|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 23/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عسى أن أكونَ مُخطِئاً

امين يونس

أحياناً .. تجدُ شخصاً يُحاوِلُ جاهداً ، أن يّدعي العَظَمة ويصطنع الأهمية ويقوم بِحركاتٍ أو تصرفاتٍ ، يعتقدُ هو ، بأنها دلالة على التَميُز والتفرُد .. في حين أنها تفضحُ زيفه ودونيته ! . قَد تلقى مثل هذا الشخص ، في مُلتقى ثقافي ، أو ندوةٍ فكرية .. وتكون الجهة الداعية ، قد دَعَتْهُ سهواً ، أو رُبما لأسبابٍ سياسية أو مصالح مادية ! .. من المُؤكَد أن العديد منكم ، قد صادفَ أمثال صاحبنا في يومٍ من الأيام .. حيث يسهبُ في الحديث " الثقافي " وينتقي المصطلحات التي حفظها في اليوم السابق فقط ، وبعض أسماء الأدباء والفنانين العالميين .. فإذا سألتَهُ عن رأيه في كتابٍ او نتاجٍ شهير لأحد هؤلاء الكبار .. يستدير فوراً رافعاَ يده بإتجاه مجموعة أخرى ويُغادِر .. ! . أنه كالطَبل الفارغ .. خاوٍ وصوته مُزعج ! .
رُبما ، تلتقي به ، في مناسبة عُرس .. وتجدهُ يُنافِس العريس في هندامه وزينته ، التي من المُرّجح يكون قد إستدانها أو إستأجرها أو إستعارها في أحسن الأحوال .. مثل السيارة الفخمة التي أتى بها ! . وتراهُ يشترك في الحديث مع هذا عن العقارات وأسعار الأراضي .. ومع ذاك عن الذهب والدولار .. ويُقدم النصح حول أحسن الاماكن السياحية في تركيا وتايلاند .. طبعاً صاحبنا ، يستنكف التحدُث مع البُسطاء والناس العاديين .. بل انه يتنقل بين مجموعة من الوجهاء ، ومجموعة اُخرى من الأثرياء والمقاولين او المسؤولين والمتنفذين .. وكُل هؤلاء ، يعرفونه حق المعرفة ويعرفون معدنه الرخيص ، لكنهم يُرحبون بهِ .. لانهم يحبون الذي يُداهنهم ويمدحهم وينافقهم .. وهو يُجيد كُل ذلك ! .
قد تراهُ .. في السوق او المحلات العامة .. تكادُ الأرض أن لا تشيلهُ ! .. يتبختر كالطاووس رافعاً أنفه بقدر ما يستطيع .. مُحركاً مسبحته في الهواء ، بِزَيهِ التقليدي وحذاءه اللامع الذي يصبغه كُل ساعتَين .. يُسّلِم على بعض أصحاب الدكاكين بإشارةٍ بسيطة من يدهِ .. بكُل أُبَهة .. فيقف صاحب الدكان إحتراماً ويدعوه لشرب الشاي .. فيرفض بأنَفة ! . بعض أقرباءه المقربين ، متنفذين ومسؤولين كبار في الحكومة او الحزب .. هو عنوان التفاهةِ واللؤم .. عليهِ ديون كبيرة ، جراء ممارسته للقمار .. لكنهُ مُتكبر ومتعجرف .. فيكفيهِ أنه من شيوخِ عشيرةٍ كبيرة ! .
وقد تشاهده في أي مكانٍ .. قد يكون مُجّرَد طفل صغير أو فتىً يافع .. لكنّ والديهِ قد عّلماهُ على البذاءةِ وقِلة الأدب .. والمدرسة عجزتْ عن تهذيبهِ وتربيتهِ .. فتراهُ نموذجاً للإستهتار وتحّدي الأعراف والقِيَم .. وإذا تجاوَزَ على أحدٍ ما ، وكثيراً ما يحدث ذلك .. وإذا لجأ هذا الأحد ما الى الوسائل القانونية والقضائية .. فأن من المُرجَح .. أن أولَ مَنْ يُدافع ، عن هذا الفتى الطائش ويُبرِر تصرفاته الشنيعة .. هو والده ! .. وعلى الأغلب ، فان الوالد ، أما ان يكون مسؤولاً .. أو ثرياً مُقّرِباً من المافيات المتنفذة .. ويخرج أبنه المُدّلَل بريئاً .. ليُمارس عنجهيته الفارغة على الشارع وبطريقةٍ أسوأ من السابق . كُل الخطورةِ أستشعرُها ، حين يكبر هؤلاء الأطفال والفتية ، العديمي التربية ، المُحتقرين للقانون والأعراف .. ويحتلون المناصب ، بِحكم نفوذ آباءهم وثرواتهم وخلفياتهم العشائرية والحزبية .. فكيف سيكون حال المجتمع آنذاك ؟! .
.................................
راقب المُجتمع عن كثب .. لترى بسهولة ، كَم المُتكبرين والمُتعجرفين المنتشرين في كُل مكان .. هؤلاء الفارغين .. الغير مُنتجين ، الإتكاليين التافهين ..
أما أني لا أرى جيداً .. أو ان عدد " المتواضعين " قليلٌ في مجتمعنا .. فالغالبية : مُهِمين ، فخورينَ بأنفسِهم ، عارفين بكل شئ ، هُم الأصَح في جميع الأحوال ، أنانيين . عسى أن أكون مُخطِئاً أو مُبالِغاً ! .

 

22/5/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter