|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 3/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

بعض القَساوة

امين يونس

كان الحديثُ يدور عن نتائج إنتخابات مجالس المحافظات ، التي جرتْ في 12 مُحافظة عراقية في 20/4/2013 . وعن تسعة أو عشرة مقاعد ، فازَ بها مُمثلو الحزب الشيوعي العراقي ، ضمن التحالفات "المدنية" التي دخلوا فيها ، مع عِدة أحزاب وتجمعات مدنية ويسارية . وعلى الرغم من إتفاق الجميع ، ان عدد المقاعد التي حصلَ عليها الشيوعي العراقي ( قليل ) ، إلا ان الجميع أيضاً ، إعتبروا ، أن تلك خطوة مُهمة ونجاحٌ واضح ، إذا أخذنا بنظر الإعتبار ، الحِصار المفروض ، على اليسار عموماً والحزب الشيوعي خصوصاً ، مِن قِبَل احزاب الإسلام السياسي والأحزاب القومية ، الحاكمة والمتنفذة .. إضافةً الى الحرب الشرِسة ، ضد اليسار ، التي يخوضها بصورةٍ غير مُباشرة ، رِجال الدين بِمُختلَف مذاهبهم ، وكذلك شيوخ العشائر .
قلتُ له : هل تعتقد ، ان الحزب الشيوعي الكردستاني ، سوف يحصل على بعض المقاعِد ، إذا جرتْ إنتخابات مجالس المحافظات قبل نهاية هذه السنة ؟
قال : من المعلوم ، ان الحزب الشيوعي الكردستاني ، حصل على مقعدَين في مجلس محافظة أربيل ، ومقعدٍ واحد في دهوك .. في إنتخابات عام 2005 ، حيث كان متحالفاً مع الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني في المحافظتَين .. وليس له أي مقعد في السليمانية ، ولم يكن متحالفاً مع الإتحاد الوطني فيها . علماً ان " مُناوئي " الحزب ، يّدعون ، بأنه لولا ، تَكّرُم الحزب الديمقراطي الكردستاني ، لِما حصلَ الشيوعي الكردستاني ، على أي مقعد ، في المُحافظتَين ! .. في حين أن المُؤيدين للحزب ، يعتقدون انه ، كان يستحق عدداً أكبر من المقاعد في اربيل ودهوك ، وحتى في السليمانية التي له فيها شعبية تقليدية ، كانَ ينبغي ان يحصل على بعض المقاعد .. لكن هيمنة الحزبَين الحاكمَين ، حالتْ دون ذلك ! .
قلتُ : وهل سيشترك الحزب الشيوعي الكردستاني ، في الإنتخابات القادمة ، سواء البرلمانية أو مجالس المحافظات ، مُنفرداً .. أم سيتحالف مع أحزابٍ اُخرى ؟
قال : لم يُحسم الموضوع لحد الآن .. علماً ، ان الرأي الغالب لدى معظم الشيوعيين الكردستانيين كما يبدو، هو النزول للإنتخابات في قائمة لوحدهم .. أو بالتحالف مع قوى اليسار الاخرى ، مثل حزب الكادحين والإشتراكيين وبعض الأحزاب والحركات الاخرى . أو حتى مع أحد الحزبَين الحاكمَين أو كِلاهما .. ولكن بشروط جديدة ! .
قلت : هل تؤيدني ، في ان الحزب الشيوعي الكردستاني " الذي هو نتاج طبيعي للحزب الشيوعي العراقي " ، قد تَحّولَ فعلاً خلال العشرين سنة الماضية ، الى مُجرد [ حزب صغير ] ليسَ له دَورٌ حقيقي يُذكَر ، في الساحة الكردستانية ؟ وإذا كان الجواب : نعم .. فما هي الاسباب برأيك ؟ .
قال : أؤيدك جُزئياً .. إذ ان " تراجع " اليسار عموماً ، في العالم .. برزَ بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي والأنظمة الإشتراكية ، نهاية الثمانينيات .. والحزب الشيوعي الكردستاني ، ولدَ أبان هذه الفترة الصعبة ، المليئة بالإحباطات والنكوص . هذا بالنسبة الى العامل الموضوعي . أما ذاتياً .. فأن " تقليدية " و " تعب " قيادات الشيوعي الكردستاني .. وتعّودهم التدريجي ، على " الراحة " والإسترخاء .. والقبول خطوة بعد اُخرى ، بشروط الحزبَين الحاكمَين المُجحفة .. جعلتْهُم .. يبتعدون عن " الإبداع " وعن " الثورية " الحقيقية ! . وتحّولَ الحزب ، كما يترأى للكثيرين ، من حزبٍ يُفتَرَض ان يكون مُدافعاً عن العمال والفقراء والمعدمين وشغيلة اليد والفكر ، بدرجةٍ أساسية ، الى حزبٍ ، يُدافع عن حقوق وإمتيازات أعضاءهِ ومُنتسبيهِ !! .
قلتُ : أليسَ هذا الكلام ، فيهِ الكثير من القسوة ؟
قال : يا عزيزي .. أين هي " طبقية " الحزب الشيوعي الكردستاني ؟ هل تستطيع ان تدُلني على الفرق بينه وبين الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي وحركة التغيير وحتى الاحزاب الإسلامية .. فيما يخص حقوق العمال والشغيلة والطلبة ؟ فما عدا "الشعارات" التي تتصدر صحافة الحزب او المؤتمرات والكونفرنسات .. فما الذي قام به الحزب الشيوعي ، من اجل الطبقات المسحوقة في الأقليم ؟ هل قاد أو شارك على الاقل ، في تظاهرات او إضرابات ؟ هل قاد أي حركة جماهيرية ، ضد التدخلات التركية والإيرانية السافرة في الأقليم ؟ هل تصّدى بصورةٍ عملية ملموسة ، للدفاع عن حقوق المرأة والوقوف بحزم ضد التجاوزات المختلفة على كرامتها وحريتها وحتى حياتها ؟ هل قاد الحزب بصورةٍ منهجية ، حملات ضد الفساد المستشري ، حملات حقيقية لفضح الفاسدين والمُطالبة بمحاسبتهم بأثرٍ رجعي ؟ ! .
قلت : أنك كما يبدو مُتحامِل أو حاقد ؟!
قال : كلا ياعزيزي .. بالعكس من ذلك تماماً .. بل أعتقد ، ان الشيوعي العراقي ، إستطاع الفوز ببعض المقاعد في الإنتخابات الأخيرة .. بسبب خروج منتسبيهِ من ( المقرات ) وإختلاطهم اليومي ، مع الناس في الشارع ، والشعور بمعاناتهم والتعاطف الحقيقي معهم ، وإبتعادهم عن مفاسد السُلطة في بغداد والمحافظات .
بينما هنا .. فأن الشيوعيين الكردستانيين .. في معظمهم ، أصبحوا مثل " الموظفين " .. يُداومون بضع ساعات داخل المقرات .. ثم يذهبون الى بيوتهم او يقضون الوقت في المقاهي والكازينوهات .. بدون إنتاجٍ فعلي .. بدون إبداع وسائل جديدة للنضال .. تعودوا على الكسل .. راضون بالفُتات المُتساقِط من أحزاب السُلطة . باتوا لا يفكرون بشئٍ أسمه : المُجابَهة ! .. في حين ، ارى انه ، لن يكون هنالك أي تغييرٍ فعلي نحو الاحسن .. بدون مُجابهة . أولاً وقبل كُل شئ : [ مُجابهة الذات ] بشجاعة .. نقد الذات والإعتراف بالأخطاء والمبادرة الى الإصلاح الحقيقي .. وهذه أي مُجابهة الذات ، هي الأصعَب .. ثم بعد ذلك سوف تسهل المُجابهات الأخرى !
............................
قال : لا أعتقد ، ان الركون الى " التأريخ المجيد " .. ولا حتى الإكتفاء ب " النزاهة والايادي البيضاء " .. يكفي .. للحصول على أصوات الناخبين والفوز بمقاعد في الإنتخابات .. إذ ينبغي تَبني قضايا الجماهير : الحقوق / العدالة في التوزيع / حُكم القانون / الحُريات / محاربة الفساد . وإشعار تلك الجماهير ، بان هنالكَ [ فرقاً ] واضحاً ، بين الشيوعي الكردستاني وكُل الاطراف الأخرى .
كُل هذه " القساوة " .. وراءها ، حرصٌ على أن يكون " اليسار الكردستاني " فاعلاً ونشطاً وإيجابياً .. على الساحة ، في المرحلة القادمة .
 

30/4/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter