|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  20 / 6 / 2014                                 عادل أمين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

محادثة قصيرة

عادل أمــين

اليوم الثالث من شهر آذار 2014 ، جاءتني من الشركة التي أعمل فيها مهمة إيصال شخص من ستوكهولم إلى مطار "آرلاندا" ، مطار ستوكهولم الدولي ، وجرت بيننا المحادثة التالية :

ـ الزبون : من أي بلد أنتَ؟
ـ أنا كوردي من العراق.

ـ الزبون: ومنذ متى أنت في السويد؟
ـ منذ ما يقارب من خمسة وعشرين عاماً. وواصل بأسئلته، شعرتُ بنفسي وكأني أمام محقق في إحدى دوائر التحقيق.

ـ الزبون: وهل تحب أمتك؟
ـ بالتأكيد ومن دون أي شك.

ـ الزبون: ولماذا ليس لكم وطنٌ مستقل كبقية الأمم الأخرى؟
ـ نحن ضحايا الدول التي قسمت ميراث الدولة العثمانية فيما بينها، ضحايا معاهدات سايكس ـ بيكوعام 1916 ومن ثم سيفر وأخيراً تعديلات لوزان عام1923 التي بموجبها أُلحقتْ الولاية الكوردية (الموصل) بالدولة العراقية الجديدة، وأوعدتْ تلك الدول أمتي بإنشاء دولتها الكوردية فيما بعد، وبما أنه نحن أمةٌ نتصف بالطيبة انخدعنا بتلك الوعود، وهكذا نكث الكبار بوعودهم، وأصبحنا نحن على مدار تسعين عاماً كما تسمع و تعرف.

ـ الزبون: وكيف الحال الآن في العراق؟
ـ أريد أن أحدثك بإختصار لأننا سنصل إلى المكان الذي تقصده، في العراق الآن الذي يخرج من بيته صباحاً إلى العمل لا يعرف هل سيعود إلى بيته سالماً أم لا، نحن نجلس على آبار النفط ونستورد النفط المكرر من دول الجوار، كنا بلداً زراعياً ونستورد كل حاجياتنا من الطعام من الخارج، نحن بلد دجلة والفرات ونستورد قناني المياه من الكويت، نحن بلد التراب والطين ونستورد الطابوق من إيران، نحن ثاني بلد نتربع على ثاني إحتياطي للنفط بالعالم ولدينا أكثر من8 ملايين إنسان يعيش تحت خط الفقر، في الكثير من البلدات العراقية كان يعيش في حارة واحدة العربي، الكوردي، التركماني، المسلم السني، المسلم الشيعي، المسيحي و الصابئي، وكل المكونات العراقية الأخرى بجنب بعضها البعض،من دون عداء ومن دون أن يعرف أحياناً بعضهم هوية البعض الطائفية، لكن اليوم وصلت الفرقة إلى الشارع، وهذا أخطر شيء لأن ردم الفرقة أصبح صعباً الآن.

ـ الزبون: شكراً على توضيحاتك، لكن هل يعيش الشعب العراقي الآن أفضل مما كان يعيشه في ظل نظام صدام؟
ـ بالتأكيد، تصور نفسك أن ياتيكَ شخصان، الأول يريد أن يقتلك ويأخذ أموالك،والثاني يريد فقط أخذ أموالك وقد يؤذيك لكنه لا يقتلك، فبمن ترضى من الأثنين؟

ـ الزبون: الثاني بالطبع لأنه الأهون.
ـ قلت هكذا نحن وضعنا في العراق، الأول كان نظام صدام والثاني النظام الحالي، ابتسم ليَّ الزبون السويدي وقال: والآن قبل أن نصل إلى المكان أريد أن أعرفك بنفسي، أنا كنتُ موظفاً في السفارة السويدية في الأردن مدة ثلاث سنوات أثناء حرب الكويت ولدي إلمام بظروف بلدكم وظروف الأكراد وقرأتُ عن تأريخكم وأحب أن استمع أكثر عن أوضاعكم وأنا الآن متقاعد وأعيش بعض وقتي في جنوب فرنسا، ولي سؤالي الأخير الإنتخابات في بلدك قريبة هل تعتقد المالكي سيفوز؟ قلتُ: لا أعرف، الإحتمالات والمفاجأت في كل الأحوال موجودة، قال: صحيح، لكن منَ ترغب أن يفوز؟ قلتُ أنا أريد حكومة علمانية، وقبيل أن نصل قال لو كنتُ مكانك لأعطيت صوتي للمالكي كي يفوز لأن سياسته قد تؤدي إلى تقسيم العراق، وهذا لمصلحتكم أنتم الأكراد، ودعتُ زبوني وكل ما تبقى من يومي كنت استرجع فيها مع نفسي عبارة زبوني الأخيرة بأن سياسات المالكي قد تساهم في تقسيم العراق، ربما يكون زبوني محقاً، ورغم ذلك أني صوتُ للتحالف المدني وليس للمالكي.
 






 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter