|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 05/11/ 2012                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أفلام الرُعب .. والعُنف العراقي

امين يونس

( أظهرتْ دراسة قام بها باحثون في جامعة ويستمنستر البريطانية ، نشرَتْها صحيفة الديلي ميل .. ان مُشاهدة أفلام " الرُعب " تُساعِد على تخفيف الوزن .. إذ ان مُشاهدة فيلمٍ واحد ، تُساوي نصف ساعة من المشي السريع ! . راقبَ الباحثون مُعدل نبضات القلب وكمية الاوكسجين وثاني اوكسيد الكربون المُستهلكة ، لإستنتاج وحساب مُعدل الطاقة المُستهلكة أثناء عملية المُشاهَدة . وإكتشفوا ان مُشاهدة فيلم " ذا شايننغ " بطولة جاك نيكلسون ، يستهلك 184 سُعرة حرارية .. وفيلم " جوز " للمخرج ستيفن سبيلبرغ 161 سعرة .. وفيلم " طارد الأرواح الشريرة " بطولة ماكس فون 158 سعرة .. وهكذا ! . قال الباحثون ان السبب في فقدان السعرات ، هو مادة الادرينالين التي يفرزها الجسم خلال فترات قصيرة من التوتر النفسي الشديد او حالة الخوف ، فيرتفع معدل التمثيل الغذائي ، مما يُساهم في حرق معدلات عالية من السعرات الحرارية ) .

ولو كان هذا الأمر صحيحاً .. لكان معظم العراقيين ، ولا سيما في بغداد والعديد من المحافظات .. في مُنتهى الرشاقة .. بل يُعانون من النحافة أيضاً ! .. لسببٍ بسيط : هو المُسلسل اليومي من [ الرُعب ] الناتج عن العمليات الإرهابية والعُنف المجاني . فالذي يقوده الحظ العاثر والتوقيت السئ ، للتواجد في المكان والزمان الخطأ .. فأنه لايخسر بضع سُعراتٍ حرارية ، بل يفقد حياتهُ كلها ، نتيجة إنفجارٍ أعمى .. أما شهود العَيان الذين يُصابون ويُجرحون .. فأنهم فعلاً يفقدونَ جزءاً مُهماً من وزنهم  ، نتيجة قطع أحد أطرافهم !  .. والآخرين الأبعد قليلاً ببضعة امتار .. فأن الحادث يُصيبهم بالصمم المؤقت والذهول .. فمنهم مَنْ يختلَ عقلياً ومنهم مَنْ يُصاب بأمراضٍ نفسية خطيرة ، ولا سيما الأطفال والشباب . وأمثالنا من الذين نُشاهد مقاطع قصيرة ، من هذه العمليات الإجرامية العنيفة ، في نشرات الاخبار اليومية وتقارير المُراسلين .. فأننا فعلاً ، حرقنا الكثير من السُعرات الحرارية ، وأفرزنا الأدرينالين بِغزارة .. في الأشهر الاولى من بدء موجة العُنف الاهوَج ، نهاية 2004 .. والتي تصاعدتْ وأصبحتْ أكثر عُنفاً وأعمق جنوناً خلال السنوات اللاحقة .. ولم تقتصر على طَرَفٍ واحد : فالمُحتَل الامريكي بدأ العُنف المُنفلت .. ثم عصابات القاعدة وما يُسمى دولة العراق الاسلامية .. ثم الميليشيات الطائفية المُختلفة ذات الإرتباطات المشبوهة .. ثم مجاميع الجريمة المُنظمة .. ثم الحكومة مُمّثلة بقوى الأمن والجيش وإدارات السجون والمُعتقلات .. الخ . نعم .. تحّولَ العراق الى مُختبرٍ مُخيف ، لإجراء التجارب الإجرامية البالغة العُنف .. مِنْ قِبَل أطراف عديدة ، دولية وأقليمية .. بِمساعدة ودعم داخلي .. ولم تكن هذه الأطراف كلها ، تستخدم الفئران او الأرانب في تجاربها الدامية .. بل ان عشرات الآلاف من العراقيات والعراقيين ، ذهبوا ضحايا بريئة ، كُل ذنبهم انهم كانوا هُنا مُصادفةً في هذا الزمن المجنون ! .

حتى الأدرينالين ، لم يَعُد يُفرَز ، هُنا .. حسب " المنطق " وكما هو مُفتَرَض ، في حالات الخوف الشديد او التوتر العالي او الشَد العصبي المتواصل .. وحتى الهرمونات فقدتْ إنضباطها ولم تعد خاضعة للقوانين والعلم .. فبعد كُل هذه السنين الصعبة من العُنف الأهوج .. لم نفقد نحن العراقيين .. مجرد كيلوغرامات من أوزاننا .. بل فقدنا الكثير من توازننا وترابُطنا ووشائجنا .. لم نحرق سعرات حرارية فقط .. بل حرقنا أعصابنا وحرقنا الجسور التي تربط ضِفافنا بعضها ببعض !.

 

3/11/2012

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter