|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 5/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ضُعفٌ وهشاشة

امين يونس

مراتٍ عديدة ، شوهِدتُ مُتلبِساً بالدموع تنزلُ من عينَي .. لاسيما وأنا أتابع بعض الأفلام أو أستمع الى أغانٍ ، أو حتى حين أقرأ كتاباً أو رواية أو شعراً ! . فعائلتي ، بجميع أفرادها ، إكتشفوا مُبكراً ، أن خلف " قناعي " الصارم .. يكمنُ إنسانٌ هَش ... وأصدقائي المُقربين أيضاً ، يعرفون مدى تأثُري في الكثير من المواقف ، وان وراء العصبيةِ الظاهِرة ، يختفي إنسانٌ ضعيف ! . في شبابي المُبّكِر ، طالما أبكًتْني ، المواقف الشجاعة ، لأبطال الروايات السوفييتية الخاصة بالحرب .. ولا زلتُ لحد اليوم ، أستمعُ للأغاني الفلسطينية الثورية ، وكيف ان أيلول الأسود ، جَعَلتْني حاقداً على المَلكِية الأردنية .. وكيف ان الفدائيين ، خاطبوا الحُكام العملاء : " .. يا جّلاد صبرك صبرك .. قّرَب ينتهي قبرَك .. " . بكيتُ من الاعماق ، حين قتلَ الصهاينة الفاشيست ، الطفل " محمد الدُرة " . حتى الأناشيد القومية العربية ، كانتْ تؤثر فيّ " .. ياهذهِ الدُنيا أطّلِي وأسمعي .. جيش الأعادي جاء يبغي مَصرعي .." . بكيتُ ورقصتُ طرباً ، حين حّطمَ الجيش المصري الباسل خط بارليف وحرّروا سيناء .
قد يستغربُ البعض ، لحقدي الكبير على صدام ونظامهِ الفاشي .. لكن هؤلاء كما يبدو ، لايعرفون ماهي " الأنفال " وكيف دَفِنَ عشرات الآلاف من الاطفال الأبرياء والنساء والرجال ، أحياء .. نعم دُفِنوا أحياء في مقابر جماعية في طول البلاد وعرضها .. ليستْ هذه مُبالغة .. ولقد قابلتُ العديد من الناجين من المذبحة المُرّوعة . خمسة وعشرين سنة مّرتْ .. ولا زالتْ دموعي تنزل مدراراً بين الحين والحين ، حين أتذكر ضحايا الأنفال وحلبجة . لطالما أبكَتْني أغاني " تحسين طه " و " شفان بروه ر " .. الفاضحة لجرائم النظام الصدامي ، والداعية الى المقاومة والثورة .
لا أعرف أحداً بصورةٍ شخصية ، من ضحايا معركة العار في " بشت آشان " .. لكن تذّكُر ما حدث ، يهُزني .. فيا لكذب ونفاق ، المُدّعين للنضال والثورية ، وهُم يقتلونَ بِدمٍ بارد ، عشرات من أنبل الرجال والنساء ! .
............................
نعم أيها السادة .. قررتُ منذ اليوم ، ان لا أخجلَ من البُكاء .. كنتُ أخفي إنفعالاتي ، أستحياءاً من الآخرين .. لكنني أقول الآن بملأ الفم .. ان ذلك الإخفاء ، هو أيضاً نوعٌ من الكذب والنفاق .. لن أخجل بعد ، من إظهار دموعي ، حين أتأثرُ بِعُمق .. ما دامتْ هذه الدموع صادقة وعفوية .
حين يُغني " شفان به روه ر " ، ( من بيرا ته كريه ) .. حين يزيد مارسيل خليفة من إبداع محمود درويش ، فيغني ( أحنُ الى خٌبز اُمي وقهوة اُمي ) .. حين يصدح الشيخ إمام ، ويُغني من كلمات أحمد فؤاد نجم ، للفقراء والمُعدمين .. نعم .. أبكي .. حين تَمُر ذكرى مقتل الشاب الجميل البرئ سردشت عثمان .. وكامل شياع وهادي المهدي ... الخ .
بل .. ان عودة طفلٍ تائه أو مخطوف ، الى أحضان أمِهِ ، في أحد الافلام .. تُبكيني ! ..

أُعلنُ ضُعفي وهشاشتي .

 

2/5/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter