|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 6/12/ 2012                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الوجه الآخر من صِراع بغداد وأربيل

امين يونس

جنونٌ ان تشتعل الحرب ، بين بغداد وأربيل .. فهيَ لن تكون حرباً بين " المالكي " من جهة ، وبين " البارزاني او الطالباني " من جهةٍ اُخرى .. فلو كان الأمرُ يشبهُ صراع الفُرسان في الأزمنة الغابرة .. حيث يتقاتلُ المُتحديان لبعضهما ، بالسيوف ، وجهاً لوجه .. ولا يتدخل أحد .. الى ان ينتهي الصراع بفوز أحدهما على الآخر . أو بعد إختراع المُسدسات .. حيث يتواجه الغريمان في ساحةٍ ، ويصطف المتفرجون على الجانبَين .. والأسرع والأبرع ، هو الذي يُجندل الآخر .. وينتهي الأمر ! .

لو كانتْ الأزمة الحالية ، على نفس المنوال .. لهانتْ القضية .. لكن المُشكلة .. ان الزمان غير الزمان .. والرجال غير الرجال .. والشروط مُختلفة كثيراً ، والتَحّدي له شكلٌ آخر . فالمالكي إمتطى الشعارات القومية العربية ويُريد ان يصبح نُسخة مُصّغرة ، من " بَطلٍ قومي " .. فتراهُ مُنهمِكاً بإرسال الجنود ال" النشامى " العرب من الجنوب والوسط ، الى ضواحي كركوك ، وتسليح العشائر العربية المتواجدة في المناطق المتنازع عليها ، وتشجيعها على ( الذّود ) عن أراضيها ، ضِد [ العدو الكردي ! ] المُفتَرَض . لن يُقاتِل المالكي شخصياً او قيادة حزب الدعوة بالتأكيد .. بل سيقود المعركة من بعيد .. ويترك سفك الدماء والتضحية بالأرواح ، للجنود المساكين والضُباط الصغار المخدوعين !. " في كُل حروب صدام ، لم يُصّب صدام ولا أي من أفراد عائلته أو أقرباءه .. ولو بخدشٍ بسيط ! " .

حين كانتْ الفُرصة ، سهلة للغاية .. أن تُلحَق كركوك كُلها ، وسنجار وخانقين وطوزخورماتو .. الخ ، بأقليم كردستان .. في الأيام الاولى من نيسان 2003 .. حيث كان بيشمركة الحزبَين الكرديين ، وحدهما في الساحة .. والعَرب والتركمان في كركوك والمناطق الاخرى ، مُهَيَئين نفسياً ، لِتَقّبُل الأمر .. [[ لو تَصّرفتْ أي القوات الكردية ، بِحكمة وعقلانية ونزاهة .. ومّهدتْ أرضية صلبة للتسامُح والعيش المشترك ، ووفرتْ الى جانب الأمان ، الخدمات والرعاية الجيدة لكل المواطنين ، ولو أشركتْ الأحزاب الكردية بِصدق ، التركمان والعرب منذ البداية في إدارة كركوك  ]] .. لكنها تقاعستْ عن معظم هذه الأشياء .. وبدلاً من ذلك ، إنخرطتْ في تنافسات داخلية فيما بينها على السلطة والنفوذ ، وكذلك إستحوذتْ على ممتلكات ومُخلفات الدوائر الحكومية والجيش والشرطة ! . أي بالمُجمَل : لم تكن قيادات الأحزاب الكردية الرئيسية ، في مُستوى يؤهلها ، للتعامل الأمثل مع التغيير في 2003 ، ولا سيما في كركوك والموصل والمناطق المتنازع عليها الاخرى .. فلقد تجاهلتْ المهام الكُبرى ، وإلتَهتْ بصغائر الامور ! .. واليوم يُريدون بِجرة قَلم ، ان يُعيدوا الظروف الى ما قبل عشر سنوات ، ويضعوا قطار الكُرد على السِكة الصحيحة .. لكن المُشكلة .. ان ما كانَ مُمكناً ومُتاحاً في ذلك الوقت ، وبدون خسائر تقريباً .. لم يعد كذلك الآن ( فالفُرص الممتازة تسنح عادةً لِمرةٍ واحدة فقط ! ) .. فالوضع قد تَعّقدَ ، والاوراق إختلطتْ ، والتوازنات السابقة إختلتْ ..

أعتقد .. ان ما سيحصل عليه الكُرد اليوم ، نتيجة الأزمة الحالية ، وبعد الشَد والجَذب والتهديدات المتبادلة ، والتصعيد الخطير والمصاريف الكبيرة والمساومات والتنازلات .. لن يتعدى نصف ما كانوا يستطيعون الحصول عليه بِسهولة ، قبل عشر سنوات .

كُل ذلك ، نتيجة : سوء الإدارة والإنقسام في الصف الداخلي ، والتنافسات على المال والنفوذ والسلطة ، وعدم الإستفادة من التجارب السابقة .. وأخيراً والأهَم لإطمئنان الأحزاب الحاكمة ، من ان " الشعب الكردي " لا يمتلك ، لِحَد اليوم .. الوعي الكافي والإرادة الصلبة .. لكي يُحاسب هذه الأحزاب ، على أخطاءها السابقة والحالية !! .

 

5/12/2012
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter