|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 23/4/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سفرة ربيعية ، للشيوعيين وأصدقاءهم

امين يونس

دُعيتُ يوم السبت 20/4/2013 ، للمُشاركة في سفرةٍ للشيوعيين و أصدقاءهم ، في الهواء الطلق ، في يومٍ ربيعي جميل . كنتُ أنا وبضعة أنفار آخرين ، من ضمن [ أصدقاءهم ] ! .. حيث لم تبقَ لي علاقة تنظيمية مع الحزب الشيوعي ، منذ 1979 . كُنّا حوالي الثلاثين شخصاً ، في هذه السفرة ، التي إستقرتْ بنا ، في مكانٍ في " كَلي كورتكى " القريب من دهوك .. يطلُ على جدول ماءٍ والخضرة الربيعية الرائعة تُحيط بنا من الجهات الأربع ، تحت سماءٍ ، تتقاسمها ، أشعة الشمس وبُقع الغيوم ، في هندسةٍ عبقرية فّذة .
- كانَ بيننا ، مَنْ شارفَ على الثمانين من عمرهِ .. وكانَ أيضاً شبابٌ في بداية العشرينيات .. ومعظمنا بين هذا وذاك . خليطٌ فيهِ الكثير من المحطات التي تستدعي التأمُل . فهذا عضو مكتبٍ سياسي وذاك عضو في اللجنة المركزية .. وآخر عضو سابق في البرلمان ، والذي الى جانبه الأيمن أبرز مسؤولي الحزب في سهل نينوى .. وعلى جانبه الأيسر ، عضو بسيط في الحزب ، وهكذا . إضافةً إلينا نحنُ الأصدقاء . المُلفِت ، ان سردار ، عضو المكتب السياسي ، كانَ من أكثر القائمينَ ب " الخدمة " : من جلب الحطب من السفح المجاور ، الى توزيع الماء والصحون على الحاضرين .. الخ . ورفيقه عضو البرلمان السابق ، صديقي دلمان ، لم يكُن أقل منه ، إنهماكاً في خدمتنا جميعاً ! . قلتُ لأستاذ الجامعة الجالس جنبي ، مُمازِحاً : أنْ قِيام قياديين بِخدمتي ، يُرضيني ويشفي بعض تَحامُلي المُزمِن ، على كُل مَنْ هو " مسؤول أو قيادي " ! .
- بين الحضور .. كانَ هنالك إثنان من حاملي درجة " بروفيسور " ، أحدهما في الهندسة والآخر في التأريخ .. آخر ، كان عضو برلمان سابق وعضوا بارزا في الإتحاد الوطني . غالبية الموجودين كانوا من سهل نينوى .. وأيضاً العديد من بيشمركة الانصار القُدامى .
شعرتُ بالخجل من نفسي .. أنا الذي لم أبلغ الستين بعد ، صاحب الكرش العظيم والطيف الواسع من الامراض .. وانا جالسٌ جنب صديقي الدكتور " حسام " الذي يقترب حثيثاً من الثمانين ، بقامتهِ الرشيقة ونشاطه الدؤوب .. كانَ يستطيع البقاء في بلد المهجَر والتمتع بتقاعُدٍ مُريح .. لكنه فّضلَ المجئ والتدريس في الجامعة هُنا .. الى جانب نشاطاته في مجالات المجتمع المدني .. حقاً انه عنوان الشباب الدائم والمُثابرة والعطاء . تحدثنا مُطولاً ، عن " المواقف الخاطئة " للحزب ، تجاه المثقفين والأدباء الكبار ، منذ عقودٍ ولحد اليوم .. إبتداءاً من بدر شاكر السياب ، الى الجواهري وعبد الوهاب البياتي ، ولا سيما يوسف الصائغ وحتى سعدي يوسف وسامي عبد الحميد ... الخ . وكانتْ آراءنا مُتقاربة كثيراً . تطرقنا الى الإنتخابات في الموصل ومتى ستجري والنتائج المتوقعة .
كَم أحسَستُ أنني صغيرٌ وقمئ .. عندما جاءني شخصٌ بشوش قائلاً ، أنه كان مُتشوقاً للتعرُف علي ، وقّدمَ نفسه : " أبو عَمشة " ! . هل حقاً هذا هو الإسطورة الذي سمعتُ عنه الكثير في الماضي ؟ نعم .. أقول صادقاً ، شعرتُ بالتصاغُر أمام قامتهِ المعنوية العملاقة . أبو عمشة ، رفيق درب توما توماس .. نموذجٌ حَي لتواضُع الكِبار .. ومن ضحايا عمليات الأنفال سيئة الصيت ، حيث فقدَ العديد من أفراد عائلته .. وهو قادمٌ من الدانمارك التي يعيش فيها .. تحدثنا في أمورٍ كثيرة ، وأبهرَني بتواضعه الجَم وآرائه السديدة المُقنِعة .. قلتُ له عَرَضاً ، أنني أتواصل من خلال الانترنيت مع صباح كنجي وكفاح كنجي .. فأخبرني انهُ عمهما ولم أكن أعرف ذلك ! .
- الاستاذ " رشيد " كان ملح السفرة ، الحافظ لمئاتٍ من أبيات الشعر المتنوعة ، فكان يتنقلُ من الجواهري ، الى الشاعر الموصللي المَنسي " بشير مصطفى " ، الى نزار قباني الى المتنبي واحمد نالبند وبحر العلوم .. الخ . وبين الحين والحين ، يُغني الشاب مُتعدد المواهب " كاروان " بعض أغاني محمد عارف جزراوي ، بصوته الشجي .
- تحدث العديد من البيشمركة القُدامى ، عن ذكرياتهم أيام النضال المُسلح .. والمعارك التي دارت في هذه المنطقة وما جاورها في سهل نينوى .. والشهداء الذين سقطوا .
- على الرغم ، من " سخافة " هذه التسميات ، لكن ينبغي الإشارة ، ان في هذا الجمع ، كان هنالك العديد من مكونات الشعب العراقي وأقليم كردستان .. فهنالك الإيزيدي والمُسلم ، العربي والكردي .. الخ . لكن المُلاحَظ هو الغالبية الواضحة للإيزيديين . فكما يبدو ، أن الشعبية التي يتمتع بها الحزب الشيوعي ، في [ سهل نينوى ] ، ترجع أساساً ، الى " الإيزيديين " بالذات .
....................................
عموماً .. ان " تواضع " الشيوعيين ، كما يبدو ، طبيعي وليسَ مُصطَنَع .. ومعظم الذين أعرفهم ، رغم كوني ، مُجّرد صديق .. ألا أنني ، أستطيع المُجازفة بالقول ، أنهم نزيهون وذَوي أيادٍ بيضاء .
وهذا لا ينفي ، إختلافي معهم في العديد من الأمور ، المتعلقة بأداءهم وطريقة تحالفاتهم وإسلوب إدارتهم ! .
 

21/4/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter