|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 23/2/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مُظاهرات العراق .. إلى أين ؟

امين يونس

لا أدري لماذا ، عندما اُراقبُ مُظاهرات الأنبار والموصل ، عن كثب .. في الأيام العادية ولا سيما في الجُمع .. فأنني لا أشعرُ بالتعاطُف المُنتَظَر ! .. في حين تَشّدني مُظاهرات العمال في اليونان مثلاً او إحتجاجات الجماهير في اسبانيا او تشيلي وغيرها وأشعرُ بالتعاطُف الكامل مَع كُل الذين يخرجون للتظاهُر ضد العولمة المتوحِشة حول العالم .. بل أنني لم أكن أنَم في لياليٍ كثيرة أبان الثورتَين التونسية والمصرية وأتابع لحظة بلحظة ما يجري في ساحة التحرير وسط القاهرة ومحيطها .. هاتَين الثورتَين اللتَين لم تكتملا ، ولكن فصولهما مازالتْ مُستمرة . أعتقد ان ما يُمّيِز الثورتين التونسية والمصرية منذ إندلاعهما ، هو العفوية التي بدأتْ بها ، و " الشباب " الذين قادوها .. الشباب غير المُلّوثين بالإنتماء الى الاحزاب السياسية .. الشباب الداعين الى التغيير والى الثورة .. المندفعين والمتكاتفين والحائزين على نَفَسٍ طويل .. هؤلاء الشباب وأصدقاءهم وأهاليهم .. هُم الذين أسقطوا حُكامهم المُستبدين .. ثم جاءت ْ الأحزاب مُحاولةً اللحاق بهم وركوب الموجة .

لا شّكَ ان لدينا في العراق ، الكثير مِما يدعو الى التظاهُر والإعتصام والإنتفاض .. هنالك الكثير من اللاعدالة والتمييز والظُلم .. هنالك الفساد المتعاظم ، هنالك إحتكار السلطة ، هنالك سوء الخدمات والوضع الأمني المُتردي .. الخ . ولكن المُظاهرات التي خرجتْ في الفلوجة والرمادي ثم إنتشرتْ بسرعة الى اماكن اُخرى ..  كانتْ في يومها الأول ممتازة وصحيحة وشعاراتها داعية الى الإصلاح الجذري وغير مُسيسة ولا طائفية وضد الطبقة السياسية الفاسدة برمتها .. ولكن سُرعان ما تلقّفها وتَبَناها طَرفان كلاهُما ليسا مَحل ثقة : شيوخ العشائر ورجال الدين ! . وهذّين الطرفَين بعد إلتحاق السياسيين الإنتهازيين الفاسدين بهما ، أفرغا المُظاهرات والإعتصامات ، من مُحتواها الثوري المنشود والمُنتظَر .. وتدريجياً أصبح صوت الشباب الداعي الى التغيير الجذري وطرد الطبقة السياسية الفاسدة ، خافتاً .. بل انه إختفى تحت وطأة تَحّكُم شيوخ العشائر ورجال الدين .

دلّوني على دولةٍ نجحَ فيها الإسلام السياسي بقيادة ثورةٍ " حقيقية " ( فحتى في إيران كان رجال الدين جُزءاً من الثورة التي إشترك فيها اليسار والنساء والقوى الثورية جميعا ) .. او إستطاع ان يُدير الحُكم بعد التغيير ( ومثال تونس ومصر خير دليل ) .. فلقد دأبَ الإسلام السياسي المُنظَم جيداً والحاصل على الضوء الأخضر من الغرب .. أن [ يسرق ] الثورات الجماهيرية ويستولي عليها .. والنتيجة الواضحة للعَيان .. هي تراجُع هذه الدُول على كافة المُستويات .. وليس إيران ومصر وتونس ، هي الامثلة فقط .. فهنالك السودان وافغانستان والصومال وغيرها . إذن ان المُظاهرات التي يقودها رجال الدين في الموصل وغيرها ، لن تفضي الى أي تغييرٍ حقيقي ، وحتى إذا أدتْ الى سقوط الحكومة ، فأن الآتي سيكون أتعس وأكثر بُؤساً . ومن البديهي ان شيوخ العشائر ، ليسوا بأحسن من رجال الدين .. فهؤلاء أيضاً ، برؤاهُم القبلية المُتخلفة وإنتماءاتهم العشائرية الضيقة .. ليس من أولوياتهم مُستقبل الوطن ولا الجماهير العريضة .

هذا لايعني على الإطلاق .. انه لاينبغي التظاهُر ضد الحكومة ، او الإعتراض على كُل السلبيات الكبيرة الموجودة .. بل على العكس من ذلك .. يجب تصحيح مَسار الإحتجاجات ، وتخليصها من نفوذ وسيطرة رجال الدين وشيوخ العشائر .. وتوسيع جغرافيتها لتشمل كُل العراق .. بحيث تكون غايتها : الإصلاح الجذري والحقيقي لمنظومة الحُكم .. وليسَ إستبدال فاسدٍ ومُستبِد .. بِفاسدٍ ومُستبدٍ من نوعٍ آخر !.

   

22/2/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter