|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 8/3/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

بعض الضوء على الساحة الكردستانية

امين يونس

العلاقة المُعّقدة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ، تمُر اليوم بمرحلةٍ ، أقل ما يمكن وصفها بهِ ، أنها شائكة .. إذ ان المصالح المُتبادلة بين الطرَفين ، أي بِمعنى ، تقسيمهما للُسلطة والثروة فيما بينهما ، في الأقليم بمحافظاتهِ الثلاث ، وكذلك في المناطق المُتنازع عليها ، في كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين ، وكذلك تقسيم المناصب في بغداد .. كُل ذلك ، لم يَعُد مقبولاً مِنْ قِبَل أطراف المُعارضة ، وقطاعات واسعة من المجتمع الكردستاني . وحتى داخل الإتحاد الوطني ، ترتفع أصوات في الآونة الأخيرة ، تدعو الى إعادة النظر ، بنوع العلاقة بين الحزبَين وبالإتفاق الإستراتيجي عموماً .. لاسيما بعد الغياب الإضطراري ل جلال الطالباني ، وضآلة الأمل بعودتهِ الى المشهد السياسي ..

- حيث انه من الشائع في الأقليم ، انه جرى إتفاقٌ ( غير مكتوب ) بين الجانبَين ، أي الديمقراطي والإتحاد ، بعد الإحتلال الأمريكي للعراق ورُبما ب [ نصيحةٍ ] من جي غاردنر و بول بريمر ، على ان يحصل " جلال الطالباني " على منصب رئيس الجمهورية في بغداد " بعد التفاهم مع الشيعة والسُنة حسب منطق المُحاصصة " .. وتُترَك رئاسة الاقليم ل " مسعود البارزاني " . كانَ من أهداف هذا الترتيب ، هو ( إبعاد ) الطالباني الى بغداد ، على إعتبار ان الأقليم لا يَسع لِكلا الزعيمَين معاً ! . وفي ذاك الوقت ، كانتْ هذه القراءة صحيحة الى حَدٍ ما : فمن ناحية ، هي إرضاءٌ لطموح ونرجسية السيد الطالباني " رغم الصلاحيات المحدودة لمنصب رئيس الجمهورية " ، وخاتمة مُشرِفة لتأريخه الطويل في النشاط السياسي .. ومن ناحيةٍ اُخرى ، هي إرضاءٌ لتطلعات السيد البارزاني ، وإعترافٌ ضمني بِشُبُه تفّردهِ بقيادة الاقليم ! " لاسيما بعد نجاح الديمقراطي بِفرض شرطه ان يكون نظام الحكم في الاقليم رئاسياً وليس برلمانياً ، بما يتضمن ذلك من صلاحيات واسعة للرئيس " .

- خلال السنوات العشرة الماضية ، كانَ من أبرز الإنطباعات ما يلي : رغم الوعود المُتكررة من الحزبَين الحاكمَين ، فأنهما لم ينجحا في " توحيدٍ " حقيقي للإدارة في الأقليم لحد هذه اللحظة .. فما زالتْ بهدينان منطقة نفوذ مُغلقة للديمقراطي ، والسليمانية للإتحاد " قبل ظهور حركة كوران " ، مع غلبةٍ واضحة للديمقراطي في أربيل وللإتحاد في كرميان .. وحتى قرارتهما قبل أشهُر ، بأن يتبادلا بعض القائمقامين في أقضية دهوك والسليمانية ، لم ترَ النور .. وكذلك فأن المواطن العادي يقول بصورةٍ طبيعية ، ان فلان بيشمركة البارتي والآخر بيشمركة الإتحاد ، فليس هنالك توحيد فعلي على الأرض للبيشمركة والاسايش .

- أمران إثنان ، أديا الى حدوث خلخلة في الوضع الداخلي لأقليم كردستان : الأول هو ملف النفط ، حيث ونتيجة لفشل برلمان بغداد ، في سَن قانون النفط والغاز .. فأن إدارة الاقليم أي الحزبَين الحاكمَين ، بادرا الى التعاقد مع شركات للتنقيب عن النفط وإستخراجه وتسويقه .. وإنخرطا تدريجياً في لُعبة النفط الخطرة والمعقدة .. ومن الطبيعي ان التعتيم واللاشفافية في هذا الملف ، وَلدَ شكوكاً جدية حول وجود فسادٍ واسع .. " علماً وبالرغم من الإتفاق الإستراتيجي بين الحزبَين ، فكما يبدو ، ان اليد الطولى في هذا الملف ، هي للديمقراطي الكردستاني " .

