|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  1 / 2 / 2006                                 عادل أمين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عَيّنة ٌمن نسيجِ بلادي

الشــهيد فارتان شــكري ( أبو عامــل )
لك المجـــد و الخـــلود

عادل أمين

أن تكون بعلاقات ودٍ وتزرع محبتك في قلوب المئات من الرفاق الذاهبين والقادمين من والى كوردستان ‘ والتعامل المباشـر معهم في الظروف التي تتسم بالتعقيد والتأزم كالتي مر بها حزبنا ‘ إثر الأحداث التي واجهها عام 1982 في كوردستان ‘ وتحديداً في بشت آشان ‘ والتي ألقت بظلالها علينا جميعاً ولوّنت أمزجتنا بألوان مختلفة ‘ لأمـرٍ في غاية الصعوبة ‘ وتكاد أن تكون مستحيلة المنال ‘ فبالإضافة إلى المهارة الفنية التي تتطلبها ‘ فهي بحاجةٍ الى مواصفات آخرى منها البساطة ‘ الصدق ‘ النقاء ‘ الاستقامة ‘ النزاهة ‘ الجهادية العالية والتسامح ‘ أغلب تلك الصفات ‘ إن لم أقُل كلها ‘ كانت ملازمةُ للشهيد فارتان ‘ وبعيداً عن الادعاء ‘ كان يؤدي واجباته بهدوءٍ وكتمانٍ .

ولد فارتان عام 1955 في آفدروكي التابعة لمدينة زاخو ‘ لعائلة أرمنية مناضلة ‘ فالأب شكري مراد ‘ محاسب في إحدى الشركات ‘ وهو مناضل وطني معروف ‘ اُعتقل لمرات عديدة دفاعاً عن شعار الســلم في كوردستان في أعوام 61 ـ 62 ‘ ونزيل سجن ( نقرة السلمان ) السيئ الصيت عام 1963 و على يده تتلمذ فارتان على حب الوطن والشعب .

غادر فارتان ‘ الأبن الوحيد للعائلة ‘ الوطن أثناء الهجوم الدموي الذي شنه النظام الدكتاتوري ضـد الحزب الشيوعي العراقي عام 1978 ‘ وأستطاع فيما بعد الالتحاق بإحدى جامعات الاتحاد السوفيتي آنذاك ‘ لكن قلبه كان مشدوداً الى الوطن والى شعبه المكتوي بنارين ‘ نار الحرب الطاحنة مع إيران من جهة ‘ ونار الإرهاب والاستبداد على يد النظام من جهة أخرى .

عندما تناهت إلى أسماعه عام 1981 نداء المنادي ‘ يحثه إلى نيل شـرف المسـاهمة في إسقاط النظام الهمجي ‘ وإنقاذ الشعب من براثنه ‘ قاطع دراسته وترك طموحه في نيل الشهادات العليا جانباً ‘ وتوجه إلى سورية ومن هناك إلى القامشلي في طريقه نحو كوردستان للالتحاق بصفوف الأنصار ‘ إلا إن قراراً حزبياً صدر إليه يقضي ببقائه في القامشلي والعمل مع الرفاق القائمين على عملية عبور الأنصار إلى كوردستان حال دون مواصلة سفره ‘ كان هذا القرار مبنيا على ميزتين يمتاز بهما الشهيد ‘ وهما جهاديته العالية في العمل دون كللٍ أو تذمر أولاً ‘ وثانياً ‘ كتمانه الشديد ‘ فهو الذي يطبق عليه المثل القائل عندما تعمل يمينه لا تعلم شماله بالأمر .

كان شجاعاً باسلاً ‘ يرافق المفارز إلى أعمق نقطة داخل الأراضي العراقية ‘ ولمتطلبات أمنية يرافق الأدلاء أثناء عودتهم إلى الأراضي السورية ‘ كان يُكلف في الكثير من الحالات بالمهام التي تتطلب السرية التامة و الذهاب منفرداً ‘ ولفرط شجاعته كان يوصَـف أحياناً بالتهور ‘ لكنه لم يكن هكذا ‘ وإنما كان يتحلى برباطة الجأش وتمالك النفس في الملمات الحرجة ‘ ويبلي بلاءً بطولياً في المصادمات التي تقع أحياناً على الحدود أثناء عبور المفارز ‘ وكانت تربطه وشائج الألفة والمحبة بالعوائل التي هي من أعضاء الحزب الشيوعي السوري الشقيق التي تستضيف رفاقنا في تلك المدينة .

كانت رغبة تواجده داخل الوطن ‘ والعمل بين جماهير كوردستان ‘ تغلي في داخله ‘ وإجادته اللغة الكوردية واللهجة البهدينية خاصة تساعدانه للعمل وسط الفلاحين ‘ لذا كان تواقاً وملحاً للسفر إلى الوطن ‘ في عام 1983 سمح له بالسفر إلى هناك وسافر .

لقد كلف في كوردستان في منطقة البهدينان بمهام عديدة ‘ من ضمنها التجوال في القرى والاحتكاك بالفلاحين وكذلك الهاربين من الخدمة العسكرية زمن الحرب مع إيران ‘ وشرح سياسة الحزب ومواقفه لهم ‘ ومحاولة تنظيمهم والتعرف عن قرب لأحوالهم ومشاكلهم ‘ كل ذلك إضافة الى مهماته الأنصارية ‘ والتي جـُرح في واحدة من معاركها ‘ وتعرض عام 1985 مرتين لمحاولة الاغتيال وجـُرِح في إحداها .

اُغتيل الشهيد فارتان شـكري مراد غدراً في 1986\8\31 في قرية بيركة التابعة لمناطق دوسكي القريبة من قضاء باطوفة ‘ على أيدي مرتزقة ( جحوش ) النظام ‘ الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم لأعداء أمتهم وأصبحوا مطايا لمستخدمي الغازات السامة ضد أبناء شعبهم .

لك المجـــد والخلود أيهــا البطـل ‘ ستبقى حياً في ضمير رفاقك وشعبك.


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter