| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 5/4/ 2013 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
يومٌ حزين للصحافة العراقية
امين يونس
كانَ هنالك خبرٌ عن نِية مُؤيدي ومُقّلدي ، رجل الدين " محمود الحسني الصرخي " ، الخروج في مُظاهرة في كربلاء ، ( للمُطالبة بأحقيتهم في إدارة الحضرة الحُسينية .. الخ ) .. نُشِرَ هذا الخبر ، في جميع الصُحف البغدادية تقريباً ، لكن أربعة صُحفٍ منها ، نشرَتْهُ في الصفحة الاولى وفي مكانٍ بارز ، بإعتبارهِ خبراً مُثيراً ، وهذا بالطبع هو دَيدن العمل الصحفي ، وهو البحث عن ما هو مُثير أو غريب أو غير شائع . هذه هي بداية القصة .
أما مُنتَصف القصة الكئيبة ،فيتمثل ، ان عشرات من المُسلحين بأسلحة بيضاء مكشوفة من سكاكين وخناجر وبوكسات حديد وعصي ، ورُبما بأسلحة نارية مخفِية .. إقتحموا ظهيرة أول أمس ، مقرات هذه الصُحف الأربعة ، وسط بغداد ، وضربوا المتواجدين من صحفيين وإعلاميين وجرحوا العديد منهم ، وحطموا الأجهزة وحرقوا بعض السيارات .. كُل ذلك حصل ، خلال ساعة ونصف الساعة وبالتزامن وبالقُرب وبجوار القوات الأمنية ، التي لم تُحّرِك ساكناً على الإطلاق ! . ومما يثير التساؤلات أكثر ، ان العصابة عندما دخلتْ الى مقر إحدى هذه الصُحف ، أبدتْ عدم رضاها عن نشر خبر تظاهرة مُؤيدي الصرخي " بالشكل الذي نُشِرتْ به " .. فبادرَ رئيس التحرير فوراً ، الى تهدئتهم ، وإعتذرَ منهم ، وقال لهم ، انه سينشر في اليوم التالي وفي نفس المكان من الجريدة ، ما يُكّذِب الخبر الاول والإعتذار أيضاً .. وجلسوا في الإدارة وشربوا الشاي ، وقالوا ان تسوية الموضوع ، بحاجة أيضاً الى فصلٍ عشائري ! .. فاجابهم رئيس التحرير بانه مُستعد لذلك أيضاً ، وسيسعى للإجتماع مع السيد الصرخي نفسه إذا تطلبَ الأمر لتسوية الموضوع . لكن الغريب ، انه بعد كُل هذا الحديث " الودي " .. قامتْ العصابة بتحطيم محتويات مقر الصحيفة وضرب المنتسبين !! .
والجزء الأخير والخطير من القصة الحزينة .. ليسَ ماقامتْ بهِ العصابة المُسلحة التي تجاوزَ عددها الخمسين .. فهي في كُل الأحوال " عصابة " خارجة عن القانون ، مَهما تَسّمتْ وتحتَ أي عنوانٍ كانتْ ، وبإسمِ أي رجل دين أو شيخ او زعيم تحدَثَتْ .. فهي تبقى زُمرة تخرق القوانين . والمُقلِق ان تكون العملية مُجّرد بالون إختبار .. وبداية لحملة تهدف الى لجم حرية التعبير والرأي وترهيب وإسكات الصحافةِ عموماً ، والمُنتقدين للحكومة والإسلام السياسي خصوصاً .
لكن المأساة الأكبر ، ان تستطيع هذه العصابات القيام بذلك ، في الساعة الواحدة ظهراً .. وفي وسط العاصمة .. وفي أكثر الأماكن إكتظاظاً بالتواجد الأمني المُكّثَف .. فأما أن الحكومة بِكُل أجهزتها ، ضعيفة وعاجزة ، وأما ان تكون مُتواطئة وراضية عن ما يجري
بعد إنتهاء كُل شئ وبعد إستنجاد الصُحف الأربعة بالجهات الامنية .. حضرتْ القوات الأمنية ولكن ( بعدَ خراب البصرة ) .
مَرتْ الآن أكثر من اربعين ساعة .. والحكومة صامتة ، والجهات الأمنية طويلة اللسان عادةً ، ساكتة .. وكأن شيئاً لم يكُن .. عدا الكليشة السخيفة : ... شّكلنا لجنة للتحقيق في الحادث ... الى آخر هذه الإسطوانة المُمِلة .
هل هي مُصادفة ، أن تكون أسماء الصُحف الأربعة التي هُوجِمَت : [[ الدستور / البرلمان / المستقبل / الناس ]] . ان العملية تهدف الى : إسقاط الدستور وحَل البرلمان ، وجَعل مُستقبل الناس ، أسوأ وأكثر بُؤساً !.
3/4/2013