والثاني هو ظهور " حركة كوران " أي التغيير ، من رحم الإتحاد الوطني الكردستاني ، وتشكيلها مع الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ، ل [ مُعارضة ] مُنظمة جيداً ، لأول مرة في تأريخ الأقليم . ورغم جميع انواع الضغوطات التي تعرضتْ لها الحركة ، فأنها نجحتْ في تحريك الوضع السياسي الراكد .. وبالتالي إستطاعتْ تسليط الضوء ، على العديد من مكامن الفساد بانواعهِ ، المُستشري في مفاصل الإدارة والحزبَين الحاكمَين .

- على الرغم من إتفاق الأحزاب والحركات الكردستانية ، عموماً .. على الإشتراك في قائمةِ واحدة ، في إنتخابات مجالس المُحافظات التي من المفروض ان تجري في 20/4 القادم ، في نينوى وصلاح الدين وديالى " أي المناطق المتنازع عليها " .. فأن الاصوات تتعالى اليوم ، داخل الإتحاد الوطني الكردستاني ، وحتى الديمقراطي الكردستاني .. بأنهما سوف ينزلان في الإنتخابات العامة القادمة داخل الاقليم ، مُنفردَين ، كُل حزب في قائمة منفصلة ، أي سينافسان بعضهما . ومع ان هذه الدعوات ما تزال خافتة بعض الشئ ، إلا ان هنالك مؤشرات مهمة ، بأن ذلك سيحصل فعلاً . جديرٌ بالذكر .. ان المعارضة المتمثلة بحركة كوران والإتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ، يُحبذون ويُشجعون ، نزول الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، مُنفصِلَين في أي إنتخابات قادمة في الأقليم ..

عموماً ، أعتقد انه حانَ الوقت فعلاً ، لجميع الاحزاب الكردستانية ولا سيما للحزبَين الحاكمَين ، ان يحتكما الى صناديق الإقتراع ، لمعرفة شعبيتهما الحقيقية .. ولوقف إدعاءات هذا الطرف او ذاك ، انه الأقوى والاكثر قبولاً .. وكذلك سيتسنى للإحزاب المُعارضة ان تكتشف مدى شعبيتها مُقارنةً مع الإنتخابات السابقة .. وإذا نزلتْ " الاحزاب الصغيرة " الى الإنتخابات منفردة ، فانها أيضاً ، ستعرف حينها ، حجمها الحقيقي ، وإذا إستطاعتْ ان تحصل على بعض المقاعد ، فأنها ستنجح حينها في إزالة تُهمة " الحزب الصغير " عن نفسها ! .

- المُهم هُنا .. ان الحزبَين الحاكمَين الديمقراطي والإتحاد .. لن يسمحا لأي أحد ، ان يسحب البساط من تحتهما " بسهولة " .. وسوف يواصلان " كما الآن " .. مُحاولة التأجيل المُستمر لإستحقاق الإنتخابات [ مّرتْ حوالي ثمانية سنوات على آخر إنتخابات لمجالس المحافظات ] .. ولا تلوح في الأفق توقعات بإجراء إنتخابات في الأشهُر القريبة القادمة .. بالإضافة الى انه لم يُشَرع قانون الاحزاب لحد الان ولم يُعّدل قانون الإنتخابات ، وليستْ هنالك رقابة على تمويل الاحزاب ومصادر أموالها وحساباتها .. وكذلك السيطرة شُبه الكاملة مِنْ قِبَل الحزبَين ، على جميع مفاصل التجارة والإقتصاد في الأقليم والتحكُم بأرزاق الناس ، والهيمنة على الهيئات [ المُستقلة ] إسماً ، والتابعةِ فعلاً ، مثل مفوضية الإنتخابات وحقوق الانسان والهيئات الرقابية والقوى الأمنية والبيشمركة .. الخ .. فأن كُل هذه الامور مُجتمعة ، إذا بقِيَتْ على حالها ، فأنه حتى لو جرتْ أية إنتخابات في الاقليم ، فأن إحتمالات حدوث تغيير حقيقي ، ضئيلة .

...............................

يجري الحديث أحياناً .. حول إستياء مُناصري الاتحاد الوطني الكردستاني في منطقة بهدينان ، حول " تهميشهم " وعدم إضطلاعهم بأي دورٍ في إدارة المُحافظة .. ونفس الشئ بالنسبة الى انصار الحزب الديمقراطي في السليمانية .. وعن قُرب التوصل الى " تسوية " حول الأمر ، عن طريق تطعيم الإدارة في المنطقتَين .. لكن أعتقد ان الوقت قد فاتَ ، على هذه العلاجات الترقيعية .. وينبغي على الحزبَين ، الإقتناع ، بأنهما ليسا وحدهما في الأقليم ، بل يجب اللجوء في النهاية ، الى إشراك [ الجميع ] في آلية صُنع القرار !.

 

7/3/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter