|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء 5/9/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أشياء صغيرة .. "1"

امين يونس

لماذا نحنُ مُتخّلِفونَ عن الركب الحضاري ؟ هل السبب هو اننا " شرقيون " ؟ هل العّلة في كوننا " مسلمون " ؟ هل لأننا عَرَب أو أقوام أخرى متعايشة مع العرب منذ قرون طويلة مثل الكُرد والأمازيغ والتُركمان وغيرهم ؟ .. ببساطة ووضوح .. أعتقد ان المُبررات أعلاه ، غير صحيحة .. والدليلُ على ذلك ..ان " الشرقيين " مثل اليابانيين والصينيين والكوريين، باتوا يُنافسون أرقى الدول الغربية في كُل شئ .. وكذلك هنالك دول " إسلامية " أي ان الغالبية العظمى من سكانها ، مُسلمون ، مثل ماليزيا وتركيا .. قد طّورتْ نفسها بحيث انها تجاوزتْ العديد من الدول الغربية ، في الصناعة والزراعة والسياحة .. الخ . إضافةً الى ان الكثير من " العرب " والاقوام الأخرى المتعايشة معهم .. عندما يُهاجرون الى الدول المُتقدمة ويقضون سنين في تلك البُلدان.. فان نسبة مُهمة من هؤلاء ، يبرزون في كافة المجالات .. العلمية والتقنية بكل فروعها وحتى الفنية والثقافية . إذن لابُد ان هنالك خللاً [ هُنا ] عندنا .. وذلك يعني ، ان نوعية الحياة التي نعيشها ، فيها خطأ .. وان [ النظام ] الذي يُسّيِرنا ليسَ صحيحاً .. وان مجموعة القِيَم التي تُحّركُنا .. بِحاجة الى مُراجعة وإعادة تشكيل من الأساس ! . سأحاول التعريف ببعض الأمور " الصغيرة " بل رُبما الصغيرة جداً .. في حياتنا اليومية .. قد نستطيع من خلالها ، تشخيص بعض مَكامن أمراضنا الإجتماعية المُتوارثة .. وإذا كان التشخيص صحيحاً .. فأن تلك خطوة كبيرة ، في طريق العلاج المُناسب وبِجُرعاتٍ محسوبة :

في الزقاق الذي أعيش فيه .. هنالك ستة وعشرين بيتاً .. قامتْ البلدية قبلَ أكثر من سنة ، بتوزيع عبوات بلاستيكية كبيرة ، سهلة التحريك لوجود إطارَين تحتها ، ولها غطاءٌ ، وبألوان مُختلفة .. وإستَوفَتْ ثمنها ، مِنّا .. وذلك لوضع القمامة فيها ، إضافة الى اكياس سوداء كبيرة .. وتقوم سيارات البلدية او الشركات المتعاقدة معها ، بنقل القمامة .. بمُعّدل مرة كُل يومَين وفي الصباح الباكر عادةً .. وبِحسب حجم العبوة الموجودة امام كُل منزل .. فأنها تكفي لجمع القمامة تماماً .. لاسيما وان سيارات نقل القمامة ، تقوم بعملها بصورةٍ مُنتظمة " وهذه نقطة إيجابية تُسّجل للبلدية " . أي بمعنى آخر .. [[ لو ]] إلتزمَ الجميع ، بوضع كُل القمامة في المكان الصحيح ، فأن الشارع سيبقى نظيفاً على الدوام . هذا من الناحية النظرية .. لكن الواقع شئ آخر تماماً .. فلا اُبالغ لو قُلت أنني وخلال السنتًين الماضيتَين ، تعبتُ حقاً من مُراقبة أطفال المحلة " رُبما يبلغ عددهم الستين من أعمار خمس سنين الى خمسة عشر سنة " .. فهؤلاء الأطفال .. المتوزعين على بيوت شارعنا فقط .. يَرمونَ عُلب المشروبات الغازية والشربت وأكياس الجبس الفارغة وكُل ما يخطر على بالِكَ .. في الشارع .. بينما وعلى بُعد امتار منهم ، هنالك مكانٌ مُخّصَص لوضع القمامة ، أمامَ كُل منزل من منازلهم ! ... وحسب حالتي المزاجية والصحية .. يتراوح نشاطي مع هؤلاء الاطفال .. بين النصيحة أحيانا والتوجيه والعتاب وحتى السُباب أحياناً والتهديد .. وفي كثيرٍ من المراتْ .. تحدثتُ الى أهاليهم .. كي يشجعونهم على وضع القمامة في العبوات المخصصة .. لكن الغريب بالنسبة لي .. ان العديد من الآباء والأُمهات .. والطريف ان بعضهم من خريجي الجامعة .. لايأخذون الأمر بِجدية على الإطلاق .. بل يعتقدون ان القضية لاتستحق كُل هذا الإهتمام والجلبة ! . طبعاً نفس هؤلاء الآباء ، يقومون " بالتأكيد " .. برمي السكائر  والقمامة ، من شبابيك سياراتهم إينما مروا .. ولهذا فأن أبناءهم إكتسبوا هذه " العادة " السيئة منهم !.

بالمُقابِل .. ليستْ هنالك قوانين جدية وعقوبات صارمة .. بِحق الذين يوسخون الشارع بصورةٍ مُتعمدة . أعتقد ان الأب او الأُم .. الذين لايردعون أطفالهم عن هذه المُمارسات .. يتحملون مسؤولية إخلاقية كبيرة .. ومن الطبيعي .. ان الطفل الذي ينشأ وسط هذهِ البيئة .. لايهتم بمحيطه ولا يفهم واجباته تجاه المُجتمع عندما يكبر .

للحديث بقية .

 

4/9/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter