|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 30/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

البضائع الرديئة

امين يونس

( في معظم البيوت ، تتراكمُ شهراً بعدَ شهر .. الأشياء التي أصبحتْ " زائدة عن الحاجة " ( نتيجة المَيْل الإستهلاكي المَرَضي والتسّوق المُفرِط ) ... وتعيق التنظيف وتحتل مساحات وتُربك الوضع .. وتتحول هذه الأشياء الزائدة تدريجياً ، الى مُشكلة مُزعجة ينبغي مُعالجتها . قبل خمسة عشر سنة .. كانَ الحَل سهلاً .. فالقوة الشرائية لعامة الناس ، كانتْ متدنية .. وهنالك محلات كثيرة في السوق تشتري الأغراض المُستعملة والقديمة بسعرٍ ضئيل .. لتُرّمِمها وتبيعها ثانية . أما اليوم ، فلقد إضمحلَتْ هذه التجارة .
قبلَ مُدة .. أردتُ أن اُقّلِدَ الأجانب .. فوضعتُ منضدة زائدة عن الحاجة ، جوانبها من الزجاج ، وضعتُها في الخارج قرب السياج .. لَعّل أحداً يحتاجها ويُخّلصني منها .. فلم تمُر دقائق ، حتى سمعتُ صوت تكّسُر الزجاج .. ولما خرجتُ .. كان الاطفال الذين فعلوا ذلك ، يُهرولون وهم يتضاحكون ! . فإضطررتُ الى تنظيف المكان ، وأعدتُ بقايا المنضدة الى الداخل . المُهم .. ان هذه الأشياء والأغراض .. تفقد تدريجياً أسماءها الأصلية ، وتصبح مُجّرَد " نفايات " .. وعلى الأغلب ، فأنك ستصرف مالاً لكي تُزيلها عن كاهلك ، من قبيل .. تأجير سيارة بيك آب وعامل أو أكثر ، إذا كانتْ الأشياء ثقيلة أو في السطح ! ) .
هذا على المستوى الفردي او الضيِق .. أما بالنسبة الى الدُول .. فأن الأمر يُشكِل مُعضلة حقيقية متعددة الجوانب . فالبُلدان المتقدمة ، نجحتْ ليسَ فقط ، في التخلُص من " القمامة " والأشياء الزائدة عن الحاجة .. بل أنها تستفيد منها في مجال إنتاج الطاقة وكذلك تدويرها في صناعات مختلفة ، بل ان ألمانيا مثلاً ، لاتكفيها قمامتها المحلية ، فتقوم بإستيراد القمامة من الدول المجاورة أيضاً ! . في حين ان العديد من الدول الصناعية ، تُقدِم أموالاُ طائلة لبلدان متخلفة ، من أجل دفن نفاياتها المُشعة وغيرها من النفايات الخطرة والضارة بالبيئة ، في أراضي هذه الدول الفقيرة ، مما سيولد لشعوبها وأجيالها القادمة ، الكثير من الأمراض السرطانية الفتاكة .
الأسلحة القديمة الصُنع والمركونة في المستودعات والمخازن ، تُشَكِل مُعضلة كبيرة للدول الصناعية الكبرى .. لكن هذه الدول ، تَجِدُ دوماً " المُغفَلين " الذين يتزاحمون على شراء هذه الأسلحة " الستوك " ، ومن الطبيعي ، ان العراق ولا سيما بعد 2003 ، في طليعة هؤلاء المُغفَلين ! .. وعشرات العقود المشبوهة ، خلال السنوات العشر الماضية ، دليل على ذلك .
والآلاف من أنواع البضائع الرخيصة المصنوعة بِطرقٍ لاتراعي الشروط البيئية والصحية .. ممنوعة من الدخول ، الى أسواق البُلدان التي تفرُض رقابة صارمة من خلال التقييس والسيطرة النوعية وتحترم حقوق المُستهلِك .. غير ان هذه البضائع السيئة صحيا وبيئيا ، تُغْرِق الأسواق العراقية من زاخو الى الفاو .. من أجل فائدة حفنة من التُجار الجشعين والمافيات المُسيطرة على السوق .. ضاربين بعرض الحائط ، مصلحة المواطن المُستهلك ! .
.........................
مُدننا كلها ، صارتْ مُحاطة بمكبات النفايات والقمامة ، والتي تؤثر تأثيراً مُدمراً على البيئة بِكُل مفرداتها : من هواء وتربة وماء . فلا نحن سعينا ، الى تدوير هذه النفايات ، بصورة علمية وجدية .. ولا الى البدء في توعية شاملة بهذا الصدد . إضافةً الى أن حكوماتنا الفاسدة .. دأبتْ على زيادة المُشكلة وتعميقها ، من خلال الإستهتار في إستيراد النوعيات المتدنية من البضائع المختلفة .. بدءاً من أكياس النايلون البسيطة ، الى المواد الغذائية ، الى الأدوية ، الى الأسلحة والعتاد والطائرات ... الخ . والأدهى من ذلك ، فأنها تستوردها بأسعار أغلى الأنواع .. وتنهب الفروقات الضخمة وتكدس الأموال المسروقة الطائلة في حسابات الفاسدين .
.........................
أن حكوماتنا العتيدة .. تقوم في الواقع ، بتبذير أموالنا وأموال الأجيال العراقية القادمة .. في صفقاتٍ مشبوهة وعقودٍ فاسدة وإستيراد أسوأ البضائع .. وتُوفِر حوالَينا ، كُل الأسباب المُساعدة للإصابة بكثيرٍ من الأمراض الخطيرة وعلى رأسها السرطان .

 

28/5/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter