|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة  17  / 4 / 2015                                عبدالجبار نوري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

يوم المسرح العالمي/خواطر الزمن الجميل في أبجديات "المسرح العراقي

عبدالجبار نوري

يوم 27 مارس يوافق اليوم العالمي للمسرح بذكراها الثالثة والخمسين ، وكان من أقتراح المعهد الفنلندي للمسرح بأعتبار أنّ الفن المسرحي حصيلة أبداعات الأنسان في نسيجهِ الحضاري ، وٌقُدم الأقتراح إلى المنظمة الأممية المعنية بالحفاظ على الجنس البشري وثقافته فصدرتْ الموافقة بالأحتفال بهذهِ المناسبة الثقافية في 27-3-1962 بأعتبارالمسرح أداة خلاقة للتطور والتقدم ، ومرآة للشعوب عندما تعكس أفكارها وتطلعاتها وأمانيها للتعبير عن أفراحها وجروحها وطموحاتها وتصوراتها خلال تناقضات وأرهاصات الصراع الطبفي ، وهي ثقافة عالمية تبحث عن "التغيير" ، وتنشيط تبادل المعرفة وتعميق التفاهم المتبادل والأسهام في ترسيخ الصداقة بين الشعوب ، ومحاربة كل أشكال التمييز العنصري والسياسي والأجتماعي ، فهو عامل من عوامل البناء النفسي والمعنوي للشخصية البشرية ، وهو المساهم الأكبر في تربية الذوق والأرتقاء بالمشاعر الأنسانية إلى الكمال ، كما أنّ الطاقة لاتفنى فأنّ الفن أيضاً لايفنى بل هو في تجدد مستمر

في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ونحن في عنفوان الشباب وكان يبدو أننا منقسمون في أفكارنا السياسية وحتى " الفنية " ، كما هو اليوم الصراع المرير- ضمن الأسرة العراقية – بين مؤيدي فريق ريال مدريد وبرشلونه ، فرض واقع الحال نموذجين من رواد المسرح الأول /جماعة المسرح الواقعي الجاد والملتزم والهادف الذي يتعامل مع هموم الناس ومشاكلهم اليومية وطموحاتهم وتطلعاتهم في عملية "التغيير" بدافع صيرورة حتمية حركة التأريخ في الصراع الطبقي ، وهذه النخبة من محبي ومريدي هذا النوع من المسرح هم من الشباب المثقف ومعتنقي اليسار التقدمي والعولمة الحداثوية ، والذي يكون فيه بطل المسرحية محور الحكاية التراجيدية على أساس ( أنّ الأنسان أثمن رأسمال ) ، وكان هذا هو الزمن الجميل والعصر الذهبي لهذا النمط الحركي للخشبة المسرحية العراقية بالرغم من الرقيب الملعون صاحب المقص القاطع للجزء الذي لايحلو للحاكم .

والمسرح الثاني/ التجاري الذي يتمحور حول السردية الفكاهية والهزلية ورواد هذا النوع المسرحي هم نفسهم جماعة أفلام الأكشن والمغامرات والرعب والخيالية والأغراء ، وبصراحة أنّ جمهور هذا النمط أوسع والطلب عليه أكثر وتفسيرهً السوسيولوج عند العلامة الدكتور علي الوردي : الحزن والأكتئاب هو السائد على المجتمع العراقي لما مرّ عليه من غزوات وتكبات وفيضانات وأوبئة ودكتاتوريات الحديد والناربحيث جعلتْ الأبتسامة عُملةً صعبةً لذا يشعر باللذة والمتعة في مشاهدة هذا النمط من المسرح للتصريف عن أسقاطاته النفسية .

وأنّ العديد من مؤرخي الثقافة العربية المعاصرة يتعاملون مع ذوقيات المتلقي خلال نوعية المسرحيات التي يحبذها أي أخضعتْ لقانون العرض والطلب مما شجع القطاع الخاص للدخول في مضمار هذا العمل الفني بالمال والترجمة والتأليف فكان حقاً العصر الذهبي بنوعيه الجاد والتجاري ، فكانت سنة 1952 ولادة " فرقة المسرح الفني الحديث " بجهود عباقرة الفن المسرحي العراقي الفنان ( يوسف العاني ) أطال الله عمره والراحل أبراهيم جلال برائعتهم ، الشريعة والخرابة ، آني أمك يا شاكر ، خيط البريسم ، راس الشليلة ، وثُمّ رائعة غائب طعمه فرمان { النخله والجيران } في 1968 التي وازت وطاولت قمة المسرحيات العالمية ، وسنة 1954 تأسست " فرقة المسرح الحر " بجهود المخرج العبقري قاسم محمد وجاسم العبودي ووكارلو هارتيون وشكري العقيدي فقدمت مسرحية { ثمن الحرية ومسرحية موتى بلا قبور لسارتر ومسرحية البخيل لمولير } ، وسنة 1959 ظهور فرقة 14 تموز بقيادة الفنان أسعد عبد الرزاق وقدمت مسرحية ( الدبخانه ) على المسرح القومي في الكراده وأبطالها وجيه عبد الغني وقاسم الملاك في 1960 ، أما في سنة 1963 ذات الشباط الأسود ألغيت المسارح والفرق المسرحية بأعتبارها في نظر الأنقلابيين قاسمية وشيوعية !!! ، ونصل إلى سنة 1983 وفرقة مسرح بغداد بقيادة خليل الرفاعي والمخرج مقداد سالم وسامي قفطان وراسم الجميلي في مسرحية { الخيط والعصفور } على مسرح المنصور.

وبعد الألفية الثانية أظلمّ المسرح العراقي وأسدل الستار عليه لأسباب منها :

1- جمهورية الخوف كما وصفها الباحث حسن العلوي ،

2- الأحتلال الأمريكي ،

3- الأسلام الراديكالي ،

4- التقنية الحداثوية في عالم اليوتوب والأقراص المدمجة والفضائيات وجيل الآيفون المتطورالذي لعب دوراً كبيراً في أختزال الزمن والجغرافية .

ومن أروع ما طلع به مثقفوالعراق بعد السقوط في 2008 نقلة نوعية للمسرح العراقي من المسرح السياسي للستينيات والسبعينيات القرن الماضي إلى المسرح الكوميدي الهادف والجاد للفرقة القومية العراقية بعرض عملها المسرحي الجريء لمسرحية { جيب الملك جيبه} للمبدع حيدر منعثر تمثيلاً وأخراجاً وكانت من تأليف الكاتب الرائع علي حسين ، تعكس المسرحية الواقع السياسي المتردي عبر المحاصصة البغيضة وبطريقة ساخرة وكان الأقبال عليه منقطع النظير رغم التفجير الذي سبق العرض الأول للمسرحية وأغلاق قوات الشرطة المنافذ المؤدية إلى المكان فقد حضر المئات في حينها سيراً على الأقدام وأكتظت الصالة بألف متفرج جلوساً ووقوفاً. – وهذا النوع من المسرح شاهد النور في عهد الديمقراطية لحاجتها للمناخ الديمقراطي وهدم حواجز الخوف وثبت أنّ للمسرح الكوميدي الهادف والجاد تأثيراته الفعالة اللاذعة في كشف الفساد الأداري البيروقراطي وهفوات الحكام برمزية كوميدية ، لذا نستذكر الكاتب المبدع الراحل " عبد الجبار وهبي/ أبو سعيد " الذي كان لهُ عمود يومي في النقد اللاذع الساخرللظواهر السلبية السياسية للحكومة في جريدة { أتحاد الشعب } حينها قال عنهُ الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم{ رصاص رأس القرية ولا تعليقات أبو سعيد }
 

 

ستوكهولم - السويد


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter