|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء 9/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العراق .. دولة العشائر

امين يونس

عدة أسباب أدتْ الى تفاقم دَور العشائر ، في المشهد السياسي العراقي ، في السنوات الأخيرة .. بعض هذه الأسباب ، جزء من ميراث المرحلة السابقة ، وبعضها الآخر من إفرازات ما بعد الإحتلال . وفي جميع الأحوال ، فأن بروز الدَور العشائري ، في مُجتمعٍ ما ، دليلٌ على وجود خللٍ في تركيبة الدولة ، وضعف الشعور بالمواطنة الحقة ، وغياب القانون . إذ ان الفرد ، عندما ييأس من حصولهِ على حقوقه ، من خلال مؤسسات الدولة الشرعية .. فأنه يلجأ مُضطراً الى الإستعانة بالإنتماءات الفرعية ، من أجل حمايتهِ والحصول على حقوقه .. وفي مُقدمة هذه الإنتماءات ، هي العشيرة .

ومن مَظاهر تَخّلُف العملية السياسية الجارية اليوم في العراق .. هو تكالب الأحزاب المُسيطرة على السلطة ، منذ عشرة سنوات ، على كَسب وِد العشائر وشراء ولاءها ، مُقابل التنازُل عن كثير من مقومات الدولة الحديثة ! . حيث دأبتْ هذه الأحزاب ، على عقد مؤتمرات عشائرية باذخة وكيل المديح المنافق لرؤساء العشائر وإضفاء صفاتٍ سامية عليهم ، بل ودفع مبالغ طائلة لهم ، من اجل تأمين أصواتهم في الإنتخابات .. كُل ذلك بتمويل من هذه الأحزاب الحاكمة ، المتحكمة بالأموال العامة العائدة للدولة . فعلَ ذلك منذ البداية وبشكلٍ واسع ، حزب الدعوة الإسلامية بقيادة المالكي .. ثم الأحزاب الأخرى الدائرة في فلكه .. وبالمُقابل ، لم تتواتى الأحزاب والحركات السُنية إذا جاز التعبير ، عن إستخدام الورقة العشائرية ، من أجل حشد التأييد والمُساندة .

المالكي ، إستغَلَ ( الصحوات ) العشائرية ، التي صرف عليها ببذخٍ كبير ، من الخزينة العامة ، وجّيرها لمصلحته الخاصة ومصلحة حزبه ... وإستمر لسنواتٍ في رعاية وتمويل المؤتمرات العشائرية الكبيرة ، وقام بحجة مُحاربة الإرهاب ، بتسليح العشائر ( التي ضَمَنَ الحصول على تأييدها تقريباً ) في الانبار وصلاح الدين ونينوى وأطراف بغداد وديالى ومحافظات الجنوب والوسط ، ثم ساعد وضغط بعدها ، على ضَم معظم هذه الصحوات الى الجيش والشرطة. النُجيفي في الموصل ، ومنذ 2004 ، عقد مؤتمرا عشائريا ضخماً ، دعا فيه الكثير من رؤساء العشائر في الجنوب والوسط ، وبتمويل تركي على الاغلب، تحت يافطة عشائر آل مخزوم التي أرجع منبته فيها ، الى خالد بن الوليد ! .. وكانتْ نقطة إنطلاق النُجيفيين ، المغمورين " سياسياً " في السابق ، وصعودهم الصاروخي .

كتبتُ مقالاً في 2009 ، أشرتُ فيه الى مجلس محافظة نينوى ، كنموذج .. بعد إنتخابات مجالس المحافظات .. حيث ان رئيس المجلس ونائبه والمحافظ ونائبه ورؤساء اللجان في مجلس المحافظة ، كُلهم من " شيوخ العشائر " والأثرياء والإقطاعيين ! . وقامتْ جموع الشعب والذين أكثرهم من الفقراء والمُعدمين والكادحين .. بإنتخاب هذه الطبقة الطُفيلية المُستَغِلة .. فيا للمُفارقة !. من الطبيعي ، ان مجلس محافظة نينوى ، ليس هو الوحيد ، على هذه الشاكلة .. فان معظم المجالس هي كذلك .

وهذه الحركة الإحتجاجية الواسعة ، اليوم ، في كثير من المحافظات العراقية .. ولا سيما في الأنبار وصلاح الدين وسامراء وغيرها .. هي برعاية عشائرية صرفة .. فيوماً بعد يوم .. يبدو ان شيوخ العشائر ، هُم الذين يقودونها .. وترتفع الرايات القبلية واللافتات الناطقة بأسم هذه العشيرة وتلك .. يتصدرها أسم الشيخ بالطبع . ومن عمان في الاردن .. مروراً الى بيروت ، وصولاً الى دُبي .. حيث ينتشر " شيوخ " العشائر العراقيين ، وتواصلاً وتنسيقا مع شيوخ الداخل .. فان هذه الفترة ، هي بِحَق فترة ذهبية لشيوخ العشائر وللذهنية العشائرية !.

حتى الأحزاب الحاكمة في اقليم كردستان .. تعتاش على القِيَم العشائرية بدرجةٍ او بأخرى .

.................................

للأسف .. فأن ضُعف إمكانيات الأحزاب المدنية الحقيقية .. مثل الحزب الشيوعي ، والحزب الوطني والإشتراكيين العرب ... الخ . أدى الى تَرك معظم الساحة العراقية ، الى أحزاب الاسلام السياسي وشيوخ العشائر ! . وإلقاء نظرةٍ سريعة الى قوائم الإئتلافات التي سوف تخوض إنتخابات مجالس المحافظات القادمة ، وأسماء زعماء هذه الإئتلافات .. تظهر بجلاء النسبة الكبيرة ل " شيوخ العشائر " فيها .. وتشير الى المدى الذي وصلنا اليه في تراجعنا للخلف !.

 

7/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter