|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  29 / 9 / 2023                                 علي المسعود                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

أطفال السودان الضائعون وسط الحرب الأهلية
في فيلم (الكذبة الطيبة)

علي المسعود  (*)
(موقع الناس)

شهدت الحدود السودانية البرية والبحرية والجوية خروج عشرات الآلاف من الأشخاص الفارّين من جرّاء الاشتباكات المسلحة الدائرة في البلاد ، في حين خاطر الكثير من الأشخاص خلال محاولتهم الخروج من البلاد، في ظل القصف وتبادل إطلاق النار .

أكدت الأمم المتحدة على زيادة هائلة في العنف الجنسي المُرتكب ضد النساء والأطفال الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم . ولعل القصة المروعة التي نقلتها المتحدثة بأسم اليونيسيف لأمرأة حامل هربت مع أطفالها الثلاثة من السودان بعد أن عبرت30 كيلو متر حافية القدمين . قادتني تلك الحادثة الى أعادة مشاهدة فيلم (الكذبة الطيبة) الذي كان حاضراّ في توثيق مجريات الاحداث التي درات معظمها في الأجزاء الجنوبية من جمهورية السودان أو في منطقة الحكم الذاتي الذي يعرف بجنوب السودان والتي تعتبر إحدى أطول وأعنف الحروب في القرن وراح ضحيتها ما يقارب 1.9 مليون من المدنيين وبسببها نزح أكثر من 4 ملايين منذ بدء الحرب . ويعد عدد الضحايا المدنيين لهذه الحرب أحد أعلى النسب في أي حرب منذ الحرب العالمية الثانية . فيلم (الكذبة الطيبة) للمخرج فيليب فالارديو الذي تميّزت أفلامه بتناول قضايا اللجوء وهمومها . يمرّر مخرج الفيلم حكاية الحرب الأهليّة التي اندلعت في جنوب السودان عام 1983، والتي اشتعلت شرارتها بحدّة مولّدة مجاعاتٍ وفقراً وتهجيراً وقتلى من مختلف الفئات العمْرية و التي استمرّت عدّة سنوات، محتكِمة لشيطان القتل والدم و متناسية حقّ الأبناء الطبيعي بالسلام .

عبر تناوله قصة حقيقية عاشها أربعة لاجئ سوداني ينقل لنا المخرج جانب من الحروب الاهلية التي عصفت بالسودان والتي راح ضحيتها الألاف من الابرياء معتمداً على سيناريو صاغته مارغريت نايجل وبطولة النجمة الأميركية الفائزة بالأوسكار(ريس ويذرسبون). الأبطال في فيلمه هم اللاجئون السودانيون الحقيقيون إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن قضَوا سنوات عديدة في مخيّمات اللجوء الإفريقية الذين قاموا بأداء أدوارهم كل من أرنولد أو سينج، كوث ويل، إيمانويل جال وكذلك السوداني جير دواني .

في بداية الفيلم إشارة الى عام 1983 العام الذي أندلعت فيه الحرب الأهلية في السودان، بين الشمال والجنوب على الموارد وبسبب الاختلاف الديني ، أدى لتدمير القرى بسبب هجوم القوات العسكرية (جيوش الشمال) من جهة والمليشيات من جهة أخرى، بعد استمرار الحرب وعملية الاقتتال التي نجم عنها مذابح طالت أسر وعائلات كاملة، ولعلّ أكبرها التي حصلت في قرية بحر الغزال في جنوب السودان، حين بدأ الأطفال الذين فقدوا أهاليهم رحلة النزوح والهرب مشياً على الأقدام ، ألألاف من ألاطفال اليتامى لاذوا بالفرار سيرا عبر صحراء قاطعين ألالاف الاميال حتى وصلوا أثيوبيا وكينيا ، وبعد 13 عاما ، تم نقل 3600 لاجئ سوداني للولايات المتحدة والذين أطلق عليهم (أطفال السودان الضالون) .

المشهد الافتتاحي للفيلم من مخيم ملجأ (كاكوما) في كينيا ، نشاهد مجموعة من اللاجئين يصعدون الى الطائرة المتوجه الى الولايات المتحدة الامريكية ، ويعود الفيلم إلى البدايات مستخدماّ (الفلاش باك) ، ويرجع بالأحداث الى قبل 13 عاما ، وفي قرية بحر الغزال في جنوب السودان ، عندما كان هؤلاء اللاجئون أطفالاً يراقبون الموت أمامهم ، وتهجم طائرات الجيش السوداني يختبيء الاطفال بين الاشجار، وبعد ما تفرغ سمومها على رؤوس اهالي القرية ويحترق الاخضر واليابس ويتشرد الناس وتقتل المواشي وبعد خراب بيوتهم وقتل الاب والام ، تبدأ رحلة الاطفال الاخوة ويقودهم كبيرهم "ثيو" الذي يقرر السير الى أثيوبيا كما أخبرهم أباءهم في حالة حدوث شئ عليهم التوجه الى أثيوبيا لانه مكان امن ، لذا إضطروا الاطفال المشي باتجاه الشرق مع الاستذكار لتعاليم الاهل وارشاداتهم في كيفية البقاء على قيد الحياة من اخطار الطبيعة ، ويكون الاخ الكبير ثيو هو الاب والمرشد والاخت أباتيل هي الام في تدبيرها لشؤونهم ورعاية الصغار خمسة اطفال يقطعون الالاف الاميال من اجل العيش و البقاء أحياء ، يلتقون مع أفواجاً هاربة صوب اثيوبيا ولكنهم يغيرون وجهتهم من أثيوبيا الى كينيا بسبب إنتشار الجنود السودانيين على الحدود الاثيوبية . يتابع هؤلاء الاطفال وباصرار في رحلتهم ، كانوا شهوداً على الجثث الطافية في النهر ، مرددين شعار "إمّا أن تعيش أو أن تموت" . يواجهون الفهود دون خوف ، تحمّلوا السير لشهور عدّة لأنهم قرّروا أن يعيشوا . الموت يلاحقهم والحرب تحيط بهم ، في رحلتهم نحو الخلاص يعاني الأطفال الكثير من العذابات وكذلك يتعرّضون للكثير من المخاطر التي هدّدت حياتهم ، حيث لا يجدون ماء حولهم ، في تلك الرحلة يصاب أحد الاخوة بالمرض وهو الأخ دانييل ويضطر ثيو الى حمله على ظهره ، لكن رغبتهم الجامحة في الحياة جعلتهم أكثر إصراراً على مواجهة المخاطر، وبعد الشعور بالتعب يقرروا أخذ قسط من الراحة والنوم بين الحشائش ، في الصباح يستيقظ الصغير مامير ليستكشف ما حوله ، ليفاجئ بالعسكري موجها بندقيته نحوه ، ينهض الكبير الاخ الكبير " ثيو" ويقول للجندي (أنا تائه من أهلي ، وأنا وحدي) ، يكذب عليه كي يحمي حياة أخوته الصغار ويواجه خطر الموت ويلقي القبض على ثيو ، وهذه هي "الكذبة الجيدة" أو الكذبة الطيبة التي إستمد منها الفيلم عنوانه وهي التي أنقذقت الأخوة من الموت .



وبعد السير مسافة 785 ميلا باتجاه الحدود الكينية يصلون الى معسكر (كاكوما) للاجئين في كينيا . وقبل الوصول يموت دانييل الطفل المريض الذي كان يحتضر . يعيشون عدّة سنوات في معسكر "كاكوما" للاجئين في كينيا . وبعد أنتظار 13عاماً من المعاناة يحصلوا على فرصة اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية . يصل ثلاثة من الرجال السودانيين اللاجئين وأختهم إلى الولايات المتحدة وتكون في استقبالهم الموظفة كاري المسؤولة عن توطين اللاجئين وتوظيفهم وتقوم بدورها الممثلة الحائزة على جائزة الاوسكار (ريس ويذرسبون) . الرجال الثلاثة هم ارميا "جيرمان دواني" و بول "جال ورنيس" و مامير "ارنولد اوكنج" يصلون ولاية كنساس، ففي الوقت نفسه ، تمّ توطين شقيقتهم في بوسطن . تفتّش الموظفة (كاري) عبر شبكة الإنتـــرنيت عن معلومات عن السودان والعنف الحاصل فيها ، فتعثر على صُوَر حقيقية بالأسود والأبيض تظهر لاجئين من كـــل الأعـمار، ومن هنا تبدأ كاري بالتغيّر حينما ترى هؤلاء اللاجئين وصراعاتهم، وتتعلّم الصبر والتغلّب على لا مبالاتها وأنانيّتها، تقع رهينة المفاجئة والصدمة أيضاً أمام كل ما يحمله هؤلاء (الفتيان الضائعون) . يقيمون في شقة في مدينة كانساس سيتي، ولكنهم يتطلعون إلى اليوم الذي تلحق بهم اختهم "ابيتال" "فيل كوث" . وهنا تبدأ محاولات "كاري" في اقناع جميع الجهات الخاصة بالهجرة والامن وغيرها من اجل الحصول على الموافقة من أجل أختهم في الانتقال الى مدينة كانساس . موظف الهجرة عند اخذ البيانات من " كاري " يتوقف عند جنسيتها السودانية ، و يخبر الموظفة كاري بأن السودان رعت نشاطات أرهابية ، لذا يتعذر نقلها من مدينة الى أخرى بسهولة حسب البيروقراطية الغالبة على تلك المسائل الشائكة ، لذا فان الامر يتطلب وقتا لتنفيذ ذلك ، لذا ينصحها بتكليف محامي هجرة وإيجاد مكان لسكنها عند أي عائلة مضيفة لها ، وتنجح في ذالك حين تفاجئ الاخوة في أحتفالات رأس السنة بوصول الاخت "إبيتال" و يلتم شملهم وتعم الفرحة باجتماع الاخوة مع بعضهم .

فيلم جيد للغاية ويعيد إلتذكير في القضية الكبيرة المتمثلة في الصراع الداخلي والنزوح ، ليس فقط في جنوب السودان ولكن في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم . الفيلم من إخراج المخرج الكندي فيليب فالاردو (السيد لازار) ، وكتبته مارغريت ناجل .

تحولت الممثلة مارغريت ناغل إلى الكتابة بعد أن أمضت سنوات في شحذ نصها فوق المتوسط لهذا الفيلم المثير للاهتمام القائم على الحقائق . والأكثر إثارة للإعجاب هو أداء بعض أعضاء فريق التمثيل السودانيين (بما في ذلك الصغار) الذين تعكس تجاربهم الحياتية صعوبة البقاء على قيد الحياة ، في مواجهة الصعاب القاتلة في هذه الدولة التي مزقتها الحرب. هذه العروض هي انعكاسات صادقة لرحلاتهم الصعبة للغاية لمحاولة إعادة التوطين في الولايات المتحدة الأمريكية. . عند وصولهم إلى أمريكا ، يتم الترحيب بهم بعد تجربة صادمة أخرى تتمثل في كيفية الاندماج مع ثقافة ومجتمع ليس لديهم معرفة بظروفهم وتجربتهم المروعة في الماضي ، إنها صدمة ثقافية في أقصى الحدود . يقدم الممثل الأوغندي البريطاني المولد أرنولد أوسينج أداءاّ متقناّ ومميزاّ. وكذلك الفنانين السودانيين رائعون الممثل " جير دواني " دور إرميا كما يفعل إيمانويل جال في اداء دوره تميزاّ خاص مع العلم أن كلا الرجلين جنود سابقون ولهم العديد من ذكريات الحياة الواقعية للحرب ومأساتها . ما تبقى من الفيلم يصور الصدمة الثقافية التي تنتظرهم في مدينة كانساس سيتي وهم ينتقلون إلى أمريكا .

"الكذبة الطيبة" فيلم رائع يتحدث عن الإنسانية والقيم النبيلة بعد الحرب الأهلية في السودان . أستغرقت كتابة الفيلم عشر سنوات لبناء هذه القصة التي تمزج بين أحداث الحياة الحقيقية لعدد قليل من اللاجئين السودانيين . تحتل ويذرسبون مركز الصدارة وهي تكافح للتعامل مع هذا الجانب الجديد من حياتها. بينما يبدو أنها منزعجة في البداية من هؤلاء الرجال الأربعة ، فإن نقاط الحبكة الميلودرامية المعتادة تحولها إلى امرأة ذات قلب من الذهب . (اطفال السودان الضائعون) يحصلون على هذه الفرصة - ولكن بعد خسارة الكثير من براءتهم وفقدان الكثير من الأحبة في معركة ما كان يجب أن تحدث وفي حرب ليست حربهم . ومع ذلك فإن الوعد بوطن جديد والحرية لا يأتيان بسهولة . وتترك الصدمة الثقافية أثراّ كبيرا في كل واحد . هذا الفيلم من الافلام المهمة التي تم عرضها في السنوات الاخيرة تناول قضية لم يتم التحدث عنها لفترة طويلة جدًا ، يتضمن الفيلم الكثير من المشاهد المعبرة والتي تحمل الكثير من الدلالات في التكيف في بلدان اللجوء ، وهي حكاية أخرى عن معاناة اللاجئين ، يعيش الأطفال الأبطال الذين كبروا صراعاً كبيراً في مفهوم الحضارات والثقافات . هُم آتون من بلاد تستعر بها الحروب ونار التمرّد والموت إلى بلد متحضّر مليء بوسائل الرفاهية والأسواق، وايضا محاولات الاخوة وإصرارهم على أنضمام ألاخت أبيتال اليهم ، شكلت تلك المحاولات محورا مهما للفيلم ، وهذا ربما من أهم نقاط قوة العمل التي يشير إلى أن كثيراً من الغربيين لا يستوعبون بشكل كامل مدى معاناة من يأتي من دول أخرى مثل دول العالم الثالث، وعاش في ظروف مثل هذه ، ولا يفهمون أيضاً نظرتهم للأمور والروابط الأسرية التي لا يعوضها شيء بالنسبة لهم . يعيش الاخوة كلٌّ منهم التناقضات والصدمة النفسية على طريقته في الغربة او في بلاد المهجر، مستذكِرين البؤس والمعاناة التي مرّوا بها في رحلتهم . قطعوا آلاف الأميال مشياً في الصَّحارى والغابات هرباً من الموت وبحثاً عن الأمان .

مشاهد لأطفال دفعهم الجوع لقتال ضِباع وأُسُود ، وتنافساً على جِيَف حيوانات. شاهدوا جثث بالغين قتلتهم الحروب الأهلية طافية في أنهار أفريقيا. عبروا حدود دول عديدة بلا أوراق ثبوتية أو أموال . هم فتية جنوب السودان الضائعون، التسمية التي أطلقها الإعلام الغربي على جيل أطفال الحروب الأهلية السودانية التي تفجرت في الثمانينات من القرن الماضي . الجيل الذي قصمت الحرب بين الجنوب والشمال السودانيين حياته وما زال العالم لا يعرف عنه إلا القليل . يعدّ فيلم الكذبة الجيّدة من أوائل الأفلام الأمريكية المستقلّة المعاصرة التي قدّمت واهتمّت بقصة اللاجئين ومهاجري الشرق الأوسط برؤية سينمائية استطاعت نقل الحالة الازدواجية والصراعات والتناقضات الثقافية والإنسانية فيما يخصّ آلام التهجير والمهجّرين، والتي تهتمّ بقضايا أبطال الحياة والواقع المهمّشين ، وتسرد أساليب المعاملة التي يتعرّض لها اللاجئ في بلد اللجوء .

وأعتقد أن سرد قصة حقيقية من خلال الفلم هو طريقة ذكية جدًا لإبلاغ العالم الغربي بالأزمة المستمرة منذ عقود دون أن يشعر الجمهور بذلك. وكأنهم يشاهدون فيلمًا وثائقيًا تم التصوير بشكل جميل ومتقن. تم تصوير مشاهد أول 40 دقيقة بالكامل في إفريقيا وتتبع الأطفال وهم يركضون للنجاة بحياتهم في بلدان متعددة. إنهم صغار السن ويواجهون تحديات مؤلمة لا يستطيع الكثيرون تحملها. هناك ألم وموت والكثير منه. هذا الفيلم لا يخجل من عرض العناصر المؤلمة والمأساوية التي خلقتها هذه الحرب . يوجه المخرج الكندي الفائز بالعديد من الجوائز فيليب فالاردو فريقه المتميز بمهارة معرفية ، لابد من الإشادة بالمخرج فيليب فالاردو بسبب إصراره على التمسك بالتأثير السوداني في سيناريو مارغريت نايجل الذي كان مستوحى من التقارير الإخبارية والكتب ومقابلاتها الخاصة مع اللاجئين . ويسانده زميله مدير التصوير الفوتوغرافي الكندي رونالد بلانت في قوته البصرية المعتادة ، في حين يضيف الملحن مارتن ليون بشكل جيد إلى الشعور الشعري والانساني لخطوط سرد الحكاية . قدمت الممثلة "ويذرسبون" دور مهم رغم بساطته وقلة عدد مشاهده . وقالت ويذرسبون التي تلعب دور استشارية التوظيف كاري ديفيز (الفيلم يقدم رسالة جميلة.. نحن جميعا متساوون) ، وقالت عن قصة الأطفال الذين فروا من العنف الديني و العرقي في السودان: (نواجه جميعا الصراع، ونتحمل فيما يبدو ما لا يُطاق في حياتنا وعلينا أن نفعل ذلك معا ، علينا أن نكون معا. وعلينا أن يساند بعضنا بعضا) . بذل المخرج قصارى جهده لإيجاد ممثلين سودانيين وقد أبلى حسناً في هذه المهمة. تقول ريز ويذرسبون: " لا يهم فعلا عدد الأفلام الوثائقية التي شاهدتها ، فتجربة رؤية أول لاجىء مباشرة أمر استثنائي حقا.. فما بالك برؤية أكثر من مائتين وخمسين ألف لاجىء يعيشون في مكان واحد وفي ظروف صعبة . أنا سعيدة حقا لتقديمنا فيلما، قد يساهم في زيادة الوعي حول ما يجري في مخيمات اللاجئين" ، الممثلة ريز ويذرسبون التي تتقمص دور هذه السيدة كانت اطلعت على أوضاع اللاجئين خلال زيارتها لمخيم كاكوما في كينيا .




(*) كاتب عراقي \ مقيم في المملكة المتحدة
 







 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter