| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 30/12/ 2012 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الفرقُ بينَ المالكي وسعيد قّزاز
امين يونس
كما أرادتْ السماء من خلال هطول أمطارٍ غزيرة ، أن تفضح الحكومة وأمانة العاصمة بغداد ، وحكومات وبلديات المُدن الاخرى .. فأن إلقاء القبض على بعض حمايات " رافع العيساوي " بالطريقة الفّجة التي جرتْ بها .. قد كشفَ ما تبقى من اللثام ، عن الوجه القبيح للطائفية ، من جانب ، والإستغلال البشع للدين والشعارات الفضفاضة ، من أجل سَوق الجماهير ، لتحقيق الغايات المصلحية للطبقة السياسية العفنة .
قَد تكون أمانة العاصمة ، مُحِقة في إدعاءها ، بأن كمية المطر التي هطلتْ في 24 ساعة في بغداد ، بلغتْ 67 ملم ، وهي توازي ما يهطل عادةً في سنةٍ كاملة ، وان شبكة الصرف ، ليستْ مُصممة ، للتعاطي مع هذه الكميات الضخمة . وقد يكون المُحافِظ او رئيس الحكومة مُحقان في توجيه اللوم الى أمانة العاصمة ، بأمينها القديم والجديد .. ولكن .. و [ لكن ] كبيرة جداً ، بحجم المأساة : ألا توجد حقاً ( خلية أزمة ) للتعامل الفوري ، في حالة حدوث كارثة طبيعية او حالة طوارئ فجائية ؟ مثل جميع البلدان في العالم ؟ ..
حدثَ الأمر .. وغرقتْ الشوارع وتعطلت السيارات .. ودخلتْ المياه الى البيوت .. وعُزِلتْ محلات بأكملها ، وإنقطعتْ الكهرباء . أليستْ هذه حالة طوارئ حقيقية ؟ أكثر من مليونَين من سكان بغداد ، تأثروا بشدة من فيضان المياه ، والكثير منهم فقدوا ممتلكاتهم . فأين الدفاع المدني وإطفاء الحرائق والشرطة والامن والجيش ؟ كُلنا شاهدنا في نشرات الأخبار ، كيف ان الجنود والضباط ، في اليابان والصين ، كانوا يتمددون على بطونهم ، جنباً الى جنب وسط الأوحال ، لكي يمر عليهم الاطفال والنساء والشيوخ ، الذين حاصرتْهم مياه الفيضان ! . ذاك هو الجيش الذي يحظى بالتقدير والإحترام .. تلك هي قوات الأمن التي ينحني لها المواطن .
أكثر من ستين ألف من حمايات الرؤساء والزعماء والمسؤولين الحكوميين والحزبيين ورجال الدين ، متواجدون في بغداد فقط ، وكلهم يمتلكون سيارات الدفع الرباعي .. [[ لو ]] ان كل واحد من هؤلاء ، ساهمَ في إفراغ سطلٍ من الماء ، او مُساعدة الاهالي بأي طريقة .. لقَلتْ الأضرار .. عشرات الآلاف من الشرطة والجيش ، منتشرون في بغداد ومحيطها ، بسياراتهم وآلياتهم ، فماذا قدموا لأهل العاصمة في هذه الكارثة التي وقعتْ ؟ أين كان رئيس الحكومة والوزراء والنواب وامانة العاصمة ؟ .. هل تعلمون ان [ سعيد قزاز ] وزير الداخلية العراقي أبان الحكم الملكي ، كيف تَصّرفَ في 1954 أثناء فيضان نهر دجلة ؟ ان هذا الوزير " الرجعي العميل " ، ايها السادة ، كان يقود ميدانيا ، فُرق الإنقاذ وتقوية السدود الترابية ، ومساعدة المواطنين في كل صغيرة وكبيرة .. هل تعلمون انه لن ينم لأيام متواصلة ، غير بضع سويعات ، حرصاً على أرواح وممتلكات أهل بغداد ؟ ورئيس وزراءنا الذي هو نفسه وزير الدفاع والداخلية والقائد العام للقوات المسلحة ، منشغلٌ بعقد مؤتمرات عشائرية ، لشراء الولاءات والتأييد ، وإلقاء الخُطب الدعائية .. ووزير المالية يقود مُظاهرات مناوئة للحكومة في الفلوجة ، بشعارت طائفية واضحة .. وليذهب المواطن العراقي الى الجحيم ! .
الفرق بين " سعيد قزاز " وبين " نوري المالكي " .. ان القزاز كانَ يُحارب اليساريين والتقدميين بقوة ، لكنه كانَ بالمُقابل وزيراً في منتهى الكفاءة والإخلاص والنزاهة في عمله .. في حين ان المالكي ، لا يُحارب اليساريين والتقدميين فقط ، بل يحارب جميع مَنْ لا يتفق معه في الرأي ، إضافةً الى انه وطاقمه ، منغمسون في الفساد وفاشلون في تقديم الخدمات ! .
قد تمطر السماء ، وبغزارةٍ أكبر من هذه المرة .. او قد تحدث كوارث طبيعية اُخرى .. وقد نعجز بِبُنانا التحتية المتخلفة الحالية ، عن مقاومة تأثيراتها السلبية .. ولكن ، كيف يجوز ان نتقاعس عن تحمُل مسؤولياتنا ، وبذل الجهود في التخفيف عن ضحايا هذه الحوادث ؟ بئس هذا النظام ، الذي ينشغل تماماً ، بالترهات والتنافسات على السلطة والمال والنفوذ .. ويتجاهل مصائر المواطنين وأرواحهم وممتلكاتهم .
29/12/2012