|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 25  / 2 / 2014                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الخدمة الجهاديّة وأستنزاف الموازنة

عبدالجبار نوري

إنّ لمفهوم أصطلاح الجهاد عدة قنوات محورية أختلافية تنطلق من تصورات وآيديولوجيات مختلفة ،بدأت بمفهوم (الغزو) عند البدوي وهو أبن الصحراء الخالي من مصادر العيش ، لذلك كان البدوي يمتهن الغزو في قطع طريق القوافل والسلب المسلح بأستعمال السيف ، وكان عندما يخرج من خيمتهِ يقول "اللهم أرزقني غزوه" (أبن خلدون - علي الوردي) – وإنّ الأرهابيين اليوم عندما يفجرون ويقتلون عباد الله يسمونها (غزوه) ، وبعد الأسلام أستثمر كلمة الغزو المتمرس بها الأعرابي ولكن حسب آيديولوجية أعتبرها من ثوابت واركان الدين حين حولها الى أصطلاح الجهاد في سبيل الله وهذا ما يعني أنّهً مصطلح أسلاموي أي بذل الجهد فعلا وقولا في مصلحة الأسلام فالثواب هو الجنة ورضاء الرب ولا يحتاج لراتب خدمة جهادية !!! ، أما التعريف الحداثوي المعاصر للجهاد: هوالنضال والكفاح والتضحية في سبيل الأوطان وكسر قيود الأستبداد للحصول على الحريّة ويسمى المصطلح (المدني) ، وهي مسألة طوعيّةٍ ذاتيّةٍ لأنّ القوانين الوضعية بينت للفرد حقوق وواجبات فمن واجباتهِ الرئيسية الدفاع عن الأوطان التى توفّر للمجتمع الكرامة والعزّة فهو لايطلب نفعاُ عاماً لأنّ نضالهُ وجهادهُ طوعي، فهنا ينبغي على الأحزاب السياسية والدينية والعلمانية تكريم أعضائها الذين جندوا أنفسهم لخدمة أهداف الحزب للوصول للسلطة لأجل تطبيق مبادئها على أرض الواقع ، وينبغي على هذه الاحزاب أنْ تكرم أعضاءها من ماليتها لا من موازنة الدولة التي هي ملك الشعب ، إذاً لايوجد أي مبرر قانوني أو شرعي أو دستوري لتمرير الفقرة الجهادية في قانون الخدمة التقاعدية ، فأنّها بدعة جديدة وباب من أبواب الفساد وأستغلال وأستنزاف المال العام ، عن أي خدمة جهادية يتحدثون ؟ ويريدون ؟ وكانوا يتمتعون بأمان الدول الأوربية وبلد الضباب وجنات الدول الأسكندنافية، وأيران وسوريا ،ثُمّ أنّ العراق لم تحررهُ الأحزاب الأسلاميّة ولا العلمانية فقد تحررعلى يد المحتل ، فأي خدمة جهادية تريدون؟مقابل وقوفكم في ساحة "رأس الأغر" في بلد الضباب يوم السبت لساعات قليلة ، أتقوا الله يا أصحاب القرار السياسي!! من الذي يستحق الخدمة الجهادية أنتم أم تلك الشريحة الكبيرة من المتقاعدين التي شربت من الحروب العبثية وأكلتْ نخالة الطحين الممزوجة بشوائب حيوانية ورواتب تفاليس دولارين أو ثلاثة حين كان الدولار يساوي 350 الف دينار واضطر الى بيع كتبه وأجزاء من دار سكناه وأشتغل (عماله) ليحفظ ماء وجههِ وأسألكم لماذا لم يطلب الحسين وما تبقى من عياله الخدمة الجهادية ؟ ولماذا لم تطلب عائلة أبو الفقراء عبد الكريم قاسم الخدمة الجهادية وقد مضى على أستشهادهِ 50 عاماً وعلمنا أن قانون الخدمة الجهادية لم يشملهُ !!

ويا سادة ويا كرام هناك شخصيّات غيّرت سير التأريخ وحررت بلادها من المستعمر والمحتل وأزالة أنظمة دكتاتورية دون أنْ يطالبوا بأقل مما يستحقون والتي تسمى اليوم بالخدمة الجهادية بل دفع الكثير منهم حياتهُ فداءاً للعرق كسلام عادل ، وجمال الحيدري وحسين أبو العيس حيث ماتوا تقطيعاً بماكنة التعذيب الفاشي ولسان حالهم يقول : أهذا جزاء النضال ضد الأستعمار؟، ونلسن منديلا الذي قضى في سجون الأسياد البيض 27 سنة، ومهاتما غاندي الذي قضى عمره بين السجون والجوع والأهانة البريطانية وأغتيل أخيراُ ، ولم يطالبوا بالخدمة الجهادية ولا حتى جزاءاً أو شكورا ، ثُمّ ألم يستحق الجواهري والبياتي والدكتورة الوزيرة نزيهة وفخريه عبد الكريم الذين أفنوا أعمارهم في مقارعة النظام الدكتاتوري وهم رموز وأعلام عراقية في الأدب والفن والتراث وماتوا ودفنوا في المنافي ، ولم يذكروا في الخدمة الجهادية !ّ!

وبالمناسبة أعجبني تعليق الخبير القانوني الأستاذ طارق حرب : إنّ أثر أي نظام سياسي يختفي بعد مرور خمسة سنوات على غيابه وخاصة بعد تشريع الحكومة الأنتقالية عام 2004 قانوناً يقضي بدمج الميليشيات في قوات الأمن وتشريع قانون المفصولين السياسيين والذي يتيح أحتساب سنوات أنقطاعهم خارج الخدمة لتضاف لهم بعد عودتهم ، وكانت الحكومة قد وضعت مشروع التقاعد العام في أكتوبر 2013 في المادة 19 منهُ لأغراض التقاعد ، ومعنى هذا أنّ المشكلة محلولة من ألأساس ولاداعي لهذا اللهث وراء الأنتفاع المادي وأستنزاف المال العام وأرهاق ميزانية الدولة بهذه القرارات العشوائية التي تخلق الشحن الطائفي .

سلبيات وتداعيات فقرة الخدمة الجهادية
*** هو تحايل على القانون وخطوة أخرى لأستنزاف ميزانية الدولة وأضافت عبئاً ثقيلا غير مبرر عليها.
*** الخدمة الجهادية تحايل على ألغاء أمتيازات النواب .
*** صعوبة تحديد أحقية المجاهد الحزب أو الكتلة السياسية المنتمي أليها .
*** ثُمّ أنّ الجهاد بالنفس أو بالمال أي منهما يحتسب؟
*** في تطبيق الخدمة الجهادية أختلطت فيها الأوراق حيث أعطيت للبيشمركة رواتب مجزية فالمفروض ان تدفع رواتب البيشمركة من أحزابهم الكردية التي تستلم من الميزانية نسبة 17 % ثم لماذا لم تعطى لحزب الدعوة والحزب الشيوعي العراقي ومنظمة بدر ألم يقاتلوا في الأهوار؟ وفي الجبال كالأنصار وصعدوا المشانق ودخلوا غياهب السجون الصدامية شأنهم شأن البيشمركة؟
*** يخلق أمتعاضاً وشعوراً بالأضطهاد والأقصاء والتهميش لدي مكونات الشعب العراقي حين تشعر انها مشمولة بالخدمة الجهادية ولم تُنصفْ !!

من الأنصاف والعدل وفي صالح الخزينة الوطنية أنّ لا هؤولاء ولا أولئك يستحق راتباً من الخزينة العراقية لقاء عملهم الحزبي وحتى النضالي .
 

السويد
 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter