|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة  27  / 12 / 2013                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المالثوسيّة وعدوانية الفكر الرأسمالي

عبدالجبار نوري

من هو مالثوس ؟؟
هو الأقتصادي والسياسي والقس الأنكليزي روبرت مالثوس 1766 -1834 م الذي أشتهَربكتاباتهِ عن السكانْ وألّفَ كتابهُ المعروف (تجربه حول قانون السكان) الذي نُشِرَفي أواخر القرن الثامن عشر 1798 وهي نظريه تشاؤمية متجردة من أدنى المشاعر الأنسانية وتحمل أحطْ الأفكارالهمجية وأكثرها شيطانية في محاربة الفقراء حين يؤكد (مالثوس) التخلص من الفقراء بدل الفقر، وصاغ في نظريتهِ حول السكان أفكارهُ السوداوية حيث ورد فيها : إنّ الرجل الذي ليس لهُ من يعيلهُ والذي لا يستطيع أنْ يجد عملاً في المجتمع سوف يجد أنّ ليس لهُ نصيباً من الغذاء على أرضهِ فهو عضو زائد في وليمة الطبيعة حيث لا صحن لهُ بين الصحون فإنّ الطبيعة تأمرهُ مغادرة الزمن ويعد أكثرالمنظرين الأقتصاديين تأثيراً في الوعي اللبرالي الغربي ، عُرِفَ (مالثوس) كونه باحث سكاني وأقتصادي وسياسي أنكليزي لذا أشتهربنظرياتهِ حول الزيادة السكانية حديثا، وإنّ (مالثوس) لم يكن أول من بحثَ في نظرية نمو السكان فأبن خلدون بحث في ذلك منذالقرن الرابع عشرحين تحدث عن الصلة الوطيدة بين عدد السكان ومستوى الحضارة لأنّ عدد السكان عامل مهم في تقسيم العمل والنمو، ومالثوس وضع نظريتهُ في علم السكان وقد فرضها على علم الأقتصاد لأنّ العلاقه وطيدة في تطور عدد السكان وتطور كمية الأنتاج أي زيادة السكان يؤدي .إلى نقص الغذاء والسكن .

نظريتهُ
جوهر النظرية المالثوسية تقوم على أساس إنّ عدد السكان يتزايد بنسبة تفوق نسبة الموارد الغذائية وهي نظرية سوداوية مخيفة أعتمدها الرأسمال الأستعماري الذي كان يسيطر على مساحات واسعة من القارات القديمة خصوصاً وهناك من يدافع عنها معتمدين على جرى ويجري على كوكبنا من حروب ومجاعات وكوارث طبيعية ، وكان وقت ظهور النظرية تَمَثّلَ في الفترة التى أصطدم بها النظام الرأسمالي في فجر وجودهِ بأًولى مظاهر الأزمة التي رافقت الثورة الصناعية حيث فقر الفلاحين والحرفيين وأنتشار البطالة --- فسرها مالثوس : بأنّ قدرة السكان على التزايد أعظم من قدرة الأرض على أنتاج وسائل العيش لذلك لخّصً نظريتهُ بأنّ {تزايد السكان يتم وفق متوالية هندسية بينما وسائل العيش بمتوالية عددية} أي تزايد السكان يتقدم بنسبٍ عاليةٍ أما وسائل العيش تتزايد بنسبٍ منخفضة ، وهنا يريد أنْ يقول : تزايد السكان يؤدي الى المجاعة لذا وضع مالثوس إجراءات لوقف النمو السكاني وأطلق على هذهِ الأجراءات (المنظمات الأخلاقية للتوازن) ويقصد بها الزواج المتأخر وضبط الشهوة الجنسية ، وأصبحت النظرية المالثوسية موضع قبول عام في الفكر الأقتصادي الرأسمالي ، ويرى : ليست النظم هي المسؤولة عن البؤس والجوع والظلم إنما تقع المسؤولية على الطبيعة ذاتها فقد لاحظ تزايد كلً من السكان والموارد الغذائية مع مرور الزمن ولكنّهما لا يتزايدان بنفس المعدل ويؤدي هذا الأختلال في معدّل الزيادة إلى ظهور المظالم الأجتماعية، وأشار على إنّ السكان قادرون على المضاعفة كل 25 سنة إذا لم تقمْ عقبات تحولُ دون ذلك ---- أما الأنتاج الزراعي لا يستطيع مواكبة هذهِ الزيادة ، ويؤدي الأختلال بين الزيادة في السكان وقلة في الموارد الغذائية إلى ضرورة تدخل عوامل خارجية من شأنها إعادة التوازن بين نمو السكان ونمو الموارد الغذائية وبيّن إنّ هذهِ العوامل تتكوّنْ مما أسماه ب ( الموانع الأيجابية) مثل الحروب والمجاعات والأوبئة والأمراض والكوارث الطبيعية، ووضحَ نظريتهُ أكثر: التوسع السكاني وندرة الموارد ويؤدي إلى صراع عنيف ، وإنّ الحروب بنظرهِ سببها النمو السكاني الكبير والموارد المحدودة وإنّ زيادة السكان مستمرة دائماً ولا يوقفها إلا الحروب والمرض والمجاعة والكوارث الطبيعية ، ويرى مالثوس الحل لهذهِ الكارثة الرهيبةِ أتباع ما سماه ب (الموانع الوقائية) كلأحجام عن الزواج والحد من التناسل وإلاّ أدى الأمر إلى الحروب وأنتشار الأمراض وسماها ب (الموانع الرادعة) التي تساعد على إعادة التوازن بين النمو السكاني ونمو الناتج الزراعي.

نقد النظرية
*
وقد تعرضت آراء مالثوس على أمتداد القرن التاسع عشر والعشرين وإلى الآن إلى النقد الذي أثبت إفلاسها ، وكانَ ماركس قد دعا في كتابهِ (راس المال) المتوالية الحسابية بأ لمتوالية الباطلة وكان النمو الأقتصادي المستمر الذي شهدتهُ الرأسمالية منذُ مطلع القرن العشرين وما رافق ذلك من بدأ أنخفاض النمو السكاني في معظم الدول الرأسمالية هي أكبر دليل على بطلان المالثوسية ، وتطبيق الماركسية- اللينينية في الأتحاد السوفيتي وأعالة أكثر من 350 مليون نسمة على أمتداد مساحات ثلجية وما رافقها من ثورة صناعية وتطور وسائل الأنتاج والوعي الصحي وتنظيم الأنجاب الذي برهن بطلان المالثوسية بزيادة أنتاج الموارد الغذائية بخط متوازي مع الزيادة السكانية.

* يرى كارل ماركس: أنّهُ لا وجود لقانون عام ثابت للسكان ، فلكل مجتمع قانونهُ السكاني الخاص بهِ ، ويعتقد أنّ النظام الأقتصادي السائد في المجتمع هو الذي يتحكم في عدد السكان وليست الخواص الثابتة في الطبيعة فإذا ما تحوّل النظام الأقتصادي الذي يتبع الطريقة الرأسمالية في الأنتاج إلى نظام أشتراكي سوف لن تكون ثمة مشكلة سكانية والمتمثلة في الفقر والمجاعة ، وإنّ التحكم في وسائل العيش راجع إلى مساويء النظُم الراسمالية التي يمكن أنْ تزول بعد زوال الطبقات وبناء المجتمع الشيوعي.

* ومن عيوب النظرية المالثوسية تكمن في أضفاء طابع بايلوجي على العمليات الديموغرافية وفي المبالغة بتقدير دورها كعامل محدد للتطور الأجتماعي أي في الجمع بين الحتمية البايلوجية والديموغرافية ، ثُمّ إنّ التغيرات التي حصلت في مجال التكنولوجية والأختراعات الطبية الدقيقة في علم الأجنة وامكانبات في علم الأستنساخ البشري أي اللعب بالهندسة الوراثية ومضاعفة الأنتاج الزراعي والحيواني وتنويعهِ والتحكم في الزمن والمكان، وكذلك تطور وسائل علمية حديثة لمضاعفة أنتاج الغلة الزراعية كأستعمال الأسمدة الكيمياوية والمكننة والبذور المحسّنة ، وللتذكيرإنّ هذا التقدم العلمى في هندسة الجينات لم يكن يتوقع مالثوس تطورهُ بهذ الشكل السريع.

* ثُمّ إنّ النظام الرأسمالي المؤيد لهذهِ النظرية أللاأنسانية والتعيسة تخضع لمعادلة العرض والطلب فيكون للحصول على أرباح عالية تذهب إلى أنّ كميات كبيرة من الأنتاج تحرق أو ترمى في البحر من قبل الشركات المتعددة الجنسيات لكي تبقى موازين وآليات العرض والطلب هي الأهم في السوق الرأسمالي ، فالتقرير الذي أعدتهُ لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1973 أعلنت " صراحةً : أننا نوزع فائض الغذاء لا على أساس الحاجات وإنما على أساس أعتبارات تحكمها السياسة الخارجية".

* وإنّ المبالغة بخطورة النمو السكاني وما يرافقهُ من فقر ومجاعة وأغفال دور التقدم العلمي والتقني من المعادلة السكانية المتشائمة واعتبارهِ عاملاً ثابتاً يفقد مصداقيتهُ العلمية فتطبيق التكنلوجية الحديثة في الأنتاج الزراعي يؤدي إلى رفع معدلات الأنتاج بوتائر عالية ناهيك عن أستنباط أصناف نباتية جديدة عالية الأنتاج نستنتج بأنهُ ليس هناك أزمة غذائية عالمية وأنما هناك سوء في توزيع وأحتكار التكنلوجية من قبل الدول المتطورة ، فالانتاج الغذائي يكفي لأعداد مضاعفة من عدد سكان العالم --- فالدول الغنية التي لا يتجاوز سكانها 16 % من سكان العالم تسيطر على أكثر من 85 % من الصادرات في العالم، ثُمّ هناك عبثية أستهلاك الغذاء في الدول الغنية حين تظهرأحصائية عدد مقتني الكلاب في أمريكا 25 % في بريطانيا 10 % وفي السويد 15 % وفي المقابل هناك أعداد كبيرة من الأطفال يموتون جوعاً في القارة السوداءٍ المستغلة من استعماربعض الدول الغربية منذ أمد بعيد.

* يعتمد دعاة مبدا الديموغرافي على فكرةٍ مفادُها إنّ الجوعَ والفقرَ يجتاحان البلدان النامية سببها المعدلات العالية للولادات وذلك لأضفاء صفة الشرعية على الفقر والتخلف لأجل تبرير عيوب النظام الرأسمالي الأستغلالي في حين كان النمو السكاني عنصراً هاماً من عناصر التنمية في معظم البلدان الصناعية كفرنسا وألمانيا وأمريكا وبريطانيا واليابان.

* وعليهِ إنّ طبيعة النظام السياسي ودرجة تطورهِ يلعبان دوراً مهماً في ضمان دخل وحاجات الأنسان المادية والسياسية وتنظيم سلوكهِ الأجتماعي فدولة مثل الصين يقدر سكانها بمليار و200 مليون نسمة وبنمو أقتصادي بمعدل12 % سنوياً وهو أعلى معدل في العالم وتصدر الدجاج الى العالم !!! وأنهيار الأتحاد السوفيتي تراجع دخل الفرد وزاد الفقر وتدهور الوضع الصحي فهي مؤشرتوضّح دور النظام السياسي في تأمين حاجات الفرد الأساسية وهذا دليل آخرفي دحض آراء الديموغرافين المتشائمين – أصحاب نظرية مالثوس-وتعميماتهم على المستوى العالمي.

* كما إنّ البشرية لم تستغلْ منتجات البحار الغذائية إلا بنسبةٍ ضئيلةٍ جداً رغم أهميتها، وإنّ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة على كوكبنا تبلغ عشرة ملايين ميل مربع لم يستثمر منها سوى 7-4 مليون ميل مربع فقط لحد الآن فلو تمّ أستثمار الجزء المتبقي من هذهِ الأراضي فإنّ المنتجات تفوق حاجة السكان.

* التقدم التقني والعلمي في الفكر الأقتصادي بتطبيق (قانون الغلة المتزايدة) وبدأ معدل النمو السكاني في اوربا بالتراجع –في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ولم يتضاعف عدد السكان إبانْ خمسة وعشرين عام كما تنبأ مالثوس وكان من نتيجة ذلك أنْ أصبحت القارة الأية تعاني من *فيضٍ* المواد الغذائية وليس من نقصها.

* ثُمَ ونحنُ في القرن العشرين نلاحظ زيادة سكانية في جميع دول العالم وذلك لأرتفاع مستوى الدخل ، قلة الوفيات، زيادة الوعي الصحي، أرتفاع نسبة الخصوبة في البلدان النامية ، انتهاء الحروب ، أكتشاف مسببات الأمراض كالسل والتايفوئيد والكوليرا --- ومقابل الزيادة السكانية---- زيادة وتنوع الموارد الغذائية أكثر من حاجة الدول الأوربية فشكلت الأتحاد الأوربي من 25 دولة تسير بنظام التكامل الأقتصادي مع بعضها ودول العالم.

وأخيراً أثبت الأقتصاديون المعتدلون والأشتراكيون الماركسيون الفشل الذريع لنظرية { مالثوس} وسماها بعضهم (النظرية المتشائمة) وسمتها النظرية الماركسية " إنّها تعبير عن المصالح البرجوازية الأوربية ، وإنّ تقدم تكنلوجية الزراعية والتخصص في أصناف الثروة الحيوانية والتطورالعلمي في صناعة الألبان والأغذية المحفوظة أمّنَتْ السّلة الغذائية للبشرية بيد انّ السيطرة الرأسمالية في الأنتاج تحاول دائماً تحديده أو تلفه أحياناً بغية الحفاظ على الأسعار، وإنّ البلدان النامية ليست فقيرة بل مُفَقّرة بسبب النظام الأستغلالي في النُظمْ الرأسمالية.


مصادر البحث
1 - تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية 1992 ص314
2 - كارل ماركس-كتاب رأس المال
3 - محمد سيد غلاب-أقتباسات ديموغرافية وجغرافية-القاهرة 1978 ص 175





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter