|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 24/8/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مُقاربات كردستانية

امين يونس

أعتقد ان المعضلة الذاتية او الداخلية ، التي تُواجه الطموحات الكردية في المنطقة .. تتمثل في حقيقة واحدة .. ألا وهي [ حزب العمال الكردستاني ] .. فإذا كان مفهوماً ، ان حكومات تركيا وايران وسوريا والعراق .. تُقاوم بِشدة أي توجُهٍ إنفصالي كردي في دولها .. فأن البيت الكردي نفسه .. فيه مشكلة عويصة .. رُبما لاتظهرُ على السطح في الوقت الحالي بصورةٍ واضحة .. لكن مؤشراتها بدأت بالإعلان عن نفسها رُويداً ... وهي كما أراها أدناه :

- ان هنالك تنافساً شديداً على ( الزعامة ) الكردية .. بين حزب العمال الكردستاني بقائدهِ القوي " عبدالله اوجلان " من جهة .. والقيادات الكردية العراقية ، ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني برئيسه القوي " مسعود بارزاني " من جهةٍ اُخرى . مع ملاحظة ان جبهة اوجلان ، ليس فيها صراعٌ داخلي يُذكَر، إذ ان اوجلان هو الشخصية الأبرز بدون مُنازِع رغم وجوده في السجن منذ اكثر من عشر سنوات.. في حين ان جبهة البارزاني ، تشكو من وجود مُنافسين جديين له ، من أمثال جلال الطالباني ونوشيروان مصطفى .

- نستطيع القَول .. ان الحزبَين الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني .. ومع صرفهما لأموال ضخمة خلال العقدَين الماضيين ، ورغم التشجيع " الضمني " لهما ، من قِبَل الحكومات التركية المتعاقبة .. في سبيل الحصول على مؤيدين مؤثرين في الشارع الكردي في تركيا .. فانهما فشلا في تكوين أحزاب او حركات ، تستطيع الوقوف بوجه الشعبية العارمة لحزب العمال الكردستاني . وحتى الشخصيات والجمعيات التي تحظى بدعم الحزبَين .. لاتستطيع مجابهة نفوذ حزب العمال في كردستان تركيا ، بصورةٍ جدية .

في حين ، ان حزب العمال الكردستاني .. وعلى الرغم من فقدانه لشعبيته الواسعة في اقليم كردستان العراق ، بعد الحرب التي خاضها ضد الحزبَين الحاكمَين في التسعينيات ، وتسببهِ في أضرار كبيرة طويلة المدى للأقليم .. فأنه لازال يمتلك قواعد في مناطق جبلية وعرة داخل الأقليم .. ليسَ بإمكان قوات الحزبَين الحاكمَين " حتى لو أرادا ذلك " ، ان تقضي على هذه القواعد .. بل كما يبدو ، فأن الجيش التركي نفسه وطائراته المقاتلة ، تعجز عن ذلك .. بالعمليات المحدودة قصيرة الامد .. التي قام بها لحد الان .

- حزب العمال الكردستاني ، رغم حداثة ظهوره " نسبياً " ، فأنه دعا منذ البداية ، الى " كردستان الكبرى " بدون مُواربة .. وصرحَ في أدبياته .. بأن ( الحدود ) الحالية بين أجزاء كردستان ، مُصطنعة .. وأعطى لنفسهِ الحق بالتحرك عبر الحدود ! . لكنه بعد ذلك .. تخلى تدريجياً ونتيجة تبدُل الظروف والضغوطات المُستمرة ، عن هذه الاهداف الكبيرة .. ورّكزَ على تحقيق حكمٍ ذاتي واسع في كردستان تركيا .. ( لكنه نشطَ أيضاً في خلق قواعد حزبية مهمة له ، في كُل من كردستان سوريا وإيران .. ونجحَ في ذلك الى حدٍ بعيد ولو تحت يافطات أحزاب رديفة ! ) .

في حين ، ان الحزب الديمقراطي الكردستاني .. بدأ حسب إعتقادي ، في الآونة الاخيرة فقط .. الإنخراط الفعلي في " الشأن الكردي " خارج نطاق أقليم كردستان العراق .. ولا سيما سوريا .

- هنالك حقيقة ، ينبغي ان لاتغيب عن الأذهان .. حين التحدث عن الشؤون الكردية .. وهي ان الاحزاب المُتنفذة أينما وُجِدتْ ... فأنها [[ لا تسمح ]] قدر الإمكان بتواجد أحزاب اُخرى مُنافسة في مناطق نفوذها . والأمثلة كثيرة : فالحزب الديمقراطي الكردستاني ، حارب " حزب الشعب " بقيادة " سامي سنجاري " بمختلف الوسائل ، في الثمانينيات ، لأنه شكل تهديداً لشعبيته .. والإتحاد الوطني فعل ذلك ، مع " الحزب الاشتراكي " .. ومعظم الإحترابات الداخلية الكردية ، كانتْ بسبب التصارع على النفوذ والسيطرة . ولحد اليوم ، فأن الحزب الديمقراطي .. يُقاوم بكل شراسة ، أي تواجد سياسي " جدي " في منطقة بهدينان .. وتعامله مع " الاتحاد الاسلامي الكردستاني " خير دليل على ذلك . أما بزوغ " حركة كوران " في السليمانية ، فهي في الحقيقة .. إنشقاق في الاتحاد الوطني ، وليس حزبا جديداً . حيث ان كلاهما .. أي الاتحاد وكوران .. لايقبلان بتواجد أحزاب اُخرى " مؤثرة " في السليمانية ، قد تنافسهما في السنوات القادمة ! .

حزب العمال الكردستاني ، لايختلف في هذا الأمر ، عن الاحزاب الأخرى .. فهو لايسمح مُطلقاً ، بوجود أحزاب كردية قوية في كردستان تركيا ، بعيدة عن توجهاته ورؤاه .

من الممكن ، ان أي حزبٍ سياسي في العالم ، يحاول الإنفراد بالنفوذ في منطقةٍ مُعينة ، ويُقاوم الأحزاب الاخرى المُنافسة .. لكن " درجة " الممانعة تختلف ! .. حيث ان أحزابنا هنا ، ما زالتْ مُتطرفة ، في ميلها نحو الإحتكار . وما زُلنا نحبو في طريق " الديمقراطية " الصعب والوعر .

- هنالك بوادر ، على ان القامشلي والحسكة وعامودا ... الخ ، ستكون ساحة مهمة ، لحسم صراع النفوذ والقوة ، بين حزب العمال الكردستاني ، والاحزاب الاخرى ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني .. وما يُرافق ذلك من تحالفات تكتيكية وإستراتيجية ، بين هذا الطرف وذاك ، وبين هذا الدولة الاقليمية وتلك !.

....................................

  الوضع في اقليم كردستان ، مُعقد وغريب .. فهنالك قوات تركية منتشرة في العمادية وبامرني وكاني ماسي وغيرها .. منذ أكثر من خمسة عشر سنة " حين قدمتْ لتقديم العون للحزبَين الحاكمين في حربهما ضد حزب العمال الكردستاني ، وكذلك للتوسط بين الحزبَين المتصارعَين فيما بينهما ! " .. والآن بعد أن إنتفتْ الحاجة .. لوجود هذه القوات .. فأنها باقية شوكة في خاصرة الأقليم ! .. ( علماً ان برلمان وحكومة الاقليم ورئاسة الاقليم ، لم تطلب رسمياً من تركيا ، سحب هذه القوات ، لحد الان ! ) .

عناصر حزب العمال الكردستاني ، منتشرة في جبال قنديل ومناطق اُخرى من اقليم كردستان .. والاحزاب الحاكمة في الاقليم " تُدير " العلاقة بينها وبين حزب العمال من جهة ، وبينها وبين الحكومة التركية ، من جهة اُخرى ! . ففي حين تغمض أحزاب الاقليم عينها " أو حتى تُساهم وتُنسِق " لوصول المساعدات اللوجستية الى عناصر حزب العمال في مناطقها الوعرة .. فأنها أي أحزاب الاقليم ، لها علاقات ممتازة مع تركيا ولاسيما في الجوانب الاقتصادية .. " ومن الطبيعي ومن المتوقع ، ان المخابرات التركية من خلال القوات الموجودة منذ التسعينيات ، ومن خلال مئات الشركات التركية ايضاً ، تراقب الوضع عن كثب ولا تغيب عنها أي شاردة او واردة ، في ملف حزب العمال الكردستاني ! " .

أرى ان " جلال الطالباني " وحتى " نوشيروان " .. رضيا ، بلعب دورٍ بارز " عراقياً " ويركزان على توسيع نفوذهما في بغداد .. وتركا ، لِحدٍ ما .. الساحة الكردية ، بفرعها السوري ، ل " مسعود البارزاني " .. لكي يحسم صراعه مع حزب العمال الكردستاني . ويأمل الطالباني ونوشيروان ايضاً .. في ان يسفر ، صراع أوجلان / مسعود على الساحة السورية .. الى إضعاف كليهما ! .

 

22/8/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter