|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 29/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الإسلام السياسي ، مُشكلة بحاجة الى حَل

امين يونس

هل قَدَرُنا نحن الشعوب ، ان ندورَ في فلك نفس الدائرة الجهنمية ؟ فأما الرضوخ للأمر الواقع والرضا بالحال المُزري والفساد والديكتاتورية .. أو المُغامرة بالإنتفاض والثورة ، وتَحّمُل النتائج الكارثية . فلقد دأبتْ القوى العالمية المُسّيِرة للإتجاهات ، تتفّنن في تمييع الحركات الثورية ، وتفريغها من مُحتواها التغييري الحقيقي . فالأمثلة القريبة ، كتونس ومصر وليبيا واليمن ، قالتْ الكثير ، وسوريا تفضح اليوم ، المُتبقي من المهزلة .. فكون " الإسلام السياسي " المُنظَم جيداً منذ فترة طويلة ، هو [ البديل ] الوحيد ، والمقبول دولياً .. له دلالات مُحّددة ، ولن تنفع إدعاءات الإسلام السياسي بأنه مُعادٍ للغرب والولايات المتحدة الامريكية ، فلقد أثبتتْ السنوات الأخيرة ، بأن خير حليف للغرب عموماً ، هو الإسلام السياسي بمُختلف مُسمياته . ومن المُسلمات المعروفة ، ان السعودية وبلدان الخليج النفطية الاخرى ، هي مَنبع تمويل كافة أحزاب الإسلام السياسي والحركات الجهادية المُسلحة أيضاً . ومن البديهي ، ان الغرب ، على درايةٍ تامة بهذا التمويل منذ اليوم الاول ، إذا لم يكُن بتشجيعٍ منه ! . ومن نافلة القول كذلك ، ان جميع الدول النفطية الخليجية ، لها علاقات وثيقة مع الغرب ، وان القواعد الامريكية منتشرة فيها بكثافة . فلا داعي لخداع النفس ، بالقول مثلاً .. ان " قَطَر " كانَ لها دَور كبير في " الثورة الليبية " ماديا ومعنويا ، او ان السعودية وقطر ، هُما اللتان قّدمتا وتُقدمان الان ، المُساعدات والدعم للثورة المصرية ، ففي الحقيقة ، انها تدعم بالمال وغيره ، الإخوان المسلمين والحركات السلفية ، ولا تُساعدان " مصر " الدولة ! ، بل بالعكس تماماً .. فأن دول الخليج النفطية ، وخاصة قطر والسعودية ، وبالتنسيق الكامل مع الغرب ، تقومان فعلياً بِمحاربة الثوار الحقيقيين ووأد كُل محاولة لتغيير جذري في هذه الدول . كما لها دورها الخبيث والمشبوه في تونس ، وبالذات في سوريا ، من خلال التكامل مع الدور التركي ، في إبراز ودعم الحركات العنفية الإسلامية مثل عصابات النصرة وغيرها .

وكما في العراق ، فأن أحزاب الاسلام السياسي ، لاتختلف في العمق ، عن نظيراتها في الدول الاخرى ، وخير دليلٍ على ذلك ، هو المواقف المتقلبة والإنتهازية للحزب الاسلامي العراقي " الذي يعتبر نفسه خليفة الاخوان المسلمين في العراق وممثل السُنة " منذ 2003 ، فلقد إصطف منذ البداية مع فلول النظام السابق ، ولعب على الإختلافات على الساحة العراقية ، حاصداً الكثير من المناصب المهمة .. وبعد تراجُع شعبيته في الانتخابات الأخيرة وفقدانه العديد من مراكز النفوذ .. نراه اليوم يلعب على الوتر الطائفي مرة اُخرى ، ويُذّكي نار الفُرقة ممتطياً ظهر الحراك الشعبي في الأنبار ونينوى وصلاح الدين .

وإذا كان الحزب الاسلامي العراقي ، مدعوماً شئنا أم أبَينا ، من الخليج وتركيا " وبالتالي من الغرب " ، ماديا ومعنوياً  .. فأن الإسلام السياسي الشيعي ، المُسيطر على الحكومة عملياً منذ عشرة سنوات .. ليسَ بأفضل من الإسلام السياسي السُني .. إن لم يكُن أسوأ منه ! . فهو بِمُختلَف فصائله وأجزاءه " وحتى المتناحرة أحيانا " .. مدعومٌ بالكامل من إيران .. ومن الطبيعي ، ان إيران لها حسابات وأجندات ، مُختلفة تماماً عن طموحات الشعب العراقي ، ومتقاطعة عملياً مع المصلحة الوطنية العراقية .. بل ان سياسات الاسلام السياسي الشيعي ، هي جزء لا يتجزأ من المشروع الإيراني ، الذي في مقدمة أولوياته مصلحة إيران فقط .

..................................

يبعث الغرب المُهيمن على صناعة وإقتصاديات العالم ، رسالة دنيئة الى الشعوب المُتطلعة الى الحرية والإنعتاق : الرأسمالية المتوحشة من خلفكم .. والإسلام السياسي من أمامكم .. ولكم الحُرية ، في إختيار الطريقة التي تُذبَحونَ بها !.

في بعض النواحي ، نجحَ الإسلام السياسي [ غير العربي ] ، في تحقيق العديد من الإنجازات ، كما في تركيا . كذلك أفلحَتْ بعض البلدان الاسلامية [ غير العربية ] في النهوض ، مثل ماليزيا .. في مقابل تجارب مريرة وكارثية ، كما في أفغانستان والصومال وايران والسودان والسعودية .. الخ .

الظروف الموضوعية كما يبدو ، غير مُناسبة اليوم ، إجتماعياً وثقافياً ، لإستلهام التجربة الماليزية او حتى التركية .. والإسلام السياسي [ العربي ] بجناحَيهِ .. ليسَ فقط أثبتَ عدم صواب شعاره : الإسلام هو الحل ، بل انه أي الاسلام السياسي ، أصبح هو نفسه المُشكلة التي بحاجة الى حَل ! .

 

28/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter