|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 30/4/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التعبُ مِنْ فعلِ لا شئ

امين يونس

" طلبَ أحد الحُراس ، من رئيسهِ في العمل .. أجازة لكي ينال قسطاً من الراحة ، حيث انه أمضى فترةً طويلة في عمله كحارس .. علماً انه كان يقضي الليل والنهار ، في ثلاثة أشياء : الأكل ومشاهدة التلفزيون والنوم .. هكذا كان ( عملهُ ) .. وكان رَب العمل يعرف ذلك حق المعرفة .. وعندما سأل الحارس : لماذا تريد إجازة ؟ أجاب الحارس : في الحقيقة ، لقد ( تعبتُ ) وأشعر بانني أستحق إستراحة طويلة ، أو إحالة على التقاعُد ! " .

قابلتُ يوم أمس ، أحد أعضاء مجلس مُحافظة دهوك ، وتبادلنا الحديث ، عن إحتمال إجراء إنتخابات المجلس ، قبل نهاية هذه السنة ، كما تواردتْ الأخبار الواردة من العاصمة أربيل .. فتذكرتُ الطُرفة أعلاه .. فهيَ بِحَق تنطبق على أعضاء مجلس محافظة دهوك بالتأكيد .. ورُبما ، على مجلِسَي مُحافظتَي أربيل والسليمانية ، أيضاً . حيث مضى على بقاء أعضاء هذهِ المجالس ، " جالسين " على كراسيهم ، أكثر من ثمانية سنوات ! . وهي لعمري مُدة طويلة .. إذ أنهم يستحقون الثناء والمديح ، لتحّملهم كُل هذه السنين ، أعباء المسؤولية الثقيلة .. بل يستحقون التكريم ، لنجاحهم في المقاومة شهراً بعد شهر ، في تلك القاعات المُكّيفة وغُرف اللجان الفخمة ، وهُم يقرأون الجرائد أو يحّلون الكلمات المتقاطعة أو يتبادلون الألعاب على اللابتوب " اُراهن ان جميعهم أصبحوا مُحترفين في ألعاب الكومبيوتر ، وحَل الكلمات المتقاطعة ، فثمانية سنين من الممارسة المُستمرة ، ليست بالشئ الهّين ! " . أنهم ، أيها السادة ، يستحقون التمجيد ، لمقدرتهم الفائقة ، على تشخيص أنواع الكابتشينو ، ومعرفتهم التفصيلية ، بالمطاعم الجيدة ، ليس هنا فقط ، بل حتى في الدول المُجاورة ، التي يزورونها بين الفينة والفينة ، في مَهامٍ ( رسمية ) ، وبالطبع يتجاوز الأمر ، المطاعم في تلك البُلدان ، فباتوا خُبراء ، بالفنادق والنوادي و .. الخ . ان أعضاء مجالس المحافظات ، هُنا بالذات .. ومن كُثرة إنشغالاتهم ، بالأمور العامة التي تَهم المواطنين ، والمُراقبة الدائمة لأداء المُحافِظ والدوائر الحكومية ، وإنهماكهم الشديد في الإشراف على صرف ميزانية المحافظة ومُراقبة تنفيذ المشاريع المختلفة .. لايبقى عندهم الوقت الكافي ، للإلتفات الى متطلباتهم الشخصية ، هُم وعوائلهم ! . إذ أن أي مُدير دائرة ، يحسب ألف حساب ، لمجلس المُحافظة ، ولا يجرؤ على إقتراف أي مُخالفة أو فساد .. بل ان المُحافِظ نفسه ، يُراعي القوانين بِدقة ، خوفاً من سطوة اللجان الرقابية في مجلس المُحافظة ، ووقوفها بالمِرصاد ، لأية زّلة ! . يكادُ المرء ، يشفق على أعضاء مجلس المحافظة ، لإضطرارهم .. الى بيع سياراتهم "القديمة" ، فقبلَ شهرَين ، كّرمتْهم الحكومة والبرلمان ، بسيارات جديدة ، رُبما تثميناً لجهودهم الإستثنائية ، طيلة هذه السنوات الثمانية الماضية ! .

حقاً ، أنهم [ تعبوا ] كثيراً ، جراء الأشياء العظيمة التي قاموا بها ، في السنوات المنصرمة : النوم / الأكل / إستلام الرواتب المحترمة / مشاهدة التلفزيون / ممارسة ألعاب الكومبيوتر وحَل الكلمات المتقاطعة / أخذ الإمتيازات والعطايا من الحكومة والبرلمان.

باللهِ عليكم ... ألا يستحقون بعد كُل هذا .. إجازة طويلة ، أو تقاعُداً مُريحاً ؟! .
 

28/4/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter