|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  10 / 3 / 2024                           عبدالجبار نوري                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
         
 

 

عالم "ماجد الغرباوي"
ومشروعهُ التنويري العقلانية والتسامح الديني

عبدالجبار نوري (*)
(موقع الناس)

إن سيمياء عنوان مدونتي عالم ماجد الغريباوي يشمل كل مفردات السيمياء التي هي أداة لقراءة السلوك البشري في مظاهره المختلفة بدءا من الأنفعالات مروراً بالطقوس الأجتماعية والسياسية والثقافية أنتهاءاً عند الآيديولوجيات المفروضة على الواقع وكونه العلم العام والنشاط المعرفي المتعلق باللسانيات والفلسفة والمنطق وعلم النفس والأنثروبولوجيا ، ولأن العنوان هو هوية المتحدث الرسمي عن سردية النص والمدخل الذي يحتاجه المتلقي .

الدكتور الأكاديمي ماجد الغرباوي يعد واحد من أعلام العراق المعاصر فهو أديب وكاتب موسوعي ومفكر عقلاني وسطي ، وإن شهرتهُ الفقهية العميقة لاقت قبولا وأستحساناً واسعاً وكبيراً يشار أليه كمرجع وسطي ، وأستحضار هذا الرمز العلمي ما هو إلا أشارة في تقييم الكبار والأعتراف بأستحقاقاتهم لسيولة أقلامهم وأياديهم البيضاء وفضلهم على الأجيال المستقبلية القادمة المتلاحقة في رسم سيمياء اللغة والأدب (والخطاب الديني المعتدل) ، تعد دراستي النقدية للمفكر المبدع ماجد الغرباوي أنعكاسا حقيقيا للواقع المرالماضي للمجتمع العراقي الذي رضخ تحت سياط نظام شمولي لخمس وثلاثين سنة حيث الحروب العبثية والحصار الأقتصادي الظالم كانت أنعكاساتها الأحباط واليأس والقنوط والأتجاه نحو (الغيبيات) فكانت محاولة الغرباوي بلسما شافيا بتمسكهِ بمبدأ العقلانية بمحاولته الطموحة المقترنة بالسلم المجتمعي حيث واكب بصمت حواري دؤوب معلناً خطابه الأصلاحي اللوثري برافعة الواقعية والتأمل بدل أحلام اليقضة الغيبية متمسكاً بأهل الأرض لتحسسه أوجاع الطبقات المستلبة حرية وخبزا ، يبدو لي أن هناك غيمة ثرية تسير وتتسع لتنثر رذاذها زهرا وطيبا وقمرا على ربوع خضراء كوكبنا الجميل ، وتوهج دلالات منجزاته المعرفية القيمية الموسوعية أيقونة مشعة توضأت في محراب مشروعه الفكري المتكامل من بنية هندسية معمارية مترعة بحب وسلام وتآخٍ للوصول إلى (الدستوبيا) وهو غاية وهدف الغريباوي الكبير الذي أستحق التماهي مع عظماء الكلمة الحرة مع أبطال خلدتهم أفكارهم الحرة كالحسين بن علي (ع) وأبو ذر الغفاري والحلاج ومحمود محمد طه السوداني ، أبو حيدرهو ذلك المبدع في رمزية الأقناع الفكري الموثوق ، ظهر مبكراً أديباً وخطيبا مفوهاً متدينا ، ثم حقق حضوراً مميزاً بارزاً في القرن الماضي متخصصاً بموضوع العقلانية الوسطية في الخطاب الديني لمعالجة ثقافة الغيبييات اللاعقلانية ، لقد حرص المزج بين الواقعية الرمزية السحرية والواقع السوسيولوجي الجمعي للعالم الأسلامي ، ولهُ القدرة الأسطورية الفذة والمطاولة الحوارية المعروضة على صفحات موقع المثقف وبشكل يومي ويغوص المفكر العقلاني البارع بكل ثقة في مجمل الدلالات والمعاني بلغة رصينة بعيدة عن المبالغة حيث يبدو لي أنا أمام شخصية فذة بأفكارتقدمية حرة وقارئا نهماً ومتطلعاً على ثقافات وحضارات العالم المتمدن ، منجزاته الفكرية ترقى لرصيد فكري ثر وثري زينت أرشيف الذاكرة العراقية والعربية والعالمية بذخائر نفيسة موسومة ببصمات سومرية متصلة مشيميا بمقتربات جسور عالمية ، والمعذرة لكوني لستُ روائيا لآرسم سيناريو ما سوف أقولهُ ككاتب : وجدتُ من الضرورة طرح هذا السؤال : في أية بقعة يقيم ماجد الغرباوي ؟ ضمن جغرافية وتأريخ (ثيمة) الحوار الجريء في تحديث الدين ؟!
متمنيا أن تكون أجابتي مرضية للجميع

1- أبو حيدرهويته وأنتماءه العراق الحبيب وهو يقترب من آهات وآلام شعبه في الصراع الطبقي فهو يمزج النشاط الأدبي والثقافي بالنشاط الوطني .
2- أن الأنسنة تؤطر نصوصه الحوارية اليومية ، فهو نموذج أنساني للأنسان المثقف والمتوج بكاريزمية معطرة بهالة مهيبة من القدسية تجذب القراء بشكل غير مسبوق .

دراسة نقدية ممنهجة لحيثيات المشروع العقلاني للمفكر" ماجدالغريباوي"
- أقول بالبداية قراءتي لسرديات نصوصه الحوارية أنا أمام مفكر تنويري حواري مسالم مجتهد يمشي بثقة عالية في طريق الحق لتحديث الدين للوصول إلى (الدستوبيا) تلك المدينة الفاضلة ، وخلال قراءاتي لبعض من نتاجاته الزاخرة تجدني أمام طود فكري شامخ ومكتبة متنقلة وفيلسوف معتق من زمن المتنبي والجواهري ولوثر ، وناشطا وطنيا يمتلك ذهنية متوقدة وشجاعة نادرة لا حدود لها في مواجهة المواقف الصعبة ويستعمل الخطوط الحمر يشدة في رفض المساومة على وطنه ، فهو يسير في عالم العقلانية الواعي ولا يهمه لومة لائم في سلوك طريق الحق الموحش ، وخلال قراءة منجز له أو الحوار معه تجد نفسك أمام مكتبة متحركة برجلين سريع البديهية عميق الثقافة خصوصا الفقهية منها ،ليس هجوميا بل دمث خلوق هاديء الطبع هوايته المحببة الحوار ثم الحوار.

- تؤكد نتاجاته الفكرية هواجس التصدي لعالم الجهل ورواد الغيبيات بالحوار السلمي مقابل خطاب أنساني معتدل موثق بالأنسنة والعقلانية الوسطية فهو (العزيز في زمن الجدب) ، صاغ مفهوم الحداثة المعرفية والفقهية بآياتها الثابتة إلى مفاهيم عقلانية وسطية مبصومة برصانة أسلوبه السحري .

- إن عالم ماجد يضمُ بين جنباته عدة مدارس في آن واحد فهو ينحو من الواقعية النقدية إلى الواقعية الموثوقة خالية من الغيبيات ، لذا وجدتُ في نتاجاته الفقهية ألمامه الموسوعي بمذاهب ومناهج وأتجاهات الأدب العربي أبتداءا من التأريخية وأنتهاءا بالبنيوية ، فهويقدم مادة أطلقت عليها الحداثة الأدبية أسم نقد النقد أو ما بعد النقد .

- يعتبر ماجد الغرباوي من أبرز كتاب الواقعية السحرية المتمثلة بأيجابية صحة العقل في تفسير القوانين السوسيولوجية الجمعية السماوية في تفسير الظواهر الكونية ، يبدو لي هنا إن ماجد الغريباوي فارس مقتحم الجغرافية والتأريخ بدون سلاح بل غاص في أعماق الذات البشرية بدون واقية غرق ، فهو رجل علم مسالم أيجابي منطقي محدد خلقيا ومطلع على مباديء روسو في الحرية والمساواة .

- الزمن في العراق بعد 2003 كان غارقاً في الأمية والجهل وفوبيا المجهول وتتابع حكومات اللادولة وغضب الطبيعة لذا دفع الناس إلى اللجوء للسحر والشعوذة وأعتاد الأتكالية الأستهلاكية الطفيلية ، وأختلافات الحضارات بغرب متقدم وشرق غارق في دياجير الظلمة ، صارت الثقافات الشرقية تعتمد الوسائل الروحية والغيبية في التحليل للظواهر الأجنماعية والطبيعية

- تأثرتُ بأشهر وأفضل مقولات ماجد الغريباوي : حين يقول : نحن بحاجة لوعي يمزق جدار الصمت يفضح الكذب والتزوير وينطق بالحقيقة بصوت مرتفع (منجزه كتاب مدارات عقائدية حوار منحنيات الأسطرة واللامعقول الديني - ماجد الغريباوي) .


 

مصادر وهوامش
- كتاب مدارات عقائدية ساخنة – الدكتور ماجد الغريباوي
- كتاب الحركات الأسلامية فراءة نقدية في تجليات الوعي – ماجد الغريباوي
- جبران أبراهيم جبران – الأسطورة والرمز 1973 بغداد
- سليمان الشطي – الرمز والرمزية في أدب نجيب محفوظ- الكويت 1976
- أحمد أبراهيم الهواري – مصادر نقد الرواية – القاهرة

 

آذار 2024


(*) كاتب وباحث وناقد أدب عراقي مغترب

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter