|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 27/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مآزق كردستانية

امين يونس

ليسَ الفقراء والمُعدَمين وأولاد " الخايبة " وحدهم ، مَنْ يواجِهون المآزق .. فأحياناً حتى المتنفذين والحُكام ، تصادفهم المصاعب والمشاكِل والتحديات . من الطبيعي ، ان نوعية وحجم المآزق ، مُختَلِف في الحالتَين بدرجةٍ كبيرة .. ففي الأولى .. قد يحتار الكادح ، في كيفية الحصول على مالٍ يكفي لعلاج ولده المريض .. أو يعجز آخر عن توفير المستلزمات الأساسية لمنزله المتواضع .. او لاتستطيع أرملة ، إيجاد سكنٍ لها ولأطفالها ولا فُرصة عَمَل ... الخ .. من هذه [ الحقوق ] الضائعة .
أما أصحاب السُلطة والنفوذ .. فأن همومهم ومآزقهم ، بعيدة كُل البُعد ، عن هذه الأشياء " التافهة " ! . فالأحزاب الحاكمة ، مثلاً .. بعدَ ان تعودتْ لسنواتٍ متلاحقة ، على السيطرة شُبه المُطلَقة ، على كُل مُجرَيات الأمور ، والحصول على الغالبية العُظمى من الاصوات في الإنتخابات ، والتحكُم بأرزاق ومصائر المواطنين .. لم يَرِد في خاطِرها ، بأن الظروف رُبما تتغّيَر ، والأحوال قَد تتبدل ، وإتجاهات الناس تميل الى طرفٍ آخر .. لم تُفّكِر بأن " منطق التأريخ " أثبتَ بأن دوام الحال من المُحال ! . فلنُلقِ نظرة على " المآزِق " التي تَمُر بها أحزاب السلطة في أقليم كردستان :
- الحزب الديمقراطي الكردستاني : رغم تمتعهِ لعقدَين من الزَمن ، بِممارسة السُلطة في جُزءٍ كبير من الأقليم .. وعشرة سنوات في مناطق كبيرة مثل سهل نينوى وسنجار ومناطق متفرقة أخرى .. ورغم ان رئيس الأقليم ومنذ سنواتٍ عديدة هو السيد " مسعود البارزاني " .. وان رئيس الوزراء في أغلب السنوات هو السيد " نيجيرفان البارزاني " .. ورغم الهيمنة على الملفات المالية والتجارية والنفطية ... الخ . رغم كُل ذلك .. فأنه مما لاشَكَ فيه .. أن شعبية الحزب الديمقراطي في تنازُل مُستَمِر .. وقيادة الحزب تدرك هذا الأمر بصورةٍ جَلِية .. وذلك هو ( المأزق ) الرئيسي الذي يواجهه الحزب حالياً ! . ورُبما تكون نتائج إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة التي جرتْ في الشهر الماضي ، مٌؤشِراً واضحاً : إذ ان الحزب لم يحصل على أي مقعد ، في بغداد ولا في صلاح الدين .. وحتى المقعد اليتيم الذي ناله في ديالى " تحوم الكثير من الشكوك حوله ، حيث ان مُرشَحة الحزب الشيوعي المتآلف في نفس القائمة ، رُبما تكون حصلتْ على أصوات أكثر ، وأعتقد بأنه هنالك شكوى مُقدَمة الى المفوضية بهذا الخصوص ! " . الموقف من مشروع دستور الأقليم ، هو مُؤشرٌ آخر ، على إنفضاض حلفاء الحزب الديمقراطي من حوله .. حيث ان هنالك شُبه إجماع من الاطراف السياسية على الساحة الكردستانية ، بضرورة إعادة المشروع الى البرلمان لإجراء تعديلات عليه .
أرى ان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، يُرضي ويُقنِع ، 30-40% من قاعدته الجماهيرية .. وأن النسبة الباقية ، غير راضية عموماً ، بسبب اللاعدالة المُفرِطة في توزيع الثروات والإمتيازات . ومن الطبيعي ان الأقلية المنتفعة ، هي التي تتحمس لتأييد كُل سياسات الحزب .
- الإتحاد الوطني الكردستاني : مرةً أخرى .. رغم هيمنته على السلطة ومفاتيح التجارة والمال ، في مناطق نفوذه منذ عشرين سنة ، ومناطق اخرى كبيرة ، مثل كركوك وخانقين وغيرها ، منذ عشرة سنوات ، ورغم تسّنُم السيد " جلال الطالباني " لمنصب رئيس الجمهورية ، وقيادات أخرى تناوبتْ على رئاسة حكومة الأقليم والبرلمان ، رغم كل ذلك ، فأن شعبية الإتحاد في تناقُصٍ مُضطرد ، ويُعاني من أزمة قيادة وزعامة .. وذلك هو " المأزق " الأساسي الذي يواجهه . وأن إدعاءات قيادات الإتحاد ، بأن [ إنشقاق ] نوشيروان عنه ، لا يُشّكِل ضربة كبيرة .. ليسَتْ دقيقة .. إذ أن تشكيل حركة ( كوران ) قد كسرَ ظهر الإتحاد إذا جازَ التعبير ! . وكذلك غياب السيد الطالباني ، قد أضافَ عقبات جّمة أمام ديمومة قوة الإتحاد الوطني والمُحافظة على وحدتهِ . إضافةً الى اللاعدالة في توزيع الثروات والإمتيازات " ولو بدرجةٍ أقل مما هو حاصل في الحزب الديمقراطي " .. إلا ان ذلك لا ينفي ، ان جزءاً هاماً من قاعدة الإتحاد ، غير راضٍ عن أداء قياداته . وبالتالي ، فأن المنتفعين تحديداً ، هنا أيضاً ، هُم المُدافعين عن سياسات الإتحاد في أي أتجاهٍ كانتْ !. صحيح ان الإتحاد حصل على خمسة مقاعد من مجموع ستة مقاعد حصل عليها التحالف الكردستاني ، في إنتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ، إلا انها أقل كثيراً من التي حصل عليها في 2009 ، وهو مؤشرٌ على التراجُع عموماً .
.....................................
من وجهة نظري .. انه [[ لَوْ ]] جرتْ إنتخابات [[ نزيهة ]] وحُرّة ، بدرجةٍ مقبولة ، في أيلول القادم .. فأن كِلا الحزبَين سيفقدان الكثير من المقاعد ، في الإنتخابات الثلاثة المُنتَظرة ، كنتيجةٍ لل ( المآزِق ) التي يَمُرانِ بها . واللهُ أعلَم !.

 

25/5/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter