|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد  20 / 10 / 2013                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 السينما العالمية .. والزمن الجميل

عبدالجبار نوري

الستينات والسبعينات من هذا القرن ونحن في عنفوان شبابنا يبدو أننا منقسمون الى قسمين من باب رواد السينما – كما هو اليوم بين فريقي مدريد وبرشلونه – جماعة السينما الواقعية والملتزمة الهادفة الذي يكون الأنسان فيه محور الفلم حسب رأي السيد ماركس(الأنسان أثمن رأسمال) أي عشاق السينما الواقعية وعشاق الفن الجاد، وبين جماعة أفلام الأكشن والمغامرات وأفلام الرعب والخيالية وأفلام الأغراء .

وتعتبر هذه الفترة الزمنية الفترة الذهبية للسينما في تطور الفن السينمائي وأرتفاع سقف الطلب عليه مما شجع القطاع الخاص الى بناء صالات دور السينما الراقية ، فيها التكنيك المعماري الحديث من تبريد وشاشات عملاقه وكراسي وثيرة وكاميرات حديثة وطاقم أداري وعمالي لخدمة المرتادين لهذه الدور مثل سينما النصر، وسميراميس، وأطلس ، وسينما الخيام ، وسينما روكسي وريكس (في بغداد طبعا).

والسينما العالمية منذ أنطلاقتها تعتبر التأريخ : نوعا فلميا في توضيح دورها الآيدولوجي من جهة وفي الأنتشار الجماهيري للسينما من جهة ثانية لذا نرى الأحداث التأريخية الكبرى أحتلت حيزا في السينما الى جانب أعتبارها فنا وصناعه ، فن ومجتمع ، أبداع فردي وجماعي ، وأن وظيفتها تتحدد على مستويين : مستوى كونها عامل ترفيهي وثانيها أداة تأثير في الأذهان أذ سرعان ما يزول العامل الترفيهي بتقادم الزمن ويبقى العامل النفسي الذي يحفر في الذهن أخاديد لا تنسى - كما أن الطاقة لا تفنى فأن الفن أيضا لا يفنى - بل في تجدد مستمر ، وأن العديد من مؤرخي الثقافة العربية المعاصرة يتعاملون مع ذوقيات المثقف العربي خلال أرتياده للسينما ونوعية الأفلام التي يحبذها .

والغريب أن الحداثة تطغى على العالم في كل المجالات التقنية والفنية ، ولكن نجد أنحطاط واقع السينما العراقية – بالرغم من أهميته الرقمية في توثيق الأحداث في أرشيف الأمة – حيث أغلقت ابوابها وتبخر روادها ، ربما يكون تداول الفلم عن طريق الأقراص المدمجة ، وعالم اليوتيوب الفسيح ، والفضائيات ، وجيل الآيفون المتطور، أو المد الدينى الذي يعتبره من المحرمات ، وأشعر بالأسى حين أتذكر الزمن الجميل حينما كنا نشاهد فلمين في يوم الأجازة بالأضافة كنا نترقب بشغف برنامج (السينما والناس) التي تعدها المذيعه المتألقة الطيبة الذكر{اعتقال الطائي} وتعرض في آخر البرنامج فلما عالميا على شاشات التلفزيون العراقي.

وسوف أعرض بعض الأفلام الهادفة والملتزمة أنسانيا والتي تحضرني – شاهدتها (بعضها) شخصيا – وأني كنت مولع في أرتياد دور السينما لمشاهدة هذه الدرر من الروايات العالمية الموسومة بأقلام عباقرة كتاب العالم والمعروضه سينمائيا ، وأعتذر عن نسيان بعضها (لأن العمر اتعدا ال ... لا يا فلان).

1- ذهب مع الريح : تأليف ماركريت ميتشل 1939 عرض الفيلم على صالة سينما ريكس - شارع الرشيد - سنة 1967 ومدة الفيلم 222 دقيقة ، تمثيل كلارك كيبل وفيفيان لي وترجم الى ثلاثين لغة منها اللغة العربية ، ولروعة الفيلم وشدة الطلب عليه أعيد عرضه سنة 1971 على صالة سينما روكسي ، وتدور أحداث الفيلم حول الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال الصناعي والحنوب الزراعي وتحرير العبيد وأنهيار الأقطاع وحب جارف ومندفع بجنون ولكنه ينتهي بنهاية غير سعيدة .

2- الرز المر: من الأفلام الأيطالية الواقعية و من أخراج المخرج الواقعي (جوسيبي دي سانتس ، وتمثيل سلفانا منكانا) 1949 وعرض سنة 1961 على صالة سينما ريكس في شارع الرشيد ، ويحكي أستغلال النساء العاملات في حقول الرز في ايطاليا ، وهو يمثل الواقعية الجديدة في السينما الأيطالية .

3- افلام المخرج الأيطالي الواقعي ( فيتوريو دي سيكا ) يحكي الواقع الأيطالي البائس حيث الجوع والتشرد التى هي من نتاج الحرب العالمية الثانية منها : سارق الدراجة وهو فلم مأساوي، وماسح الأحذية ، وأمرأتان ... عرض على صالة سينما الخيام سنة 1961 تمثيل الممثلة المتألقة (صوفيا لورين) التي حصلت على جائزة الأوسكارفي تمثيلها في هذا الفيلم ، وأخرج افلام المرح والتأمل برومانسية شفافة رائعة مثل (خبز وحب ومرح ) بطولة الحسناء جينا لولو بريجيدا وعرض في بغداد سنة 1961.

4- ومن الأفلام السوفياتية : دستوفسكي 1821- 1881 واحد من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين كان له أثر بالغ وعميق على أدب القرن العشرين ، ورواياته تحوي فهما عميقا للنفس البشرية، كما تقدم تحليلا دقيقا ثاقبا للحالة السياسية والأجتماعية الروحية لروسيا في ذلك الوقت ، والعديد من أعماله المعروفة تعد مصدر ألهام للفكر والأدب المعاصر ، وشاهدنا له (الأخوة كارامازوف) بطولة يول برينر سنة 1977 على صالة سينما ساميراميس - أذا أسعفتني الذاكرة - وشهدنا له روايته المشهورة (الجريمة والعقاب) على صالة سينما النصر في السبعينات، والفلمان عبارة عن تشريح فسلجي للنفس البشرية وما يختلج فيها من مشاعر وأحاسيس وعندما تتغلغل داخل أعماقي أحس وكأنها تتحدث عني بوضوح.

الحرب والسلام : فيلم روائى للكاتب الواقعي (تولستوي) وضح بأسلوب واقعي معاناة الشعب البائس في خضم أهوال الحرب وفضائحه وما تجلبه من دمار ومآسي للشعب ليؤكد للمشاهد ان الحاجة للسلام ضرورة ملحة لأنقاذ ما تبقى منه.

5- شكسبير : 1554 – 1616 شاعر وكاتب مسرحي انكليزي يغوص أغوار النفس البشرية ويحللها في بناء متناسق هو أبرز الشخصيات في الأدب العالمي – أن لم يكن أبرزها على الأطلاق – تاجر البندقية ، هاملت ، عطيل ، مكبث ، يوليوس قيصر، جميعها عرضت على مسارح بغداد الجادة ومثل بعضها وترجمت الى العربية وتبقى النسخة الأنكليزية هي الأفضل كأنك أمام هذا الطود الشامخ يحاكيك قلبا ولسانا.

6- آرنست همنكواي : امريكي الجنسية كوبي الأقامة ، وضح تجاربه في الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الأهلية الأسبانية - لأنه شارك فيها فعلا - ومن رواياته التي مثلت وشاهدناها بشغف : الشيخ والبحر ، لمن تقرع الأجراص ، وداعا للسلاح.

7- فكتور هيجو : روائي فرنسي شاهدنا له رائعته الرومانسية ( أحدب نوتر دام ) بطولة انتوني كوين وجينا لولو بريجيدا، يوضح الظلم وغياب العدل وأنصت لصوت الضعفاء المحرومين .

8- ظهرت في مصر موجة الواقعية في السينما المصرية : مثل فيلم (أفواه وأرانب) للكاتب الجاد سمير عبد العظيم والمخرج الواقعي هنري بركات خص قضية الفقر وعدم التخطيط الأسري ، وفيلم (اللص والكلاب) للكاتب نجيب محفوظ 1973 يوضح الصراع الطبقي ، والصراع (بين المجرم والناس) .

9- المسرح الجاد العراقي : من أبطاله المخرج والكاتب والممثل الراحل قاسم محمد ، والمخرج المبدع ابراهيم جلال ، والمخرجه والكاتبة د - عواطف نعيم ، ورائد الفن الملتزم الأستاذ (يوسف العاني) أطال الله عمره ، والكاتب الواقعي الجاد غائب طعمه فرمان الذين ابهجونا بغبطة وتفاؤل ونحن نشاهد النخلة والجيران ، والشريعه ، والكاتب المبدع والواقعي ( عادل كاظم ) ، والممثلات المبدعات فاطمه الربيعي وانعام الربيعي ، والراحله فخريه عبد الكريم (زينب) وناهده الرماح وزكيه خليفه وطه سالم وشذا سالم و الممثل والكاتب د- سامي عبد الحميد وجفر السعدي وخليل شوقي وسليم البصري وبدري حسون فريد و مقداد عبد الرضا وطعمه التميمي وحمودي الحارثي ومحسن العزاوي ومحسن العلي ، وألف تحية وأجلال لهذه الكوكبة العراقية التي لا يخبو ضوءها الى الأبد.

 

السويد
18-10-2013









 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter