|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء 30/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في العراق .. المياه لا تعودُ الى مجاريها

امين يونس

في كثيرٍ من المدن العراقية ، ولا سيما في المحلات الفقيرة والقديمة .. " المياه لاتعود الى مَجاريها " .. والقول هذا ليسَ بداعي إيرادِ مَثَل .. بل أعني به المعنى الحَرفي .. إذ ان تساقط الامطار الغزيرة ، ولساعات متواصلة .. أدى الى غرق هذه المناطق ، وإرتفاع المناسيب فيها ، لمستوياتٍ خطرة ، كانتْ حصيلتها ، تهدُم العديد من الدور ، وفقدان المئات من العوائل الفقيرة ، لممتلكاتها وأغراضها ومؤنها . الأمر في هذه المَرّة ، لم يقتصر على منطقةٍ واحدة فقط .. فلقد إمتدَ من بلدات وقُرى أقليم كردستان ، الى بغداد العاصمة ، مروراً بالموصل والفلوجة وديالى ، وصولا الى مدن الجنوب .. ولقد أثبتَ المطر ، انه ليسَ طائفياً ولا عُنصرياً .. فَوّزعَ " بركاته " على الجميع .. فلا فَرقَ بين عربي وكُردي ، إلا بِحجم الأنابيب المُستخدمة في شبكة المجاري .. ولا فرقَ بين سني وشيعي ، إلا بِدرجة التخطيط السليم ، للمحلات السكنية ! .

لا إعتراضَ على أفعال الطبيعة .. ولا فائدة من الإعتراض أصلاً .. إذ ان السماء او البحار ، إذا غضبتْ كثيراً ، فأنها تمتلك قُدرات تدميرية هائلة ، لا قبل للإنسان البسيط بمواجهتها مُنفرداً .. ولكن الإعتراض كله .. على طريقة إدارة الحُكم في بلدنا ، ولا سيما في العشرة سنوات الماضية .. حيث " الديمقراطية " حد الإنفلات .. والميزانيات المالية حد الإنفجار .. والحديث والكلام عن البناء وإعادة البناء حَد الثرثرة .. ولا مِنْ نهضةٍ جدية ولا مِنْ بناءٍ حقيقي ..

ولنفترض ان الطاقة الإستيعابية القصوى ، لشبكة صرف مياه الامطار ، في المكان الفلاني ، حسب التصميم .. متر مكعب في الثانية .. ولنفترض ، ان الكمية المتساقطة خلال عشرة دقائق ، تجاوزتْ القدرة الإستيعابية .. فأن المياه الفائضة ، سوف تغرق الشوارع والبيوت السكنية المنخفضة أولاً .. ولكن بعد إنخفاض مُعدل الأنهمار ، ثم توقف المطر .. فمن المفروض ان تعود المياه بطريقةٍ إعتيادية الى مجاريها .. اي الى شبكة الصرف .. وقد يستغرق الامر ساعات او حتى يوما او يومَين .. ومن الطبيعي ان تكون هنالك خسائر مادية كبيرة ، او حتى بشرية " وكمثال على ذلك ، غرق إمرأة وإبنها ليلة أمس في إحدى القرى القريبة من دهوك " . ولكن ان تبقى الشوارع ومئات المنازل والمحلات ، في وسط بغداد والموصل والكثير من المدن الاخرى .. حتى بعد إنقطاع الامطار .. ان تبقى هكذا .. لأيامٍ طويلة .. فتلك مأساة وكارثة حقيقية .. ودليل على بُؤس الإدارة وهزالة الحكومة ! . لأن ما يحدث عندنا هي مُجرد أمطار وليست مصحوبة برياح عاتية ولا عواصف .. بل هي في الواقع أمطار مُعتدلة تستغرق ساعات وليست أيام متواصلة . ان ما يحدث عندنا .. لا يُقارَن مُطلقاً ، مع مايحدث من كوارث طبيعية بالغة القوة والتدمير ، كأعاصير وزلازل وفيضانات وبراكين ، الولايات المتحدة الامريكية واليابان والفليبين واندونيسيا والصين وغيرها العديد من البلدان ..

إذا كانتْ السماء ، تعبس في وجوهنا نحن العراقيين ، بين فترة وأخرى .. عن طريق هطول أمطارٍ غزيرة لساعات .. فأنها تصرخ في وجوه البلدان الأخرى ، وترغي وتزبد لأيامٍ متواصلة ! . ومع هذا تعجز حكومتنا بملياراتها الكثيرة ، عن بناء دورٍ لائقة للمواطنين ، وعن إنشاء شبكات مجاري وشبكات صرف صحي ، مُناسبة .. لتعود المياه الفائضة إليها .

 

29/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter