|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 5/3/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

إحتكارات .. وتسويق

امين يونس

يلجأ أصحاب المصانع ، الى مُختلَف انواع الوسائل ، من اجل [ تسويق ] بضائعهم المُنتَجة ، وفي معظم الاحيان ، يصرفون أموالاً طائلة ، على حملات الدعاية والإعلان ، في سبيل تلميع منتجاتهم ، وترغيب الزبائن بها ، والإسهاب والمٌبالغة في مدح أوصافها ، والإدعاء بانها أحسن بما لايُقاس ، مُقارنةً بالماركات المنافسة الأخرى ! .. إضافةً الى تقديم عروض مُغرية ، من خلال تخفيض الأسعار بين الفينة والأخرى ، لتشديد الخناق على أصحاب المصانع الآخرى ، ومحاولة الحصول على مزيدٍ من الأسواق لتصريف منتجاتهم . وهذا هو أحد قوانين السوق ، إذ لو لم يتم تسويق وتصريف الإنتاج ، فأن عَجَلة الإقتصاد لاتدور ، ويتسبب ذلك بخسارة لمالكي المصنع أصحاب رأس المال  ، والبطالة والتسريح للعُمال والمهندسين ! . إذن [ التسويق ] هو من أهم أركان العملية الإنتاجية . وبسبب المُنافسة الشديدة ، فأن الرأسماليين يستعينون في كثيرٍ من الاحيان بوسائل قذرة ، غايتها الرئيسية زيادة أرباحهم ، وتُؤدي في النهاية ، الى إلحاق الضرر بالمُستهلك في أرجاء العالم ، ولا سيما في البلدان النامية مثل العراق ومعظم بلدان العالم . كما انهم اي الرأسماليين ، يتحالفون غالباً ، فيما بينهم ويُشكلون كارتلات كُبرى ، لإحتكار السوق لأنفسهم وعدم السماح للآخرين بمنافستهم . وهذا شئ طبيعي ، إذ ان الهدف الأساسي لكُل هذه الطبقة الرأسمالية ، هو : الربح ولا حدود لجشعهم المُتصاعِد .. ولا علاقة لهم من قريب او بعيد ، بالقِيَم الإنسانية !.

حتى ان هذه البلدان التي تتحكم فيها الإحتكارات الرأسمالية الكُبرى ، لاتتوانى عن [ تدمير الزراعة والصناعة في البلدان النامية بصورةٍ منهجية ومتعمدة ] .. ولقد فعلت ذلك في دول الكاريبي وامريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا ، طيلة العقود الماضية .. من أجل تسويق منتجاتها هي .. وينجح الغرب الرأسمالي في هذا الامر ، عادةً .. في ظل وجود حكومات إستبدادية وذيلية ، في البلدان النامية ، مُستعدة لتنفيذ الأجندات الغربية بالضد من مصالح شعوب هذه البلدان . وعلى سبيل المثال ، فأن السودان قبل خمسين سنة ، كانتْ تُعتَبر ، سّلة غذاء أفريقيا ، لوفرة إنتاجها الزراعي والحيواني المتنوع ، واليوم تقوم بإستيراد معظم إحتياجاتها . والعراق الذي كان مُكتفياً في غالبية مُفردات متطلباته الغذائية قبل عقود ، أصبح يستورد كُل شئ من الخارج ... الخ .

وإذا كان شائعاً ، ان تقوم الإحتكارات الصناعية الكبرى ، بالدعاية المُستمرة لمنتجاتها المتنوعة ، وبمُختلف الوسائل ، من حملات إعلانية ومعارض وترويج والتحكُم في السوق .. فأن تجارة " المواد الغذائية والدواء " مثلاً .. وبِمُجرد إحتكار الإنتاج والسيطرة على العَرض والطلب .. فأن جميع البلدان الفقيرة ( مُجبَرة ) على شراء الغذاء والدواء في جميع الاوقات وتَقّبُل الشروط المُجحفة .

لكن المأساة الأعظم ، هي في تجارة [[ السلاح ]] .. فليس من المعقول ، ان تقوم بحملة إعلانية ، حول ان المدفع الفلاني ، يقتل أكثر ، او ان الصاروخ ذاك يُدّمِر بصورةٍ مُتقَنة ، او تلك البندقية ، التي تًميت طلقاتها بسلاسة .. ولا ان تقول ان الطائرة الحربية هذه ، تفتك بالبشر بصورةٍ رائعة وتُدمِر الجسور والمستشفيات بسهولة كبيرة ! . حيث لايتم ( تسويق ) السلاح عن طريق مثل هذه الإعلانات والدعايات .. ولكن لأنه يجب ان تشتغل مصانع السلاح الكبرى ، ويجب ان لاتتوقف عجلة الإنتاج ، ويجب ان تتراكم أرباح مالكي هذه المصانع .. فأنهُ بالضرورة [[ تصريف وتسويق ]] هذه البضاعة . ولكن كيف ؟ بالتخطيط لإثارة المشاكل ، وإدامة التوترات حول العالم .. وخلق الحروب خلقاً .. فما ان تنتهي حرب ، حتى تبدأ اُخرى في مكانٍ آخر .. وما تستقر منطقة ، حتى تتازم اُخرى ويشتدُ سباق التسلُح والتسلح المُضاد ..

وهذا مِنْ حَقِهم ، أي الدول المُصّنِعة الكبرى .. فليس من المعقول ، ان يتكدس إنتاجهم الضخم ، في المخازن .. ومن المهم إيجاد زبائن على الدوام . وذلك يجري بصورةٍ طبيعية : طالما تزامنَ وجود إحتكارات جشعة كُبرى ، في العالم المتقدِم ، مع وجود حكومات مُستبدة غبية متواطئة ، في مثل بُلداننا ! .

 

4/3/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter