|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت  29  / 11 / 2014                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ثقافة الفوضى في حكومة المقبولية

عبدالجبار نوري

كانت سنة 2003 نقلة نوعيّة في تأريخ الدولة العراقية منذ نشأتها من أعتى نظام دكتاتوري شمولي ولأربعين سنة معايشة مع كم الأفواه وعبادة الصنم وتأليهْ القائد الرمز والتفنن في بناء السجون والمعتقلات وتقوية حبال المشانق وأحواض التيزاب والمقابر الجماعية والحروب العبثية وحصار أقتصادي لأحد عشر عاماً ، إلى نظام ديمقراطي تعددي وأنتخابات ودستور وللأسف الشديد أنّ العراق لم يلمس راحة البال ولا يوماً واحداً ، حكومة أزمات ، ديمقراطية عرجاء ، دستور ملغّمْ ، و القفز على الأنتخابات ، وقادة محاصصون كلٌ يلهثُ وراء ليلاه (الطائفة والمذهب والقومية والمناطقية) المشاريع الصناعية متوقفة بنسة 95 % وأرجعونا قادتنا إلى عصر الغابة في سيادة قانون القوّة بل أكثر من شريعة الغابة حين يضاف لها المحسوبية والمنسوبية ، وهكذا نعيش هذهِ الفترة العصيبة والمملة والمظلمة بدولة تفتقد المؤسسات ، وغياب الدور الرقابي للبرلمان ، والفساد المالي والأداري ، وأسوار حدوده مهدمة ، أصبحت سهلة العبور لعصابات الأرهاب الداعشي عابري الحدود ، الذين أحتلوا أرضنا بغفلة من قادتنا ، وبحساب الخسارة والربح لقد خسرنا كل شيء أرضنا ، كرامتنا وأموالنا ومستقبل أجيالنا القادمة بسبب بوصلة قادتنا التي جعلوا مؤشرها بأتجاه فايروس الطائفية والأثنية والمناطقية وتناسوا وطنٌ مقدسٌ يستحق التضحية والأنتماء اليه .

وموضوعنا في هذا المقال هو عهد حكومة الدكتور العبادي التي تشكلت على أساس فرية (المقبولية) ، لقد قبلنا بها وأستبشرنا ببرنامجها الحكومي الذي من أولياتهِ " محاربة الفساد " الأداري والمالي والضرب على أيدي المفسدين بيدٍ من حديد ، وللأسف لم نجد أسترجاع الأموال المنهوبة ، ولا ألقاء قبض على لص سياسي ، ولا حتى كشف ملفاتهم التي يهددون بها ، وما قيمة كشف المستور و( تخمير) الملفات بعد أنْ يقع الفأس بالرأس؟؟ ، والتبريرات هنا غير مسموحة (أنشغال الحكومة في الحرب ضد داعش ، والتركة الثقيلة من الفساد الموروثة من الحكومات السابقة) ، لأنّ هناك تجارب لأممٍ خاضت حروب لكنها خصصت قوات شغب ، أو قوات الرد السريع لمكافحة ما أسموه (الرتل الخامس) .

عمليات الخطف الذي وصل في بغداد أكثر من "مئة " حالة منذ شهر أكتوبر لحد اليوم ودوافع كثيرة تقف وراء هذه الجريمة الشنيعة (الأبتزاز المالي بطلب فدية مالية ضخمة لا قبل للناس من تحضيرها ودفعها ، العداوات ، غايات سياسية لهز المجتمع وأرعابهِ ، وصرّحَ رئيس مجلس النواب العراقي : أنّ العراق يشهد نوعاً آخر من الأرهاب لا يقل خطورة عن الأرهاب ، وراءهُ دافع أبتزاز مالي والتأجيج الطائفي ، وأضاف أنّ الخطف أرهاب الجريمة المنظمة وهو طعن العراقيين في الظهور والعمل على أضعافهِ.) أنتهى/

مهزلة الرشوة المنتشرة في أغلب دوائر الدولة وخاصة في مراكز الشرطة ، وتكون الرشوة بالتوريق أو بكارت موبايل أبو العشرة آلاف (يا لدناءة النفوس الضعيفة الهابطة والرخيصة!!! ) ،وأطلب من وزير داخليتنا الشاب "الغبان صاحب الماضي الشريف العريق" أن يتصدى لهذه السلبيات بشجاعتهِ المعهودة ، وظاهرة المتسولين // وهم كثر وهم ينتمون إلى فئتين الأولى تخضع لسيطرة العصابات ، والثانية فئة النازحين والمهجرين من المناطق الساخنة المضطربة أمنياً .

الجريمة المنظّمة : وهي مجموعة من الأنشطة الأجرامية بعملياتٍ واسعة النطاق والمتعلقة بجرائم الخطف والقتل الممنهج وغسيل الأموال ، وتجارة المخدرات والأتجار بالنساء والأطفال ، والأتجار بالأعضاء البشرية ، وتهريب الآثار والأتجار بها ، وظاهرة بيع الأدوية على الأرصفة (ولعلم وزارة الصحة أنها مسروقة من مستشفياتنا) ، وميليشيات بزي عسكري وسيارات رباعية الدفع ربما تكون مسروقة من الحكومة وتقوم بمهماتها الأجرامية في السطو المسلح كما يجري على مكاتب الصيرفة ومحلات الصاغة والبيوت الآمنة كما حدث في سرقة رواتب الموظفين في البصرة أيلول الماضي ، وأفاد مصدر في الشرطة العراقية يوم الجمعة 21-11 عن أختفاء موظفة في أحدى المصارف بعد أختلاسها 40 مليار دينارمن أصل 142 مليارحوّلتها إلى مصرفين أهليين ، وتوضح أنّ وزارة الداخلية لا زالت تعاني من عدم قدرتها الحقيقية على أختراق العصابات والقبض عليها ، وفي ظاهرة الفضائيين الجديدة على مجتمعنا نقلت وكالة (واي نيوز الأخبارية) عن مصدر رفيع في وزارة الدفاع العراقية أن الحصيلة الأولية 550 فضائي في الوزارة يكلفون الميزانية 5 مليار دينار شهرياً (وهذا في باب هدر المال العام) ، وأشدُ على يد وزيرالدفاع الجديد الدكتور خالد العبيدي الشجاع بتطهير وزارتهِ من هذهِ الطفيليات.

أزمة الغاز وسعر رغيف الخبز: أرتفع سعر قنينة الغاز ثلاثة أضعاف سعرها الرسمي – ونحن في الشتاء – أحياناً مما يؤدي إلى أرتفاع سعر رغيف الخبز أو صمون الأفران ، لا ندري هل هي مفتعلة ؟ يتلاعب بها بعض التجار ضعاف النفوس ، والسوق السوداء لأرباك وضع المجتمع ، أم أنْ كان الخبر من باب الدعايات الأرهابية لزعزعة ثقة الشعب بالحكومة ، هنا يجب على الداخلية التحرك والتحقق ومعالجة الموضوع أنْ كان صحيحاً .

التجاوزات على الأرصفة ، وعلى مغذيات الكهرباء ، وظاهرة بيع الأغنام وسط المدينة كما أطلعتنا كامرة فضائية الفيحاء منظر باعة الأغنام قرب ساحة سعد في البصرة (والمضحك المبكي أنّ صاحبها لا ينفذ أمر المحافظ بأدعائه أنها تعود للشيخ فلان رئيس عشيرة فلان ، والظاهر أنْ القوانين العشائرية هي السائدة كما في السماوة والديوانية يكون الطبيب (المسكين) مسؤول عن موت المرضى ويدفع دية قد تكون بالملايين !!! وفي بعض المحافظات ( لوبيات ) تمنع أستبدال المدراء العامين المشمولين بقرار المجلس والقاضي أستبدال المدراء الذين أمضوا أربع سنوات متتالية في مناصبهم ، أين هيبة الحكومة ؟؟؟ من فرض شخصيتها المعنوية على الخارجين على القانون .

الخاتمة / عفواً أنّ الجروح عميقة وبمساحة العراق لا أريد أثارة المواجع، وأنّ "مشاهد" ملهاتنا المأساوية كثيرة ، ونتساءل أين الرقابة المالية ؟ التي حاسبت الباشا في العهد الملكي في زيادة 100 فلس في أحدي أيفاداته ، وأين لجنة النزاهة البرلمانية من حيتان العقود والبنوك؟؟ ، وكانت أمنيتنا حكومة مهنية متماسكة تطبق القانون على كل الهرم المجتمعي ، وأنّ طموحات الشعب العراقي متواضعة وبسيطة حين يطلب الأمان - ورحم اللهُ الأمامَ أبا الحسن حين قال حكمتهُ المشهورة (الصحةُ والأمان نعمتان مجهولتان) - كي يعيش كما يعيش سكان جزر الواق واق ، والله من وراء القصد !!!!
 


السويد
في 26-11-2014
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter