخب ، وأدلوا بأصواتهم في أكثر من (930) ألف مركزأقتراع –أي أكثر من ألمتوقع- ، و(15) ألف مرشح ينتمون ألى أكثر من ( 500 ) حزب سياسي ، وأجريت على تسع مراحل لأسباب أمنية ولوجستيّة ، وخرجت ألنتائج في يوم 15 نيسان الجاري بثلاثة أيام بعد أنتهاء ألأنتخابات: بخسارة ألحزب الحاكم (حزب ألمؤتمر ألوطني ألهندي) حزب أسرة غاندي- نهرو ) وهيمنتها على كل ألهند 67 سنة ، وألظاهر أنها فشلت في تحقيق ألنمو ألأقتصادي وتخفيف من ظاهرة ألتضخم ألهائلة وفشلت كذلك في مواجهة ألسيخ ألهندي ألقومي ألشوفيني ذو ألأتجاه أليميني ، وحصل على (44) مقعد من مجموع مقاعد ألبرلمان ألبالغ ( 543 ) ، وكانت خسارة فادحة وهزيمة نكراء مروعة بيد أنهم تقبلوها بكل رحابة صدر وروح رياضيّة ديمقراطية حين صرّحتْ (سونيا غاندي) رئيسة حزب ألمؤتمر ألحاكم : { نقبل بكل تواضع بحكم ألشعب ، ونحن نحترم أرادة ألناخبين ، ونرحب بها ، ونعترف بهزيمتنا }، (خلي يشوفون قادتنا ألنشامى!!!) – وأنّ حلفاء حزب ألمؤتمر ألخاسر من جبهة أليسار ألمتكوّنْ من ( ألحزب ألشيوعي ألهندي ، وألحزب ألتقدمي ألهندي، حصلتْ على 17 مقعد ، بينما حصل ألحزب ألمعارض ألمنتصر (بهاراتيا جاناتا) على ( 282 ) مقعد من مجموع مقاعد ألبرلمان ألبالغ (543) مقعد ، ومع حليفهِ (ألجبهة ألديمقراطية) سوف يجمع ( 339 ) مقعد وبهذا قد ضمن ألأغلبية المريحة والفوز بالحكومة ألهندية ألمقبلة ، وهو فوز لم يحدث منذ ثلاثين عاماً --- وُصفتْ من قبل ألمراقبين ألدوليين وألأمم ألمتحدة ووسائل ألأعلام ألمحايدة للعالم { بأنها كرنفال ديمقراطي حقيقي ، وتنافس حرٍ شريف ، لم تشهد ألبذخ ألمليوني في فترة ألدعايات ألأنتخابية ، ولم يستعمل ألمال ألعام في ألدعاية ، منع ألكيان ألسياسي ألمشارك في ألأنتخابات ألدخول ألى مراكز ألعد والفرز ، لآ وجود لبطاقات حمراء أو صفراء ، ولم تطول فترة أيام ألعد والفرز ألا أيام قليلة جداً ، ولم تسجل أي أعتراض على النتيجة ألنهائية ، ولم تشهد بيع ألبطاقات ألأنتخابية- بالرغم من الفقر المدقع والعوز القاتل للشعب الهندي- نسبة ألفقر 35 % من ألسكان}
وحقاً أنها أضخم ممارسة ديمقراطية بأمتياز على مستوى العالم : وفي أحداثٍ وظواهر تثير ألأعجاب

* منها ألتحديات أللوجستية وألأمنية ألهائلة ،

* بلغات لا تقدر ولا تحصى،

* ألمرشحون لا يُعرّفونَ بأسمائهم فحسبْ بل برموزأنتخابية لمساعدة ألناخبين ،

* ألفائز حزب قومي هندوسي معارض وهي مشكلة أجتماعية كبيرة ،

* ألعداء ألدفين بين ألفئات ألقومية ألمتصارعة ،

* مساحه جغرافية واسعة تقدر ب82-3 مليون كم2 بمساحة سابع أكبر بلد بالعالم ، تمتد من جبال هملايا شمالاً حتى ألأقليم ألمداري ألأستوائي جنوبا ببيئةٍ متنوّعة وتضاريس معقدة،

* وبكثافة سكانية هائلة أكثر من مليار نسمة حسب أحصاء 2005 ، وتعتبر ألدولة ألثانية من حيث عدد ألسكان في ألعالم،

* ألتنوّع ألديني نشأت فيها أربعة ديانات رئيسيةٍ (ألهندوسية 80 %،ألبوذية ، والجانية ، والسيخ 9 -1 %) وفيها ألزرادشتية واليهودية والمسيحية 3-2 % وألأسلامية 5 -13 % تقدر ب 180 مليون مسلم ويمثل ألمذهب ألثاني بعد ألهندوسية ،

* تتكوّن ألهند من 28 ولاية وسبعة أقاليم أتحادية ، * تعاني من مستويات عالية من ألفقر وألأمية والبطالة وسوء ألتغذية ،* والهند متعددة أللغات حوالي (350 لغة ولهجة - رقم تقديري ، غير رسمي -) .

* ومن الغرائب تنوّع ألمرشحين فيهم ألمتعلم وفيهم لايحمل تحصيل علمي وفيهم ألملياردير وفيهم الساحر،

* بالرغم من ألفقر ألمدقع وألبطالة وألتسوّل ، يفترض أنها بيئة خصبة في تطوّر ونمو ألحركات ألتقدمية أليسارية ألثورية للمطالبة بالخبز والحياة ألائقة ، نجد ألعكس أذ لم نجد لهذهِ ألقوى حضوراً حين حصلت جميعها على 17 مقعد فقط.!!!

* ومن ألغرائب على فوز هذا ألحزب ألعنصري ألدموي ذو السيرة ألشوفينية أنْ يحصل على تأييد منقطع ألنظير من ألمجتمع ألدولي من ألمراقبين الدوليين ، وألأمم ألمتحدة ، ووسائل ألأعلام المحايدة في ألعالم ، وأمطرتْ عليها جميع دول ألعالم برقيات ألتهنئة وعلى رأسها ألولايات ألمتحدة ألأمريكية وعلى لسان رئيسها " أوباما": نحن نثمن هذه ألتجربة ألديمقراطية ألماراثونية بأعجابٍ شديد ، وألأغرب أنّ نواز شريف رئيس ألوزراء ألباكستاني - ألجارة ألعدوة - قام بتهنئة مودي في أتصال هاتفي بنتائج ألأنتخابات ، وأنّ الحكومة ألفائزة محتمل أنْ تحوّل ألعقيدة النووية ضد أعدائها وخاصةً ألباكستان حين صرح مودي في أحدى مؤتمرات ألدعاية ألأنتخابية : أننا سنقوم بعمليات عبر ألحدود ألباكستانية لندمر ألأرهابيين ألباكستانيين (الله يستر!!) .

آيديولوجية ألحزب ألفائز/

أنّ (تايندار ناريندرا مودي) مرشّح ألحزب ألفائز( بهاراتيا جاناتا) و "تعني:حزب ألشعب ألهندي"، وهو هندوسي متعصّبْ يميني ، وهو عضوفي ألحركة ألوطنية RSS وهي حركة ذات أتجاه عنصري أشبه بألنازية ، وهو من مسؤولي ألمذابح ألعنصرية ألتي أجتاحت ألهند في عامي 2002 و2008 ضد ألأقليات وخاصة ألمسلمة ألتي مازالت تدفع ثمن هذهِ ألنعرة ألشوفينيّة ، وعبّر مؤسس ورئيس ألحزب (راجنات سيغ) عن أحترامهِ للنازية ألألمانية حين سمّاها أوج ألفخر ألعرقي ، وتسعى ألحركة للسيطرة على عموم ألهند ، وفي عام 1949 أغتال من هذهِ ألحركة مؤسس ألهند ألحديث " مهاتما غاندي" لكونهِ متساهل مع ألمسلمين ومسالم مع ألجميع ، أستلهمتْ ألحركة ألتطرف من من ألحركات ألفاشىيّة في أوربا ، وشعاراتها ألدعائية ألأنتخابية ألعلنية لكسب ألأصوات والوصول للسلطة : نحن رجال أنجازات لا رجال وعود ، ألهند فازت ولم يقولوا ألهندوس فازوا ، ولكن أفكارهم ألمتطرفة لا يمكن أخفاؤها والمعروفة بشعارات حزبهم ،أتركوا ألهند للهندوس، وهند ألهندوس وهندوس ألهند،وهذهِ ألأشارات حللها ألأعلام ألعالمي بأنّ ألفائزين يقودون ألمجتمع ألهندي ألى ألأصولية ألحقيقية .

ألخاتمة/ رأيّ ألشخصي ، وقد (يخضع للخطأ وألصواب):
1- لفد أظهرت ألهند مرة أخرى قوّة ألديمقراطية في ألأنتقال ألسلمي للسلطات ألشرعية ، وأن يكون هذا ممكناً في بلادٍ فقيرةٍ واسعةٍ متنوّعةٍ مثل ألهند وهذا أنجازُ سياسي يدعو للأعجاب !!!

2 - رفض ألهنود لسياسات السلالة ألحاكمة منذ 67 سنة والتي أدت ألى نهاياتٍ حزينةٍ للخدمة ألعامّة ،

3 - ضعف قوى أليسارفي أستيعاب ألأنهيار ألمجتمي .

4 - ألفوز الساحق لتيار ألتعصب ألأثني ألذي سيواجه حتما أشكالات مجتمعية عديدة ، وستواجة تحديات أقتصادية جمةٍ حيث تجعلها على ألمحك في محاربة ألأرث ألتأريخي ألمتراكم من ألفساد والفقر والتسوّل وألبطالة والتنمية ألأقتصادية ألمتردية بنسبة 5 %.

5 - مجيء مثل هذا ألحزب ألمؤدلج أثنياً بنزعة عدوانية قد يبعث في العقيدة ألنووية مع ألجارألباكستاني مما يشكل تهديداً للسلم ألعالمي وعموم ألمنطقة .
 

السويد
 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter