|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 6/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

كردستان على ضِفتَي دجلة

امين يونس

الصراع الخَفي ، على النفوذ .. ما بينَ الحزب الديمقراطي الكردستاني " العراقي " ، وبين حزب العمال الكردستاني " التركي " .. على النفوذ والهيمنة ، في شمال سوريا أو كردستان الغربية .. له أشكال عديدة .. لعلَ أبرزها ، هو التنافُس على الأرض ، بين مَنْ يُمّثِل الجانبَين من أحزاب كُرد سوريا . ومن الطبيعي ، ان هذا الصراع ، له إمتدادات أقليمية .. رُبما لايعترف بها علناً ، السياسيون .. لكنها تظهر بين الفينة والأخرى على السطح .

- من الواضح ان الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، المتنفذَين في أقليم كردستان العراق ، لهما تأثير تأريخي على تشكيل الأحزاب الكردية السورية .. ومن البديهي أيضاً ، ان يكون تأثير ونفوذ الحزب الديمقراطي بزعامة " مسعود البارزاني " ، أكثر من الإتحاد الوطني .. لعدة أسباب ، من بينها ، ان " الحدود الجغرافية " بين سوريا ، وأقليم كردستان .. يسيطر عليها بالكامل ، الحزب الديمقراطي الكردستاني في جانبها العراقي . أي بالمجمل ، ان الأحزاب الكردية السورية [ القديمة ] إذا جاز التعبير .. هي في الواقع متأثرة بالحزبَين الحاكمَين في اقليم كردستان .. غير ان حزب العمال الكردستاني ، شّكلَ قبلَ سنواتٍ ، حزباً كردياً سورياً أكثر تنظيماً وحركةً ، وحتى دّربَ العديد منهم على السلاح ، تحت اسم " حزب الإتحاد الديمقراطي " فأصبحَ نداً قويا للأحزاب الأخرى مجتمعةً .  وفي السنوات القليلة الماضية ، شّذّ ( مشعل التمو ) عن هذه القاعدة ، وشَكلَ " تيار المُستقبل " وحاول ان يتصرف بإستقلالية عن جميع الآخرين .. فأغتيلَ بعد فترة قصيرة ، على يد مجهولين ، ويُعتقد ان إغتياله ليس بعيداً عن الصراعات الكردية الداخلية ! .

- هنالك شكوك ، ان " حزب الإتحاد الديمقراطي " .. الذي يُسيطر عملياً على العديد من البلدات والقرى الكردية ، منذ أكثر من سنة .. يحصل على بعض الدعم من النظام السوري ، بصورةٍ مُباشرة من خلال تقديم ما يتيسر من العتاد والتجهيزات ، او بصورةٍ غير مباشرة ، من خلال التغاضي بل وتسهيل بسط نفوذه على المناطق الكردية " ولا سيما المُحاذية والقريبة من الحدود التركية " . وذلك إعتقاداً من النظام السوري ، ان الحزب الذي هو رديفٌ لحزب العمال الكردستاني ، سيساعدُ في الوقوف بوجه أي إجتياحٍ مُحتمَل مِنْ قِبَل القوات التركية .. إضافةً الى ان مُسلحي الحزب قد تصادموا فعلاً ، في عدة مُناسبات ، مع قوات الجيش السوري الحر . وعلى الأرض ، فأن حزب الاتحاد الديمقراطي " رغم زيارات قادته الى الاقليم والإتفاق المبدئي على أرضيات مُشتركة مُفترَضة " .. فأنه لايسمح عملياً لأحزاب الأقليم ان تتمدد كثيرا في كردستان سوريا ! .

- بالمُقابل .. هنالك إحتمال ل [ تفاهمات ] مُرَكبة .. بين أقليم كردستان العراق ، مُمثلا بالحزبَين الحاكمَين ولا سيما الرئيس " مسعود البارزاني " من جهة ، والحكومة التركية من جهةٍ اُخرى . ورُبما تكون الخطوط العريضة لهذه التفاهمات ، هي : تُركياً : وقوف تركيا الى جانب الاقليم في صراعه مع المالكي / البدء بإيجاد حل جذري للقضية الكردية في تركيا / قبول تركيا بِضم كركوك الى أقليم كردستان / إستمرار قيام الشركات التركية بالنهوض بالوضع الاقتصادي والتجاري في الاقليم / الضغط المستمر على حزب العمال الكردستاني من اجل القبول بإقتراحات الأقليم . أما أقليمياً أي ما يقدمه البارزاني بالمُقابل : تحجيم مُسلحي حزب العمال المتواجدين في المناطق الجبلية في قنديل وغيرها / إرسال المزيد من اللاجئين السوريين المُدرَبين الى سوريا ، لمزاحمة مُسلحي الاتحاد الديمقراطي اي حزب العمال / عدم السماح في نقل المساعدات والمؤن والسلاح والوقود ، عبر حدود الاقليم الى سوريا " ولا سيما الى المناطق التي تحت سيطرة الاتحاد الديمقراطي " ، / إستيعاب المزيد من الشركات التركية العاملة في الاقليم / تمتين العلاقات النفطية بين الجانبَين .

.....................................

قد يعتقد البعض ، ان ( فتح ) الحدود بين الأقليم والجانب السوري ، أمرٌ سهلٌ وبسيط .. وانه بِمُجرد إيعازٍ من البارزاني ، مثلاً .. ستتدفق البضائع المختلفة بإنسيابية وبدون تعقيد . أرى ان المسألة أعقد من ذلك كثيراً .. وتتدخل فيها مصالح أقليمية ودولية متشابكة .. واننا أي الناس العاديين ، حين نتحدث ، عن الأزمة الخانقة التي يُعاني منها ، المواطنون الكرد في المدن والقرى السورية .. وصعوبة حصولهم على الخبز والدواء والوقود وكل شئ آخر .. فأن اللاعبين الكِبار في المنطقة واُمراء الحرب المحليين .. لا يهمهم في الحقيقة كثيراً .. مصير هؤلاء البشر .. بل رُبما يتعمدون رفع مُستوى المأساة الإنسانية أكثر .. لتتوفر لهم الذرائع ، لتمرير أجنداتهم ! .

ان هنالك الكثير من الموانع المصلحية والسياسية والحسابات الاقليمية المتشابكة .. التي تقف حائلاً ، بوجه القوارب بين ضِفَتَي دجلة الفاصلة بين اقليم كردستان العراق وكردستان سوريا ، للأسف الشديد .

 

5/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter